آخر تحديث: 28 / 7 / 2025م - 5:42 م
الأكثر قراءة هذا الشهر
المقالات الأكثر قراءة
حدَث في المستقبل
هناء العوامي - 26/07/2025م
بقي خالد وماجد يتكلمان باستخدام تطبيق الترجمة السريعة لعشر دقائق كاملة قبل أن يلاحظا أنهما يتكلمان نفس اللغة ونفس اللهجة! هما الآن في القمر تيتان وفي السنة الحادية والعشرين من الهجرة، هجرة الفوج الأول من الأرضيين من غير البعثات العلمية إلى تيتان، الهجرات المدنية كما يسمونها.. خالد طاعن في السن، لكنه بصحة ممتازة بفضل الروبوتات الدقيقة التي حقنها الزطاريخ في دمه قبل إرساله إلى تيتان، بما أنه كان من أوائل...
قطعةُ قَنْدٍ تحتَ لساني
حسين الخليفة - 24/07/2025م
سأضعُ قطعةَ القَنْدِ تحتَ لساني وسأشربُ الشايَ برشفاتٍ بطيئة ربما تذوبُ قطعةُ القَنْدِ قَبْلَ الانتهاءِ مِنْ شربِه ربما يبقى في استكانتي شيءٌ، وهي تذوب ولقد انتهي مِنَ استكانتي، وقطعةُ القَنْدِ تبقى هكذا تتنافسُ المرارةُ والحلاوةُ على إلهائي على إبقائي جالساً مُتسمِّراً في مقهى حياةٍ ليستْ لي لأكونَ الملعبَ ولتكونَ روحي الجمهور ولترسمَ المرارةُ والحلاوةُ يومياتي أبقى هكذا منتظِراً نادلَ مقهاي هو لا يُحدِّثُني، بل يُلَوِّحُ بيدِه يُفهمُني أنَّ رحيلي قد حان وأنا بينَ القَنْدِ وبينَ الشاي ماكنتُ سوى نفخةِ روحٍ نفخةِ روحٍ تَخرجُ مِنْ...
وفي يديهِ السماءُ..
علي مكي الشيخ - 24/07/2025م
وفي يديهِ السماءُ.. بين يدي الشاعر والناقد الكبير السيد محمد الخباز.. وهو يشتلُ بقايا ما وهبته الطبيعة من آدمية المكان ويدخل في ذاته كل أبواب اللازمان.. تحية لروحك التي تتأرجح بكل تفاصيل الجمال.. كان يمشي.. وفي يديه السماءُ و بعينيه.. ترقصُ الأشياءُ صار.. ثوبًا يزررُ الوقت فيه من نسيجِ الهوى فيحلو اللقاءُ صار.. لصًّا، كعروةِ الورد،حتي أقنعَ الوهمَ أنه.. الحدّاءُ صار.. نايًا فأربكتهُ الليالي.. والليالي، يهزهنّ الغناءُ صار.. ذنباً، فأخطأته المرايا والهوى لغزُ خلدِهِ.. الأخطاء صار.. مخطوطةً، يحنطه الغيب ويدري، أن الفناءَ ابتداءُ صار.. لاشيء،...
حين ارتدى الصمت اسمي
عبير ناصر السماعيل - 21/07/2025م
حين ارتدى الصمت اسمي نص نثري درامي فلسفي – ليست كلّ اللقاءات تبدأ بكلمة، بعضُها يبدأ عندما يسقط القناع... وتتكشّف الذات في حضرة من لا يطلب شرحًا. قناع الألفة في وجوهٍ كثيرةٍ مررتُ بها، بعضها نقوشٌ على الماء تمحوها أول ريح، وبعضها ريحٌ في الفراغ لا تحمل سوى رائحة الوقت الضائع. وجوهٌ كانت تسألني: من أنت؟ فأجيب بصوت مكسور: لا أدري... ربما أحد. خيانة الوجه في كل محطة، كان هناك من يمد يده إليّ بقناع جديد، يقول: "البسي هذا، هكذا تكونين جميلة." "البسي هذا، هكذا تكونين...
على حافة الجوع - صفحة من مذكرات رجل فلسطيني
هناء العوامي - 20/07/2025م
‎أنا محمد، عمري تسع سنوات... لكن لا تتكلم عني - من فضلك - بصفتي طفلًا، ليس وأنا أشعر أنني المسؤول عن أمي وأخواتي الثلاث، عن حمايتهن وإطعامهن. أصبت قبل عدة أشهر بجرح رصاصة في ذراعي اليسرى، لحسن الحظ لم يُصَبْ سوى الجلد، ومُسَّ اللحم قليلًا. ضمدته أمي في البيت بِخِرَقِ ملابسها القديمة. لم نجرؤ على التوجه إلى المستشفى، فالمستشفى مُكتظٌ، وعُرضةٌ بدوره لأن يكون في مرمى القنابل. لا أعرف.. ربما...
اغْتِرَابٌ
مطران العياشي - 18/07/2025م
اغْتِرَابٌ الـسَّـعْدُ بَــابَ وَصَـبْـرُ الـنَّفْسِ مِـفْتَاحُ وَفِــي فَـمِيْ طَـائِرُ الأَشْـجَانِ يَـجْتَاحُ إِذَا بَــنَــيْـتُ مِــــنَ الآمَــــالِ مَــرْكَـبَـةً تَــذَكَّـرَ الـفِـكْـرُ أَصْـحَـابًـا لَـنَـا رَاحُــوْا يَــا رَبُّ عِـشْـتُ حَـيَـاتِي كُـلَّـهَا كَـمِـدًا هَــــــــمٌّ وَغَــــــــمٌّ وَآلَامٌ وَأَتْــــــــرَاحُ إِنْ جِـئْتُ أَسْـلُوْ تَـلَوَّى الحُزْنُ مُنْتَفِخًا وَإِنْ غَــفَـوْتُ عَـــدَتْ لِــلْـرَّاحِ أَشْـبَـاحُ كَــيْـفَ الـنَّـجَـاةُ أَيَـــا رَبَّـــاهُ مَـرْحَـمَةً فَــقَـدْ تَـفَـجَّـرَ مِـــلْءَ الـصَّـدْرِ إِلْـحَـاحُ يَـــا رَبِّ مَـــا هَـــذِهِ الـدُّنْـيَا بِـمُـنْصِفَةٍ خِـــــلًّا أَسَــارِيْــرُهُ نُــــوْرٌ وَمِــصْـبَـاحُ تَـــكَــالَــبَ الآهُ وَالــدُّنْــيَــا تُــــــؤَازِرُهُ أَنَّـــى لِـقَـلْـبِيْ بِــهَـذَا الـجَـمْـعِ يَـرْتَـاحُ الــكُـلُّ يَــلْـوِي إِلَـــيَّ الـظَّـهْـرَ مُـتَّـقِـدًا غِـــلًّا كَــأَنِّـي عَــلَـى الأَعْــنَـاقِ ذَبَّــاحُ تَـضَـعْضَعَ الـجُـنْحُ بِــالأَرْزَاءِ مُـنْـكَسِرًا هَـلْ يَـجْبُرُ الـكَسْرَ...
براعة مقدمات الشعر الحسيني.. المباشرة.. والغزل.. والحكمة
سلمان محمد العيد - 17/07/2025م
1/ تمهيد: تعد المقدمة أو التمهيد في القصائد الشعرية العربية من عوامل نجاح القصيدة، بل تعد أهم العوامل التي تستدعي القارئ «أو المتلقي بشكل عام» أن يواصل «أو لا يواصل» في التفاعل مع القصيدة «استماعا أو قراءة»، لأن المهمة الأساس لمقدمة أي قصيدة شعرية عربية تتمثل في جذب الانتباه، وتهيئة المتلقي للموضوع الرئيسي للقصيدة، وقد تعطي تنبيها لهذا الموضوع، ولذا فهي تصلح عنوانا رئيسا للقصيدة. ولأن الموضوعات التي يتناولها الشعراء مختلفة،...
قلب لا ينكسر.. صفحة من مذكرات سيدة فلسطينية
هناء العوامي - 17/07/2025م
لقد نفد العدس.. منذ يومين نفد... ومنذ ذلك الوقت وأنا أتظاهر بأنني في نهار رمضان، أتصفح القرآن وأصلي. أعيش وحيدة بعد استشهاد أبي وموت أمي بمرض في القلب، لدي أقارب تفرقوا في الأرض بسبب الحرب ولا وسيلة اتصال تمكنني من معرفة أحوالهم. توجد نقاط لتوزيع غذاء مجاني لا أعرف مصدره، سمعت عنها.. لكنها بعيدة جدا ولا أشعر أنني أقوى على المشي تلك المسافة كلها، خاصة وأن الجوع يشعرني بالدوار.. كما أن الطريق لها...
مُسَهَّدُون
عماد آل عبيدان - 17/07/2025م
مُسَهَّدُون مالي وسهدِ الليالي؟ لستُ أملكُهُ، لكنَّ قلبي على الأشواقِ يرعاهُ نامتْ مدائنُ من حولي وما خفَتَتْ، نيرانُ وجدٍ، وفي صدري سقاياهُ يُحدّقُ الصمتُ فينا، ثمّ يُرجِعُنا، لِوهجِ نارٍ طوينا في حناياهُ تُديرُ عيناهُ سُهدًا كنتُ أعرِفُهُ، وقد سَكَنَّا إليهِ… الشوقُ مأواهُ يا أيّها الليلُ، هل تُخفى سكينتُنا؟ أم أنّكَ الداءُ… والأوجاعُ مَسراهُ؟ نمضي التراتيلَ، والأرواحُ في غُرُبٍ، كأنّها الحُلمُ، لا يصحو مُناداهُ مَن للحَنينِ إذا أفضى لِهَمسَتِهِ؟ والعُمرُ يأفلُ، قد تاهتْ زواياهُ أهذي، وتنعكسُ الأرواحُ في ألمي،...
الأخت.. فكرة أمٍ ثانية
حبيب المعاتيق - 17/07/2025م
الأخت.. فكرة أمٍ ثانية ‎يقال أن الأخت في طفولتها تمارس اللعب مع أخيها بتقمص دور الأم ثم تكبر وتجتاز الطفولة كلها ‎عدا هذا الدور. ‎أهديها إلى أخواتي واحدة واحدة ‎مازالَ لي مِن حَنانِ الأُمِّ مُتَّسَعُ ‎حتى تُرَنِّحَني الدُّنيا ولا أَقَعُ ‎مازالَ لي بَعدَها ظلٌّ أَلُوذُ بهِ ‎كما يَلُوذُ إلى ضَمادِهِ الوَجَعُ ‎مازالَ لي رِئةٌ أُخرى تُساعِدُني ‎عَلى التَّنَفُّسِ أَنّى كادَ يَنْقَطِعُ ‎تُصرُّ لمسةُ أُختي أن تُرَمِّمَ لي ‎وَجهًا بِمِطرَقَةِ الأَيّامِ يَنصَدِعُ ‎في ها هُنا ألمٌ، اللهُ يا يَدَها ‎عَلى مَواجِعِ رُوحي حينَما تَضَعُ ‎ٍوهاهنا...
يُطهّرهم ويلوّثون سمعته
عبد الباري الدخيل - 16/07/2025م
جمع أسرته في الغرفة التي كانت مجلسًا، ثم تحولت لقاعة طعام، فالزيارات انقطعت منذ زمن ولم يعد بحاجة لمجلس. دخلت زوجته ثم ابنته وولديه، فرأياه يضع رأسه بين ركبتيه، احتواهم الصمت، ينظرون لأمهم ثم لبعضهم وسؤال يكاد يهرب من عيونهم: ماذا جرى؟ قال: من اليوم لن نخرج من المنزل، سنطلب حاجاتنا من البقالة وسيوصلها العامل للباب. قالت زوجته: ما الذي حدث؟ يعود الصمت ليعانق الجميع. تقترب منه ابنته وتهمس: ما الجديد يا أبي؟ قال وقد انهمرت...
كينتسوجي الروح: حين تتحول كسورنا إلى خطوط من ذهب
عبير ناصر السماعيل - 13/07/2025م
عن الجرح الذي لا يُخفى... بل يُحتفى به. بعض النصوص ليست مجرد حكايات، بل مفاتيح تفتح أبوابًا خفية في الروح. هذا ما شعرتُ به وأنا أقرأ قصة ”إيمان وصلاة الشمال“ للأستاذ حسن البطران. في أحد مشاهدها، رأيت ”إيمان“ تركع على الأرض تجمع شظايا كأسٍ مكسور. لكنها لم تكن تلملم زجاجًا فحسب، بل أجزاءً من نفسها المبعثرة، في فعل صامت من الصمود واليقين. هذا المشهد، بهدوئه وقوة رمزيته، استدعى فورًا إلى ذهني فلسفة يابانية قديمة...
ظِلُّ الجَوانِحِ والندوب
عماد آل عبيدان - 07/07/2025م
ظِلُّ الجَوانِحِ والندوب ‏ما عادَ فيَّ رجاءٌ.. كُلُّهُ سَفَرُ ‏فَهَل يعودُ جَناحُ الطيفِ، والذِّكَرُ؟ ‏تَهوي الملامحُ في مرآةِ غربتها ‏وَيُخْنَقُ النبضُ، والأشباحُ تَندَثِرُ ‏هل كُنتُ نفسي أنا؟ أم ظلَّ خيبتِها؟ ‏كأنني طيفُ من كانوا، ومن عَبَرُوا ‏عُمري غُبارُ مجازٍ في مدى ولهي ‏تغتالُني فيه أشواقٌ وتَنْصَهِرُ ‏عن مُقْلَتَيَّ تَوَارَوا في البعيدِ، وما ‏سِوَى الدُّموعِ على خَدَّيَّ تنهمرُ ‏أشتاقُهمْ وَتَراً، يُجتاحُنِي سَقَمًا! ‏إِنَّ الجَمالَ إِذا ما اجتاحَكَ الوَترُ! ‏كلُّ الزوايا سكونٌ، لا يُحادثُني ‏سوى جدارٍ بكى، والضوءُ يَنفَجِرُ ‏لمّا أتى الطفُّ، كم أغرى الحنينَ دَمٌ ‏وفي فؤاديَ...
ميزانُ كاليوس: وزنُ الروحِ المُختلفة
عبير ناصر السماعيل - 07/07/2025م
في هذا السفر الشعري الفلسفي، نحمل ميزان كاليوس، ذاك الكائن المتخيَّل الذي لا يزن الأجساد، بل الأرواح المختلفة. رحلةٌ من خلال ظلال الذات، وتشوهات الجمال، وتمرد العقل، تولد فيها الروح في زمن الاعوجاج، لتعيد اكتشاف نعمتها المقدَّسة كما خُلِقت... عملٌ موزون بين الميثولوجيا والبوح، بين الحكمة والحيرة، وبين نشاز العالم وانفراد النغمة الداخلية. المحور الأول: الظلُّ الثالث أقنعةُ إيكو كانوا يحملون مرايا مشوَّهةْ... يعكسونَ وجهًا واحدًا للجمالْ... وأنا... أقفُ أمامهَا... أرى وجهي يتشظَّى... ألفَ قطعةْ... كلُّ قطعةٍ...
تَمْتَمَاتُ الْفَجْرِ
ناجي وهب الفرج - 07/07/2025م
تَمْتَمَاتُ الْفَجْرِ صَحَوْتُ بِفَجْرٍ غَشَانِيْ ضِيَاهُ وَأَضْفَىْ عَلَيْنَا بِصَفْحٍ جَلَاهُ وَأَسْدَىْ إِلَيْنَا بِزَهْوِ الصَّبَاحِ مَلَاهُ بِشَوْقٍ شَدَاهُ هَوَاهُ ذَكَرْتُ بِهِ مَا رَوَانِيْ بِصَفْوٍ فَمَالَتْ غُصُوْنٌ رَوَاهَا نَدَاهُ وَكَمْ زَانَ فِيْهِ بِحِلْوِ شُرُوْقٍ بِمَالَمْ يَكُنْ مِنْ مَثِيْلٍ عَدَاهُ شَرِبْتُ بِمَا قَدْ سَقَانِيْ بِغَزْرٍ فَعُدْتُ بِعَبْقٍ هَوَانِيْ شَدَاهُ تَنُوْءُ بِهِ مِنْ كُلُوْمٍ بَلَتْنِيْ إِلَىْ أَنْ صَفَاهُ بِبِدْءٍ نَهَاهُ فَهَذَا الْمَكَانُ يَفِيْضُ حَنَانًا تَرِقُّ لَهُ مِنْ دُعَاءٍ رَوَاهُ فَفِيْهِ يَشِيْعُ الْأَمَانُ بِرَتْبٍ لِمَا كَانَ فِيْهِ بِصَبْرٍ حَوَاهُ يَرُوْقُ بِهِ مِنْ نِشَادِ الطُّيُوْرِ تَزِفُّ غِرَادًا لِحُسْنٍ مَنَاهُ صَغَتْهُ لِحَانًا مَلَتْهُ بِشَغْفٍ بِمَا كَانَ مِنْهَا...
هوَ
حبيب المعاتيق - 03/07/2025م
هوَ هو ذا يَضيقُ عليهِ جِلبابُ الأسى شيئًا ويَكبرُ في الحقيقةِ ظِلُّهُ هو ذاكَ أكثَرُ مِن دُموعِ العالمينَ أَقَلُّهُ هو ذلكَ المعنى الكبيرُ على التأمُّلِ بَعضُهُ في الحُبِّ أن يُبكى عليهِ وكُلُّهُ… اللهُ أَعلَمُ كيفَ يُحسبُ كُلُّهُ هو ذلكَ الطّفلُ الذي يَلهو على كَتفِ النبيِّ تَنَكَّرَتهُ الريحُ في البيداءِ لما أن تَغَيَّرَ من أذى لَفحِ الرّمالِ ومِن لَظى الظّمَءِ المُبرِّحِ شَكلُهُ هو ذلكَ الخَدُّ الذي يَغفو على لُعزِ الخلودِ تَخَبَّأَ تحتَ شيبتِهِ الخَضيبَةِ حَلُّهُ هو كِدتُ أَعرِفُ مُذ أَظَلَّ رَواحِلَ الأحرارِ في الدنيا لماذا ماتَ لا شيءٌ على...
سقوط القصر الوهمي
عبير ناصر السماعيل - 03/07/2025م
حين يُصوّر الصمت ذنبًا، ويُلبَس الرفضُ ثوب الجحود، لا تكتب لتشرح... بل لتُنقذ ما لم يُقَل. تأتيني كصدىً مُتَهمٍ: ”ظلَمتِني“. وأنا، في هدوء الحقيقة، أُجيب: بل أنتَ من ظلمَ نفسَك. ظلمتَها يومَ رفعتَ بنيانكَ في الفراغ، قبل أن تمنحكَ الأرضُ شرفَ الثبات. بنيتَ من سرابِ خيالكَ قصرًا، وأسكنتَني أروقته دون أن تملك له مفتاحًا، دون أن تطرق بابه، ودونَ أن تسأل إن كانت روحي تألفُ الجدران. أشعلتَ من هشيمِ الوهمِ نارًا عظيمة، ثم ملأتَ الفضاء صراخًا: ”احترق! أنقذيني!“ وكيف أُنقذُ غريقًا يعشقُ الغرق...
مثاليَّة المفكِّر في رواية ”الرِّباط المقدَّس“ لتوفيق الحكيم
حسن الحضري - 02/07/2025م
قدَّم الكاتب الروائي المصري توفيق الحكيم في روايته ”الرباط المقدس“ رؤيته حول ما يجب أن يتوافر في شخصية المفكر من صفات، باعتباره أحد مصابيح الظلام التي تهتدي بها الأمَّة، وقد رمز توفيق الحكيم لشخصية المفكر في روايته باسم «راهب الفكر»، ثم أسقط عليه من الدلالات ما يرفعه إلى درجة المثاليَّة؛ فإنَّ ذلك المفكر قد «أحسَّ تبعة تأثيره في الناس فأخذ عمله مأخذ الجد، ولم يشأ أن يخادع الناس فيقول...
أَنِيْنُ الطُّفُوْفِ
ناجي وهب الفرج - 28/06/2025م
أَنِيْنُ الطُّفُوْفِ وَهَلَّ الْمُحَرَّمُ طَافَ نِوَاحَا وَكَانَ لَنَا مِنْ أَنِيْنٍ قِرَاحَا فهذا النَّبِيُّ يَفِيْضُ بِدَمْعٍ عَلَاهُ نَحِيْبًا لِوَجْدٍ رِوَاحَا وَهَذَا الْوَصِيُّ يَنُوْءُ بِجَنْبٍ لِهَوْلِ الْمُصَابِ كَفَاهُ مَنَاحَا يَئِنُّ زَفِيْرًا لِوَقْعٍ وَعَاهُ لِمَا قَدْ نَبَاهُ وَفَاضَ صِيَاحَا كَأَنَّ السَّمَاءَ بِحُمْرٍ تَرَاءَتْ وَأَبْدَتْ نِزَاعًا وَصَارَتْ طِرَاحَا حُسَيْنٌ وَلَسْتُ بِنَاسٍ حُسَيْنًا كَفَانَا الْمُصَابُ وَزَادَ كِسَاحَا وَلَهْفِيْ بِجِسْمٍ تَبَارَتْ عَلَيْهِ خِيُوْلُ الْعِدَىْ قَدْ مَنَتْه جِرَاحَا فَآهٍ لِتِلْكَ الْمَآقِيْ بِشَجْنٍ تَسِيْلُ بِغَزْرٍ سَقَتْهُ بَوَاحَا وَنَاءَ بِعِنْوِ الْجِرَاحِ جَدِيْلًا وَأَهْوَتْ بِطُهْرٍ كَسَتْهُ رِمَاحَا فَيَا شِبْلَ طَهَ نَعَتْكَ السَّمَاءُ وَضَجَّ الْمَلَاكُ بِرُزْءٍ نِيَاحَا رَسَمْتُ عَلَيْكَ بِنَاءً قَوِيْمًا وَأَنْما رَفِيْعًا...
وحدي ودموعي
عبد الباري الدخيل - 18/06/2025م
”الوحدة هي ألا تجد من تخبره بألمك“ ما هذا الصباح المختلف؟ فنجان قهوة بارد على طاولة الإفطار وكأنه تتمة لرسائل وصلتني البارحة. ولوحتي السريالية المحببة، لنمر مكبل بالسلاسل يزأر في الفراغ، وغزال ينحني ليشرب من النهر تحت نظرات ثلاث سيدات، وفتاة تتأرجح بهدوء كأنها خارج كل هذا الجنون، اشتراها لي «مجيب» من أحد معارض الفنان التشكيلي حسين أبو حسيّن، تسقط من علوها وينكسر إطارها. دب بني صغير أهداني إياه في عيد ميلادي، يختفي وكأنه...
صمود
هناء العوامي - 16/06/2025م
أصبحت نوال في السبعين، سبعون سنة أرضية. شعرها أبيض كالثلج، هي لا تصبغه، لم يعد أحد يفعل. كل ما كان في شبابها من المسلمات أصبح ترفًا لا يتمناه أحد. لا أحد يريد سوى وجبة جيدة وهواء نظيف، وألا يموت من الحر. حتى العدسات التي تريك الأشعة تحت الحمراء لم تعد سلعة مرغوبة، إذ إن معظم الناس بات يفضل عدم رؤية الرعب الكائن حوله. ثلث مياه الأرض قد اختفت منذ بدأ احتلال ”الزطاريخ“،...
أهداب الروح
يسرى الزاير - 15/06/2025م
فوق أول عتبات الذاكرة علقت على أهداب الروح دمعة وكأنها موجة. طوفان عاتية عمداً تحجرت. لا تستغرب قارئي العزيز فهكذا هي الكلمة تصنع من المستحيل معقولاً، ها أنا بكلمة جعلت الموجة تتحجر! ولما لا ونحن في زمن اللامعقول واللامعنى..... فلن تقتلني كلمة، ولن يحيني معنى. فقط عقلي المعتم يرى النور في الكلمة، ويجوب بلا إذن دهاليز الكون بلا معنى. قد تحملك الكلمة إلى أقاصي الحلم ملكاً متوجاً حكمة، ثم تسحقك سحقاً كما نملة بلا معنى سدى...
هذيان
نجاة الفريد - 11/06/2025م
هذيان عندما يذهب الحب تتبعثر كل الكلمات تتذبذب كل الهمسات تتلاشى تلك الأحاسيس المرهفة من الوجود إلى اللاوجود لايوجد مايلملمها مجدداً ولايمكن ارتواؤها بعد جفافها أبداً يستحيل رجوعها بعد المُضي والانقطاع فهي صارت هباءً بعد الضياع لماذا..؟ لأنها تهاوت.. ذهبت.. وباتت كأمواج البحر تتلاطم مع نسمات الهواء الباردة في شتاء ليلٍ قارس فلايوجد مايهدئها، كي تعود لسابق عهدها لأنه من الصعب لملمة شتات إنسان بات يائساً أمام شعور اللاعودة هو ذلك الشيء المحبط الذي يشبه صراخ طفلٍ ينتظر نظرة حنان من إمرأةٍ ليسمتد منها القوة ينتظرُ يداً حانيةً...
جِمَارُ الْهَوَىْ
ناجي وهب الفرج - 11/06/2025م
جِمَارُ الْهَوَىْ فَمَا لِيْ بِبُعْدٍ خَفَاهُ الْغِيَابُ وَزَادَ لهُ مِنْ عَنَاءٍ نِدَابُ فَيَا شَاغِلًا قَدْ وَعَتْكَ الْلَيَالِيْ وَعَمَّ بِهَا مِنْ حُرُوْرٍ ضَبَابُ فَعَرَّجْ لِصَوْبٍ وَتَمْتِمْ عَلَيْهِ يَهُوْنُ الْأَسَىْ مَا حَلَاهُ شَرَابُ سَئِمْتُ بِمَنْ قَدْ جَفَانِيْ بِهَجْرٍ وَزَادَ بِهِ مِنْ جَفَاءٍ عِتَابُ فَكَمْ نَالَ مِنَّا الزَّمَانُ بِوَخْزٍ إِلَىْ أَنْ تَرَامَتْ بِفَصْلٍ نِهَابُ فَمَهْلًا بِنَا يَا ضِبَاعَ الْفَيَافِيْ تَرَامَتْ بِنَا مِنْ طِرَاقٍ صِبَابُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَنَانٍ يَضِمُّ تَعِجُّ نُغُوْصٌ تَعِزُّ صِحَابُ هُوَ الْحُبُّ مَا نَالَ مِنْهُ بَحَوْزٍ غَدَاهُ بِصَوْلٍ وَجَالَ هِضَابُ وَإِنْ فَاءَ فِيْهِ بِظِلٍّ حَمَاهُ فَأَلْقَىْ عَلَيهِ...
أنتَ الحُلمُ إذ لاحَ الهوى
عماد آل عبيدان - 09/06/2025م
يفيضُ القلبُ بما لا تُطيقه الحروف، وتتعثرُ اللغةُ أمام ملامحٍ لا تُروى، فتنسلّ القصيدةُ من نَفَسٍ دافئ، ومن رعشةِ شوقٍ تشبهُ الضوء حين يُولد من خفقةِ قلب. هي وشمُ حنينٍ على ذاكرةٍ خَفَتَ فيها الصوت وبَقِيَ الصدى، نداءُ روحٍ لم تَعد تقرأ الملامح بل تُبصرها في الحُلم… حين يُطلّ الهوى فلا يُرى، بل يُحَسّ، وحين لا نكتبُ الحبيب، بل نكتبه، لأننا لا نحتمله في الغياب إلا بالشِّعر. “أنتَ الحُلمُ إذ لاحَ الهوى” أأنتَ البدرُ أم فجرُ التمنّي؟ وفي عينيكَ ترتحلُ الرُؤاهُ؟ وتمشّي النورَ...
لن تكون رسولًا: قراءة في نبوءة الشعر عند علي مكي الشيخ
عماد آل عبيدان - 06/06/2025م
حين تهمس القصيدة من خلف الوحي، لا بمداد الدين، بل بمداد الدهشة، وتطلّ من شرفة المجاز لا على العالم، بل على الذات، فإننا نكون أمام نصٍّ استثنائي لا يُقرأ، بل يُستَقبل ك ”نُبوءةٍ لغوية“، يتّكئ على نار الرؤيا لا برد المعاني، وعلى رعشة اللايقين لا يقين البلاغة. هكذا تُولد قصيدة ”لن تكون رسولًا“ للشاعر علي مكي الشيخ: لا لتُناقَش كما تُناقَش النصوص، بل لتُحفر كما تُحفر الأساطير، وتُشم كما يُشم...
احتلال
هناء العوامي - 06/06/2025م
خالد يتأمل ناره المتراقصة وهي تنهش كبد السماء، يحتسي قدرًا يسيرًا من قهوته ويترنم: ”يا نار شبي من ضلوعي حطبكِ“... مر زمن طويل منذ رأى أشياء غريبة في الصحراء وهو يشعر بمزيج غريب من الاطمئنان والتوق إلى أن يراها ثانية، الترقب ظل شعورًا يخالجه ولم يعد يستمتع بالهدوء والسكينة ورحابة المكان كما كان يفعل سابقًا، شيء ما ناقص. ”لا ترغب في شيء“، قال لنفسه، ”لا ترغب في شيء ولن يؤذيك شيء“، ”من صاحب...
لن تكون رسولا
علي مكي الشيخ - 05/06/2025م
لن تكون رسولا قالوا.. بأنكَ لن تكونَ رسولا فأجبتُ:أنزلني الهوى تنزيلا لأمارسَ اللاشيء، قبل حدوثهِ وأصيرَ قبلَ سؤاله، مسؤولا وفمي.. لغيرِ المعجزاتِ، محرّمٌ والشعر لم يسكنْ فمًا مأهولا يصطادني.. وحيٌ بحجمِ طفولتي فأرى المجازَ يصوغني، جِبريلا وجهي.. ببعضِ الأنبياءِ ملطّخٌ وعلى شفاهي لم أكنْ إنجيلا ما بينَ أضلاعي، بقايا متحفٍ لملائكٍ، نحتوا الهوى تأويلا سقطتّ على ورقِ القرنفلِ، ضحكةٌ فتوسّدتْ إعجازها.. تقبيلا فهرستُ.. آخرَ برزخٍ في لعنتي.. فوجدتُني، بشرًا يزيدُ قليلا...
غوايةُ الحروف
عماد آل عبيدان - 05/06/2025م
غوايةُ الحروف لا أثقُ الحرفَ، لا أُسلِمْ له قلقي ما عادَ يَصدُقُ في صمتٍ يُواريهِ يُغري بسحرٍ، ويبني الوهمَ من شغفٍ بابًا لعتمٍ تُغنّيني أمانيهِ يُملي وعودًا على سمعي براءتُهُ لكنّها سَرَبتْ صمتًا يُباغيهِ كم خِلتُهُ صادقًا، والآنَ أنكِرُهُ صوتٌ يُراوغُ في صمتٍ يُناجيهِ أُغري به طفلَ وجدٍ لا براءةَ في عينيهِ، يَقْتادُ قلبي ثمَّ يُرديهِ يمشي إليَّ، وفي كفّيهِ زنبقةٌ لكنَّهُ يُخفي الأشواكَ في فيهِ يا حرفُ كم خادعتني فيكَ ذاكرَتي حتى سَقاني سرابًا من أمانيهِ ما عدتُ أُصغي لأحلامٍ تُنادمني فالحرفُ أضحى جراحًا في...
لمسة العيد
نجمة آل درويش‎ - 31/05/2025م
لمسة العيد دفنتْ الأسى حينَ التقيتك، وكانتْ منكَ كلمة تساوي عمرا منْ الابتسامات أحدثك فأنسى الزمنَ والمسافات، قريب مني، حتى أنكَ تلتقطُ ما يدورُ في ذهني، وتفعلهُ … لا لشيء إلا لأبسطني، لترى قلبي يفيضُ بالحقيقة، ولتثبتَ اتحادِ أرواحنا. و شعورنا؟ كريحِ يوسف حينَ شمها أبوهُ النبي، فأنبئْ بقربه، هكذا كنا … ولا زلنا. رغمَ اختلافاتنا، قريبانِ منْ بعضنا، لا تنال عيوننا الراحة، وقلبٌ منا يبكي ومع ذلك، نصنع، ولو شيئًا صغيرًا، لأننا نعرف أننا، كالأطفال، ننتظر… ولو نظرة من العيد....
قراءة في قصيدة ”من مخاض السماء“ للشاعر الأستاذ محمد جعفر الحيراني
عماد آل عبيدان - 30/05/2025م
هنا لا قصيدة تُقرأ، بل مناجاة تُبكى، وسجدة تُتلى، ووحي يُغمس في الحنين. ”من مخاض السماء“ عنوانٌ لا يختبئ خلف البلاغة، بل يتقدم بها؛ يشقُّ سُحب اللغة ليعلن أن ما سيأتي ليس شعراً فحسب، بل ولادة معجزة، فيها من الطهر ما يبرر نزولها من أعلى، ومن الألم ما يجعلها ”مخاضًا“ لا يُحتمل إلا بحبٍّ مبرّح. ”مِنْ مُخَاضِ السَّمَاءِ، مِنْ رَحِمِ الغَيْبِ، تَجَلَّتْ وِلَادَةٌ عَنْ سِجَافِ“ في هذا العنوان، تتقاطع أنوثة السماء مع رجولة...
رَكَائِزُ رُبْعِيْ
ناجي وهب الفرج - 27/05/2025م
رَكَائِزُ رُبْعِيْ شَهِدْنَا بِرُبْعِيْ عُزُوْمًا كَثِيْرَا وَفَاضَ بِهَا مِنْ عُلُوْمٍ وَفِيْرَا فَإِنْ نَالَ مِنْهَا صِعَابٌ عَدَتْهَا عَلَتْهَا رِجَالٌ بِرَكْزٍ قَرِيْرَا وَتَمْضِيْ السُّنُوْنُ تَوَالَتْ سِرَاعًا وَأَفْضَتْ بِكُنْهٍ لَقَتْهُ بَشِيْرَا فَهَذَا الْعَطَاءُ يَفِيْضُ بِوِسْعٍ وَيَصْبُوْ إِلَىْ مَا وَرَاهُ نَفِيْرَا جَلِيْلٌ أَيَا مَنْ بَنَاهَا بِخُلْقٍ حَفَاهَا بِجُوْدٍ رَوَاهَا غَزِيْرَا وَهَذَا عَلَاءٌ مَضَاهَا بِصَبْرٍ وَكَانَ وَدُوْدًا بِجَمْعٍ شَهِيْرَا وَمِنْهَا حُسَيْنٌ نَمَاهَا بِحَزْمٍ وَصَارَ عَلَيْهَا بِرُشْدٍ مديرَا وَفِيْهَا سَمِيْرٌ يَرُوْحُ وَيَغْدُوْ بِعِلْمٍ وَفِيْرٍ تَرَاهُ جَدِيْرَا وَهَذَا الزَّكِيُّ يَرُوْمُ بِجُهْدٍ وَكَانَ عَلَىْ مَا وَلَاهُ قَدِيْرَا فَكَمْ زَادَ فِيْهَا بَهَاءٌ تَجَلَّىْ وَصَارَ لَهَا فِيْ صَبَاحٍ...
ظلّ الساقية
عماد آل عبيدان - 26/05/2025م
في أقصى الطرف الجنوبي لبلدةٍ نسيها الزمن، حيث لا تصِل الكهرباء إلا بعد الفجر، ولا تغادر الذاكرة إلا بعد أن تُطفئ السواقي أنينها، كانت هناك ساقيةٌ منسية. يحلف أهل البلدة أن ماءها لم يجف منذ مائة عام، ويهمس الشيوخ في المساجد أن صوتها يشبه أنين روح لم تكتمل مغفرتها. عاش ”سلمان“، الفتى الثلاثيني الذي عاد من المدينة بعد سنوات من التيه، في بيت الطين المجاور للساقية. قالوا إنه عاد مكسورًا، وقال...
صار ما صار
يسرى الزاير - 23/05/2025م
يحدث أن تغلب عليك روح السلام حتى تصبح بنظر البعض صخرة لن تهرب من مكانها مهما واجهت من عداء. صار ما صار فأنت ذاك الشخص الصامت المشار له بالبلادة حيناً وحيناً آخر باللامبالاة. فهكذا هم الثرثارون من حولك ذوي الأفواه الكبيرة والعقول الضامرة والضمائر الغافية خلف النوايا الغادرة، ففي حال سقوط الستار عنهم وانكشافهم يسارعون بطمر أنفسهم بوحل النفاق والكذب. كم وكم من الناس انقلبت حياتهم رأسًا على عقب؛ بسبب شيء صار وشيئاً ما...
بكاءُ القلبِ في رحيلِ الطاهر
عماد آل عبيدان - 21/05/2025م
بكاءُ القلبِ في رحيلِ الطاهر حين يرحل الطاهرون، لا تبكيهم الكلمات بل تُنصت لهم القلوب، وتكتسي الأرواحُ بثوب الأسى. في رثاء سماحة الشيخ صادق بن الملا حسن المقيلي «أبو طاهر»، هذا القلب ينثر دموعه شعرًا، ويُودّع قامةً مضيئةً بالنور والتقوى والعطاء. رحل من كان للناس أبًا، وللدين عمادًا، وللمحراب روحًا، فكان لا بدّ من قصيدةٍ تبكيه كما يليق به… لو قيلَ: طاهِرُ، صوتُ الحزنِ قد وجَبا وفجَّرَ الفجرُ صدرَ الليلِ ما التهَبا وناحَ منبرُ قرآنٍ ومئذنةٌ كأنّما...
قراءة لقصيدة ”أَنَّةُ الْوَلْهَانِ“ للشاعر ناجي وهب الفرج
عماد آل عبيدان - 19/05/2025م
في قلب القصيدة ”أنّة الولهان“، ينفتحُ النص على نداءٍ شفيفٍ مضمّخٍ بعطرِ العاطفة وحرقةِ التوجع، معلنًا منذ مستهلهِ انتماءه إلى طقوسِ العاشقين الذين عجنوا الحرفَ بالحنين، وجعلوا من البيانِ مرآةً لفيوضِ الشعور. هي قصيدةٌ تنوسُ بين الشجنِ والسكينة، بين الانخطافِ الوجدانيّ والانكسارِ الوجوديّ، متكئةٌ على نسقٍ شعريّ ناعمٍ، يعانقُ الإيقاع دون أن يثقله، ويعبرُ الصور دون أن يستعرضها. أولًا: في المعمار الموسيقي والإيقاعي يختار الشاعرُ إيقاعًا سلسًا ينتمي إلى بنية القصيدة العمودية،...
أَنَّةُ الْوَلْهَانِ
ناجي وهب الفرج - 17/05/2025م
أَنَّةُ الْوَلْهَانِ رَشَفْتُ بِعَذْبِ حَدِيْثٍ شَفَاهَا وَهِمْتُ بِبَحْرِ الْهَوَىْ مَا شَذَاهَا تَرَاخَتْ عَلَيْهَا جُفُوْنُ الْعُيُوْنِ فَذُبْتُ بِحُبٍّ رَوَاهُ هَوَاهَا شَمَمْتُ بِهَا مِنْ رَحِيْقِ الزُّهُوْرِ فَأَلْقَتْ بِمِسْكٍ تَعَدَّىْ مَدَاهَا ذَكَرْتُ عَلَيْهَا رِيَاضًا حَوَتْنَا وَذَبَّتْ هُمُوْمًا شَفَاهَا ضِيَاهَا فَأَيْنَ الْمَلَاذُ لِحُصْرٍ تَلَاشَتْ خَفَاهَا الْغِيَابُ بِلَيْلٍ طَوَاهَا هِيَ الْأَرْضُ قَدْ زَادَ فِيْهَا جِذَابٌ وَعَمَّتْ صِرَامًا لِحَسْرٍ شَجَاهَا فَقَدْ كُنْتُ فِيْهَا أَرُوْمُ الْجِبَالَ إِلَىْ أَنْ تَلَاشَتْ بِعَوْزٍ عَرَاهَا وَكَيْفَ بِهَا مِنْ دَلِيْلٍ يَقُوْدُ إِذَا جَاءَ مِنْهُ بِظُلْمٍ كَوَاهَا أَيَا عَاشِقًا مَا رَوَتْكَ الْلَيَالِيْ وَلَا زَادَ فِيْكَ بِطُوْلٍ كَفَاهَا تَشُعُّ بَيَاضًا زَهَاهُ الْحَيَاءُ تَزِيْنُ بِسِحْرٍ...
حُرية التَّعبير والتأوِيل
محمد الحميدي - 12/05/2025م
«قراءة في ديوان ”تشربني المواقد“ للشاعر عماد العلويات» الخلاصُ بالرَّحيل، والسَّفر من الواقِعي إلى الخيَالي؛ فِكرة قاربَها دِيوان «تشربُني المواقِد»؛ إذ يَرى الوجودَ مأسَاة رُوح وجسَد، فالرُّوح أنهكَها البحثُ عن إجاباتِ أسئلةٍ شائكَة، ومصيريَّة، ظلَّ صَداها يتردَّد في داخلِها، أمَّا الجسدُ فمهترئٌ، ومتوجِّع، ومصابٌ بألمٍ لا يُحتمل؛ لهذا تخرجُ الصرخاتُ من الأعماقِ، على شكلِ قصائِد وآهَات: "مثخنٌ بالعبيرِ واجتياحِ الهواءِ يتقصَّى رؤاهُ من نداءِ الأقاصي ويرفعهُ سرابُ الكمائنِ يتدحرجُ في أبديَّة بيضاءَ...
حين جلس الغريب على الكرسي الخطأ
عماد آل عبيدان - 12/05/2025م
كان ظهري ينطق بالتعب بصوتٍ أعلى من صمتي، حين دخلتُ قاعة الانتظار بالمطار المحليّ، متأبطًا حقيبة سفر صغيرة لا تكاد تسع قميصًا نجا من الكيّ. لم أكن أسافر كثيرًا، وليس من طبعي البحث عن النوافذ المطلة على الغيم، ولكن بعض الأمور في الحياة لا تُستشار، كالسفر المفاجئ، والمصادفات المُربكة، والأشخاص الذين يجلسون بالخطأ في المقعد المخصص لك. حين وصلتُ إلى مقعدي، وجدته مشغولًا برجل خمسينيّ يبدو عليه أثر السفر أكثر مما...
اللغة التي تذبح بالورد: حين يتصارع الأدب بين التاج والعكاز
عماد آل عبيدان - 10/05/2025م
في عالمٍ تنحني فيه الكلمات كل مساء كي تُلصق أذنيها على أبواب الروح، يبقى الأدب ذلك الكائن الهارب من التعريفات، المتمنّع على التصنيفات، لا يُلبَس قميصًا واحدًا، ولا يقبل أن يُساق في قافلة واحدة بين النخبة والعامة. هو كائن غريب… يُشبه شاعرًا ينام تحت جسر لكنه يكتب بنزق الملوك، أو يشبه وزيرًا سابقًا يبيع القهوة في زقاق لكنه يتكلم كأن سقراط أوصاه بالحكمة قبل وفاته بخمس دقائق. لطالما اختلف العشّاق في...
أم مهدي.. قلب أم وعقل فيلسوف
عبد الباري الدخيل - 05/05/2025م
دخلتْ عليَّ زوجتي وأنا غارق في التفكير، ولم أتنبه لوجودها إلا بعد أن وضعت يدها فوق كتفي. قالت: أين وصلت؟ رفعت يدي وقلت مبتسمًا: ما زلت هنا، لكنني غارق في التفكير. طلبت منها الجلوس وقلت: شغلتني فكرة وأحب أن أعرضها عليك.. أفكر بإقامة حفل تكريم لأم مهدي، تقديرًا لجهودها مع العائلة، وأراه مناسبًا بعد أسبوع من ناصفة شعبان. أعجبتها الفكرة واقترحت شهر رمضان موعدًا للحفل، لنستعد جيدًا وندعو الأسرة لسحور مفاجئ يبهجها، مع التأكيد...
وأراك تعبرني...
علي مكي الشيخ - 05/05/2025م
وأراك تعبرني... في باب حطّتك المدى يتوسلُ خذني لأفتحني عليك وأدخلُ أستغفرُ اللاشيء حين تزورني قلبي بغير هواك لا.. يتزمّلُ وأراكَ تعبرني، لآخر فكرةٍ وأنا لأجملِ أنبيائكَ منزِلُ في آخرِ الصفحاتِ سطْرٌ واضحٌ أنّ الذي سكبَ العبارةَ مُرسلُ قلبي.. عراقيٌّ، وعيني مكةٌ وفمي قطيفيٌّ الهوى يتأوّلُ عيناك.. ميقاتي، وقربكَ زمزمٌ وصداك، وحيٌ بالصبابةِ ينزلُ بيني.. وبينك نصفُ شكٍّ واقفٍ كالمحوِ.. حين يعودُ لحظة يرحلُ في ليلِ سهرتك الكلامُ مؤثثٌ زيتًا.. على شفتيك كم يتأمّلُ وأتيتُ نحوكَ بالمجازِ لعلني عن هدهدِ النبأِ العظيمِ أُفصّلُ...
الصورة النمطية عن الشاعر
ياسر آل غريب - 27/04/2025م
أول من استعمل مصطلح الصورة النمطية هو الصحفي الأمريكي والتر ليبمان في كتابه الرأي العام، ويقصد بها الصورة الذهنية الجاهزة مسبقا عن شعب أو شخص أو حالة ما، مؤكدا أن الناس لا ترى بعيونها فقط، بل بهذه القولبة أيضا التي تتشكل في أذهانهم. كثير من تفاصيل حياتنا يخضع لمثل هذه الصور التي تصنعها وسائل الإعلام والجماعات، حتى تتغذى الأفراد من صنيع الضبابية والتشويش، ومن الصعب الانفكاك عنها والتخفف من غلوائها. كلمة...
دهاليز
يسرى الزاير - 25/04/2025م
بلحظة شاردة من تفكيرنا قد تداهمنا سلسلة من الأحلام الراقدة في أقاصي دهاليز النسيان، تخطفنا بغتة من واقعنا، فتلقي بنا في متاهة من أكون؟ وأين أنا في هذا الكون؟. لحظة هي قد توقد بداخلنا حلم إصابة الخدر جراء واقع حتم علينا الانسلاخ من أروع تصوراتنا ونكران أجمل أمنياتنا. لحظة نتمنى أن تطول وتطول لتحلق بنا إلى عالم خيالي يمكننا فيه إصلاح ما أعطيته الظروف. تلك لحظة تلقي بنا في قلب بحر هادر من...
طفل على سدة الخمسين: عندما يكتب الشاعر سيرته بالألم والنبوءة
عماد آل عبيدان - 24/04/2025م
عن قصيدة الشاعر الأستاذ السيد علوي الخضراوي هل سمعتم من قبلُ نبضاً يشبه القصيدة؟ عندما تتنفس الحروفُ وجعاً لا يشبهه وجع، ويتوسّد الحنينُ ذاكرته كطفلٍ يتيم، وتنتفض الكلمات على بياض الصفحة كما تنتفض الطيور عند إشراقة الرعد… نكون حينها أمام قصيدة ليست ككل القصائد. قصيدة تمشي برِجْلٍ في الهوى، وبالأخرى في الهوية. قصيدة كتبتها روحٌ في الخمسين، لكنها لا تزال تلهو في زقاق العشق الأول، وتلعب بالطين المقدّس، وتصرخ من شرفة الوطن كمن...
أبواب المغارة المضيئة: أنسنة السرد المكثف والانزياح الرمزي في مجموعة حسن علي البطران - ”مقاربة تفكيكية“
آمال بوحرب - 22/04/2025م
إشكالية القراءة والتأويل: تقف مجموعة ”على باب مغارة“ للكاتب ”حسن علي البطران“ أمام القارئ كبنية نصيّة مركّبة تتطلب أدوات تحليلية متشابكة ومقاربات متعددة المستويات، إذ لا تكتفي بكونها مجموعة من النصوص القصصية القصيرة جدًّا، بل تتحول إلى فضاء دلالي مفتوح على تأويلات لا متناهية. فكل نص فيها يُشبه شذرةً سرديةً تختزل العالم بأسره في بضع كلمات، ومع ذلك تحتفظ بعمقٍ فلسفيّ ووجوديّ لافت، يفرض على القارئ الانخراط في تجربة تأويلية مستمرة. إن...
جُنوح أنثى محاربة
نجفيه حماده - 20/04/2025م
ها أنتِ ذا، أيَّتُها الأنثى العنيدة، التي استطاعت إخمادَ الحرائقِ، ونفثَتْ رمادَ حرائقِها، لتصنعَ قلادةً ماسيّةً حولَ عنقِها، ليصعُبَ كسرُها، ووجدتْ في أنينِ خلجاتِها طفلًا ساخرًا، يُخرجُ ضحكاتٍ مستفزّةً، يُرسلُ إلى مسامعِها: "كوني قويّةً، صعبةَ الكسرِ، وارمِي قهقهاتٍ مدوّيةً في وجهِ ذاك المُسمّى ألمًا، فما هو سوى متعجرفٍ، يريدُ سرقةَ ضوئِكِ الساطعِ، لا تنحني له، وتُطلقي شرَّهُ يسرحُ في عالمِكِ. هل نامتْ ذاكرتُكِ حقًّا؟ فأنتِ هي نفسُها، تلك التي خرجتْ من...
حكاية تليق بالبحر
عبد الباري الدخيل - 19/04/2025م
”تعالوا نتكاذب قليلًا“ بمحاذاة شاطئ البحر، كان صديق جدي يقضم قصب السكر، وكنت أهمس له ببعض النكات فيضحك، وأحيانًا تفلت منّا قهقهة. وقد لفت انتباهنا طير ضخم كالنسر يحلق فوق الماء، ينخفض ثم يرتفع، وكأنه يبحث عن قصة تليق بالبحر يرويها لنا في هذا المساء، تابعناه خلف السفن التي تنقل النفط، حتى انقضَّ على سمكة بدت مستلقية على ظهرها، تتشمس بكسل لا يليق بالبحر. التقط شيئًا صغيرًا من فمها، وعاد يطير مسرعًا، لكنّ...
لا أحد في البيت
محمد العلي - 17/04/2025م
دع حنينك منتظرا مثل جدار كاد ان ينقض.. مثل ماء لا يرى شجرا.. مثل رماد فقد الذاكرة بما كان.. مثل هواء أعمى فلا أحد في البيت.. دع حبك يتسكع بين ضلوعك.. بين الشرايين التي ترمدت.. دعه لا يتلفت فلا أحد في البيت. أيها الفرح الذي كان يسير مزهوا بين الحجرات.. على الموائد.. على طرقات الباب.. اذهب حيث شئت فلا أحد في البيت. وأنت أيها الباب كانت موسيقاك بشائر بالمواعيد.. بمواسم اللقاءات.. وكنت منتشيا كصديق للأبدية.. لماذا أصبحت أبكم القلب واللسان؟ أراك تقول باكيا: ل أنه لا أحد...
بين ضباب المدينة وهدوء القلب
عماد آل عبيدان - 09/04/2025م
الفصل الأول: في عمق الغيم كان ذلك صباحاً رمادياً، كما هو الحال في غالبية الأيام التي تعيشها ميساء، الشابة التي تعمل في أحد المقاهي الصغيرة في حيّ قديم يلتف حوله ضباب كثيف من كل الاتجاهات. لم تكن هناك ملامح واضحة في هذا الحي إلا الحزن الذي يتسرب بين الجدران، والشوارع التي تتناثر عليها الذكريات المُتعبة من الأيام الماضية. رغم هذا، كانت ميساء تمتلك شيباً غريباً، سرّاً صغيراً لا يعرفه أحد غيرها. كانت...