آخر تحديث: 17 / 12 / 2025م - 2:10 ص

عندما يُصاب طفلك بالزكام: دليل عملي للأهل من اليوم الأول حتى التعافي

نزلة البرد عند الأطفال… ما الذي يفيد حقًا وما الذي يجب تجنّبه

الزكام «نزلة البرد الشائعة» هو عدوى فيروسية حادّة تصيب الجهاز التنفسي العلوي، وتكون فيها أعراض سيلان الأنف وانسداده هي الأبرز. وغالبًا ما تكون الأعراض العامة مثل الصداع، وآلام العضلات، والحمّى غائبة أو خفيفة.

السبب «ETIOLOGY»:

أشيع العوامل المسبِّبة للزكام هي أكثر من 200 نمط من فيروسات الأنف البشرية «Human Rhinoviruses»، إلا أنّ المتلازمة قد تنجم عن عائلات فيروسية متعددة. وترتبط فيروسات الأنف البشرية بأكثر من 50% من حالات الزكام لدى البالغين والأطفال.

وفي الأطفال الصغار، تشمل الأسباب الفيروسية الأخرى: الفيروس المخلوي التنفسي «RSV»، والفيروس الميتابينوموي البشري «MPV»، وفيروسات نظير الإنفلونزا «PIVs»، وفيروسات كورونا الموسمية، والفيروسات الغدية. كما قد تُسبّب فيروسات الإنفلونزا والانتيروفيروسات غير شلل الأطفال أعراضًا مشابهة للزكام. والعديد من الفيروسات المسببة لالتهاب الأنف قد تترافق أيضًا مع أعراض أخرى مثل السعال، والأزيز، والحمّى.

الوبائيات «EPIDEMIOLOGY»:

الطفل الطبيعي قد يُصاب بـ 6 إلى 8 نزلات برد في السنة الأولى من حياته — وهذا طبيعي، وليس ضعف مناعي طالما النمو والتغذية طبيعية.

تحدث نزلات البرد على مدار العام، إلا أنّ معدل حدوثها يكون أعلى من بداية الخريف حتى أواخر الربيع، تبعًا للانتشار الموسمي للعوامل الفيروسية.

يصاب الأطفال الصغار بمعدل 6-8 نزلات برد سنويًا، بينما يُصاب 10-15% منهم بما لا يقل عن 12 إصابة سنويًا. ويقل معدل الإصابة مع التقدّم في العمر ليصل إلى 2-3 مرات سنويًا في مرحلة البلوغ. ويعتمد حدوث العدوى أساسًا على درجة التعرّض للفيروس.

الأطفال الملتحقون بدور الحضانة خارج المنزل خلال السنة الأولى من العمر يتعرّضون لنزلات برد أكثر بنسبة 50% مقارنةً بمن يُرعون في المنزل فقط. ومع زيادة مدة الالتحاق بالحضانة، يتناقص الفرق بين المجموعتين، بل إن كثيرًا من أطفال الحضانة قد تكون لديهم عدوى فيروسية دون أعراض. ومع ذلك، يبقى معدل المرض أعلى لدى أطفال الحضانة خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر. وعند بدء المرحلة الابتدائية، يُصاب الأطفال الذين التحقوا بالحضانة سابقًا بنزلات برد أقل تكرارًا مقارنةً بغيرهم.

المظاهر السريرية «CLINICAL MANIFESTATIONS»:

تختلف أعراض الزكام باختلاف العمر ونوع الفيروس. ففي الرُّضّع قد تَغلِب الحُمّى وإفرازات الأنف، بينما تكون الحُمّى غير شائعة لدى الأطفال الأكبر سنًا والبالغين. ويبدأ ظهور أعراض الزكام عادةً بعد 1-3 أيام من الإصابة الفيروسية. وغالبًا ما يكون أول عرض هو التهاب أو خشونة الحلق، يتبعه سريعًا انسداد الأنف وسيلانه. ويزول التهاب الحلق عادةً بسرعة، ومع اليومين الثاني والثالث تسود الأعراض الأنفية.

يرتبط السعال بنحو ثلثي حالات الزكام لدى الأطفال، وغالبًا ما يبدأ بعد ظهور الأعراض الأنفية، وقد يستمر 1-2 أسبوع إضافيين بعد زوال بقية الأعراض. وترتبط فيروسات الإنفلونزا وRSV وMPV والفيروسات الغدية بحدوث الحُمّى والأعراض العامة أكثر من فيروسات الأنف أو فيروسات كورونا، في حين يرتبط فيروس الأنف البشري على نحوٍ أكثر شيوعًا بحدوث الأزيز، خاصةً لدى الأطفال الأكبر سنًا.

وقد تشمل أعراض أخرى الصداع، وبُحّة الصوت، والتهيّج، وصعوبة النوم، أو نقص الشهية. أمّا القيء والإسهال فهما غير شائعين. وتستمر نزلة البرد المعتادة قرابة أسبوع واحد، مع أنّ 10% من الحالات قد تستمر لمدة تصل إلى أسبوعين.

العلامات السريرية بالفحص:

تقتصر الموجودات السريرية عادةً على الجهاز التنفسي العلوي. ويكون ازدياد إفرازات الأنف واضحًا غالبًا، كما أن تغيّر لون الإفرازات أو قوامها أثناء سير المرض أمر شائع ولا يدلّ على التهاب جيوب أنفية أو عدوى بكتيرية ثانوية، بل قد يعكس تراكم الخلايا عديدة النوى. كما يُعدّ اضطراب ضغط الأذن الوسطى شائعًا أثناء نزلات البرد. وقد يُلاحظ أيضًا تضخّم العقد اللمفاوية الرقبية الأمامية أو احتقان الملتحمة.

التشخيص «DIAGNOSIS»:

تتمثّل المهمة الأهم للطبيب في استبعاد الحالات الأخرى الأكثر خطورة أو القابلة للعلاج. ويشمل التشخيص التفريقي للزكام اضطرابات غير إنتانية وعدوى أخرى في الجهاز التنفسي العلوي.

الاختبارات المخبرية «LABORATORY FINDINGS»:

لا تُفيد الفحوصات المخبرية الروتينية في تشخيص أو علاج الزكام. إن غلبة الخلايا عديدة النوى في إفرازات الأنف تُعدّ سمةً للزكام غير المعقّد ولا تشير إلى عدوى بكتيرية ثانوية. كما أن التغيّرات الشعاعية المؤقتة في الجيوب الأنفية شائعة أثناء نزلات البرد غير المعقّدة، ولا يُنصَح بإجراء التصوير لمعظم الأطفال المصابين بالتهاب أنف بسيط.

يمكن كشف الفيروسات المسببة للزكام بتقنيات مثل PCR أو الزرع أو كشف المستضدات أو الاختبارات المصلية، إلا أن هذه الفحوصات لا تُجرى عادةً، إذ لا تكون مفيدة إلا عند التفكير بعلاج مضاد فيروسي محدّد، كما في حالات الإنفلونزا. وتُفيد الفحوصات الجرثومية فقط عند الاشتباه بالمكورات العقدية المجموعة A أو السعال الديكي. كما أن عزل جراثيم من مسحات البلعوم الأنفي لا يعني بالضرورة وجود عدوى أنفية بكتيرية ولا يُعدّ مؤشرًا نوعيًا لسبب التهاب الجيوب الأنفية.

دليل الأهل الهادئ لنزلة البرد: ماذا نفعل ومتى نطمئن؟

العلاج «TREATMENT»: يعتمد علاج نزلة البرد أساسًا على العلاج الداعم وتقديم الإرشادات الاستباقية للأهل.

العلاج المضاد للفيروسات:

لا يتوفر علاج مضاد فيروسات نوعي لعدوى فيروسات الأنف البشرية. وقد تُقلّل مثبّطات النيورامينيداز مثل أوسيلتاميفير وزاناميفير وبيراميفير، وكذلك مثبّط إنزيم البوليميراز بالوكسافير ماربوكسيل، مدة الأعراض بشكل محدود في حالات الإنفلونزا لدى الأطفال. إلا أن صعوبة التمييز بين الإنفلونزا وغيرها من مسببات الزكام، وضرورة بدء العلاج خلال 48 ساعة من بدء الأعراض لتحقيق الفائدة، يحدّان من استخدام هذه الأدوية في حالات عدوى الجهاز التنفسي العلوي الخفيفة.

ولا فائدة من المضادات الحيوية في علاج نزلة البرد، ويجب تجنّب استخدامها للحد من الآثار الجانبية المحتملة ومنع تطوّر مقاومة الجراثيم للمضادات.

العلاج الداعم والعلاج العرضي «Supportive Care and Symptomatic Treatment»:

يُنصَح كثيرًا باتباع التدابير الداعمة من قِبل مقدّمي الرعاية الصحية. ويساعد الحفاظ على ترطيب فموي كافٍ في الوقاية من الجفاف، كما يُسهم في تمييع الإفرازات وتهدئة الغشاء المخاطي للجهاز التنفسي. ويُعدّ تناول السوائل الدافئة من العلاجات المنزلية الشائعة، إذ قد يهدّئ الأغشية المخاطية، ويزيد تدفّق مخاط الأنف، أو يُليّن الإفرازات التنفسية.

ويمكن لاستخدام المحلول الملحي الأنفي الموضعي أن يزيل الإفرازات مؤقتًا، كما أن غَسل الأنف بالمحلول الملحي قد يُخفّف الأعراض. أما الهواء البارد المرطّب فلم يُدرس بشكل كافٍ، وقد يساعد على تليين الإفرازات الأنفية، إلا أن أجهزة الترطيب والمرذاذات يجب تنظيفها بعد كل استخدام. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى عدم التوصية باستخدام البخار أو الرذاذ البارد في علاج الزكام.

الحمّى:

لا تُعدّ الحُمّى شائعة في نزلات البرد غير المعقّدة، وغالبًا لا تحتاج إلى خافضات حرارة. وقد تُخفّف مضادات الالتهاب غير الستيرويدية الصداع أو آلام العضلات المصاحبة.

انسداد الأنف:

يمكن استخدام مضادات الاحتقان الموضعية أو الفموية لدى الأطفال الأكبر سنًا والبالغين. وتُعدّ الأدوية الموضعية مثل أوكسي ميتازولين وزيلوميتازولين «Otrivin 0.05%» فعّالة، لكن لا يُنصح بها للأطفال دون 6 سنوات. ويجب تجنّب الاستخدام المطوّل لتفادي احتقان الأنف الارتدادي. أما مضادات الاحتقان الفموية فهي أقل فعالية وقد تُسبّب آثارًا جهازية كارتفاع الضغط أو خفقان القلب.

وتُعدّ قطرات الأنف الملحية أو البخاخ الملحي آمنة وفعّالة في جميع الأعمار. وينبغي إعطاء القطرات الملحية للرضع 1-2 نقطة بكل فتحة أنف قبل الرضاعة، وكذلك عند وجود شخير وكذلك قبل النوم.

هل يوجد عدد محدود لاستخدام القطرات الملحية؟

لا، القطرات الملحية «Saline drops» ليس لها عدد محدد أو حد أقصى صارم إذا استُخدمت بشكل صحيح. يمكن استخدامها قبل كل رضعة أو عند الحاجة، وإذا كان الأنف مسدودًا؛ وينبغي عدم مشاركة نفس العبوة بين الأطفال كي لا تنتقل العدوى إليهم.

تنظيف الأنف:

• استخدام محلول ملحي «ماء وملح» لتقطير أو رش الأنف.

• بعدها شفّاط أنف ناعم لسحب الإفرازات «خصوصًا قبل النوم أو الرضاعة».

ينبغي عدم الإفراط في الشفط القوي للأنف لأن ذلك قد يهيّج الأنف.

سيلان الأنف:

تُقلّل مضادات الهيستامين من الجيل الأول «مثل نقط فينيستيل وشراب كلورفينيرامين chlorpheniramine: هستوب» سيلان الأنف، ويعود ذلك لتأثيرها المضاد للكولين، وليس لمضادتها للهيستامين. أما مضادات الهيستامين من الجيل الثاني فلا تفيد. وقد تُسبّب هذه الأدوية النعاس أو فرط النشاط. ويمكن استخدام الإبراتروبيوم بروميد الأنفي كبديل دون تأثير مُسكّن، مع احتمال تهيّج الأنف أو نزف بسيط.

التهاب الحلق:

غالبًا ما يكون خفيفًا، ويمكن استخدام مسكّنات بسيطة نحو باراسيتامول عند الحاجة.

السعال:

يُوصى بعدم استخدام أدوية السعال والزكام غير الموصوفة عند الرُّضّع والأطفال دون استشارة الطبيب.

يمكن استخدام شراب كوبان Co-Pan لتخفيف الكحة الجافة والمصحوبة بالبلغم، وتهدئة الحلق وتخفيف التهيج، وتحسين التنفس وتخفيف الاحتقان من سن سنتين فصاعدا.

قد يفيد استخدام مضادات الهيستامين من الجيل الأول عند ارتباط الكحة بسيلان الأنف الخلفي.

ويُعدّ العسل مفيدًا بدرجة بسيطة لتخفيف السعال الليلي لدى الأطفال فوق سنة واحدة، ويُمنع دون ذلك لخطر التسمّم الوشيقي. ولا يُنصح باستخدام ديكستروميثورفان أو المقشّعات مثل غوايفينيزين لعدم فعاليتها.

أقراص الزنك:

استُخدمت أقراص الزنك للمصّ في علاج نزلات البرد، وتنتشر على الإنترنت وفي الأدبيات العامة ادعاءات كثيرة حول فعاليتها، إلا أن الدراسات المحكمة المضبوطة لم تُثبت هذه الفعالية بشكل واضح.

ومع ذلك، أشارت مراجعة حديثة لتعاون كوكرين إلى أن إعطاء الزنك خلال 24 ساعة من بدء الأعراض قد يُقلّل مدة نزلة البرد وشدتها لدى الأشخاص الأصحّاء. كما ذكرت المراجعة أن الاستخدام الوقائي للزنك قد يُخفض معدل حدوث نزلات البرد، ويُقلّل الغياب عن المدرسة واستخدام المضادات الحيوية لدى الأطفال.

فيتامين C:

توجد مشكلة خلافية كبيرة تتعلق بفعالية فيتامين C في الوقاية من نزلات البرد أو علاجها. ففي دراستين تطوعيتين محكمتين أُجريتا بعناية، لم يؤدِّ إعطاء 3 غرامات من حمض الأسكوربيك يوميًا إلى الوقاية من نزلات البرد التجريبية أو إلى تغيير أعراضها.

إضافة إلى ذلك، أُجريت عدة تجارب كبيرة مضبوطة استُخدم فيها فيتامين C ومستحضرات وهمية «Placebo» للوقاية من نزلات البرد وعلاجها. وقد أظهرت بعض هذه الدراسات فائدة محدودة، في حين لم تُظهر دراسات أخرى أي فعالية تُذكر. ويُرجَّح أن الفوائد المبلّغ عنها في بعض الدراسات تعود إلى أخطاء إحصائية أو تأثير الدواء الوهمي الناتج عن ضعف تصميم الدراسات، وليس إلى تأثير دوائي حقيقي ومحدد لفيتامين C.

ويُحتمل أن يكون التأثير المضاد للهيستامين لفيتامين C قد وفّر تحسنًا لبعض المرضى المصابين بـ التهاب الأنف التحسسي الذين اعتقدوا أن أعراضهم ناجمة عن نزلة برد. ونظرًا إلى الآثار السميّة المتعددة لحمض الأسكوربيك، ولأن فعاليته في علاج أمراض الجهاز التنفسي مشكوك فيها إلى حدّ كبير، فإن إعطاء الأطفال فيتامين C بجرعات تتجاوز الاحتياج اليومي الطبيعي يُعد أمرًا غير مبرَّر طبيًا.

المضادات الحيوية:

لا يوجد أي دليل على فائدة المضادات الحيوية في نزلات البرد أو التهاب الأنف القيحي الحاد الذي تقل مدته عن 10 أيام، بل قد تُسبّب أضرارًا وآثارًا جانبية غير مرغوبة.

ترطيب الغرفة:

قد يكون ترطيب هواء الغرفة بشكل عام مفيدًا، إذ تساعد الرطوبة على تخفيف لزوجة المخاط الأنفي وتسهيل طرحه.

متى ينبغي زيارة الطبيب؟

• إذا كانت الحرارة أكثر من 3 أيام.

• إذا ظهرت صعوبة في التنفس «صفير، تنفس سريع، فتح الأنف مع التنفس».

• إذا كانت الكحة تزداد سوءًا أو يصاحبها تقيؤ.

• إذا كان الطفل خاملًا أو يرفض الرضاعة أو الأكل.

• إذا ظهر بلغم أخضر سميك جدًا ومستمر «قد يحتاج تقييم التهاب بكتيري».

• استمرار الزكام أكثر من 10 أيام.

المضاعفات:

أشيع مضاعفات نزلات البرد هو التهاب الأذن الوسطى الحاد، والذي قد يُستدل عليه بظهور حمّى جديدة وألم في الأذن بعد الأيام الأولى من أعراض الزكام. ويُسجَّل التهاب الأذن الوسطى الحاد لدى 5-30% من الأطفال المصابين بالزكام، وتكون النسبة أعلى لدى الرضّع صغار السن والأطفال الذين يتلقّون الرعاية في دور الحضانة الجماعية. ولا يؤثّر العلاج العرضي لأعراض الزكام في تطوّر التهاب الأذن الوسطى الحاد لاحقًا، والذي قد يكون سببه فيروسيًا أو بكتيريًا.

ويُعدّ التهاب الجيوب الأنفية من المضاعفات الأخرى للزكام. إذ إن الالتهاب المحدود ذاتيًا في الجيوب الأنفية يُعد جزءًا من الفيزيولوجيا المرضية للزكام، إلا أنّ 0.5-2% من حالات عدوى الجهاز التنفسي العلوي الفيروسية لدى البالغين و 5-9% لدى الأطفال قد تتعقّد بالتهاب جيوب أنفية جرثومي حاد. وقد يكون التفريق بين أعراض الزكام العادي والتهاب الجيوب الجرثومي أمرًا صعبًا. ويجب التفكير بتشخيص التهاب الجيوب الجرثومي إذا استمر سيلان الأنف أو السعال النهاري دون تحسّن لمدة 10-14 يومًا على الأقل، أو إذا سوءت الأعراض الحادة مع مرور الوقت، أو إذا ظهرت علامات أشد لالتهاب الجيوب مثل الحمّى، أو ألم الوجه، أو تورّم الوجه.

أما الالتهاب الرئوي الجرثومي فهو من المضاعفات غير الشائعة للزكام؛ ومع ذلك، فقد ارتبط كلٌّ من فيروس المخلوي التنفسي «RSV» وفيروس الأنف البشري «HRV» بحدوث الالتهاب الرئوي، خاصة في الدول النامية والناشئة.

ويُعدّ تفاقم الربو من المضاعفات المحتملة والخطيرة للزكام؛ إذ إن غالبية نوبات تفاقم الربو لدى الأطفال ترتبط بفيروسات الزكام الشائعة.

الوقاية:

لا تتوفر عمومًا الوقاية الكيميائية أو المناعية من الزكام. ويمكن أن تمنع التطعيمات أو الوقاية الكيميائية ضد الإنفلونزا الزكام الناتج عن هذا العامل الممرض، إلا أن الإنفلونزا لا تمثل سوى نسبة صغيرة من مجمل حالات الزكام. ويُوصى باستخدام باليفيزوماب للوقاية من العدوى الشديدة للجهاز التنفسي السفلي بفيروس RSV لدى الرضّع مرتفعي الخطورة، لكنه لا يمنع عدوى الجهاز التنفسي العلوي بهذا الفيروس.

ولا تمنع فيتامين C أو الثوم أو الإشيناسيا الإصابة بالزكام. وقد يُقلّل كبريتات الزنك عند تناولها لمدة لا تقل عن 5 أشهر من معدل حدوث الزكام، إلا أنه — نظرًا لطول مدة الاستخدام وآثاره الجانبية مثل الطعم السيئ والغثيان — لا يُوصى به كوسيلة وقائية للأطفال.

وقد يُسهم منع انتقال فيروس الأنف البشري عبر الانتقال باليد ثم التلقيح الذاتي في الوقاية، وذلك من خلال غسل اليدين المتكرر وتجنّب لمس الفم والأنف والعينين.

يُنظر إلى البروبيوتيك من قبل كثيرين على أنها مفيدة في الوقاية من عدوى الجهاز التنفسي العلوي. وفي عام 2015، نشر هاو وزملاؤه مراجعة منهجية في قاعدة بيانات كوكرين، وخلصوا إلى أن البيانات الإجمالية كانت محدودة الجودة، لكنها تشير إلى أن البروبيوتيك أفضل من العلاج الوهمي في الوقاية من عدوى الجهاز التنفسي العلوي. كما أشاروا إلى أنها قد تقصّر مدة المرض، وتقلّل الغياب عن المدرسة، وتخفّض استخدام المضادات الحيوية.

وفي دراسة مزدوجة التعمية محكومة بالدواء الوهمي أُجريت على مدى ستة أشهر لدى أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و 5 سنوات، وُجد أن الأطفال الذين تلقّوا بروبيوتيك مرتين يوميًا كانت لديهم معدلات أقل من الحمّى والسعال وسيلان الأنف المصاحبة لأعراض شبيهة بالزكام والإنفلونزا مقارنةً بمن تلقّوا العلاج الوهمي. كما سُجّل لدى متلقي البروبيوتيك انخفاض ملحوظ في عدد أيام الغياب عن دور رعاية الأطفال الجماعية وانخفاض في معدلات استخدام المضادات الحيوية.

المصادر:

• Nelson Textbook of Pediatrics, 22nd Edition, 2025
• UpToDate, 2025
• Red Book, 2024
• Feigin and Cherry’s Textbook of Pediatric Infectious Diseases, 9th Edition, 2025
استشاري طب أطفال وحساسية