آخر تحديث: 20 / 9 / 2025م - 11:54 م

شخصيات وطنية سعودية ننتظرُ سِيَرها

حسن المصطفى * ‏صحيفة البلاد

تدوين سِيَر الشخصيات الوطنية السعودية ليس مجرد جهد توثيقي يهم الباحثين الأكاديميين، بل هو فعل تأسيسي لبناء ذاكرة سياسية وثقافية تحفظ تاريخ الدولة وتطورها، وتعطي نماذج من خلالها يستطيع الجيل الجديد تلمس ملامح نشأة وتطور الدولة السعودية الحديثة، ما يساعدهم على فهم معنى وكنه ”الهوية السعودية“ في أبعادها المعرفية والسياسية.

المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، حينما وحد المملكة العربية السعودية، جمع حوله الكفاءات العلمية والإدارية من مختلف مناطق المملكة، بل حتى من الدول العربية الصديقة، من جنسيات ومذاهب وأديان متنوعة، لأن الهدف كان بناء وطنٍ مزدهر، والتجارب التي خاضها وزراء ورجال الدولة في السعودية تمثل ملامح التحول في الإدارة والسياسة والتعليم والاقتصاد، أي أن ما قاموا به ليس مجرد تجربة شخصية، بل جزء من سيرة وطنٍ بتشكلاته المختلفة وتطوره وما واجه من تحديات.

من هنا تبرز أهمية كتابة سِيَرِ الشخصيات الوطنية، خصوصًا أن أدوار هذه الشخصيات تجاوزت الداخل المحلي، إلى المحيط الإقليمي، وحتى الدولي في أحايين عدة، ولا يمكن إغفال ما مثلته الخبرة الدبلوماسية للأمير الراحل سعود الفيصل، والذي بقي لعقود وزيرًا للخارجية، شاهدًا على صراعات وحروب وتسويات في الشرق الأوسط. تجربته الغنية التي واكبت تحولات النظام الدولي تستحق أن تُوثَّق بعمق من خلال شهادات مجايليه، بوصفها جزءًا من سردية الدولة السعودية في تفاعلها مع العالم.

شخصيات مثل، الوزراء: حسن آل الشيخ، محمد سرور صبان، أحمد زكي يماني، محمد إبراهيم مسعود، وسواهم؛ سيكون تدوين سيرهم إثراء للأرشيف الوطني السعودي، وإبرازا لأدوار مهمة قامت بها المملكة في التعليم والثقافة والتجارة والطاقة والسياسية. في هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى جهود الكاتب محمد السيف، الذي انشغل بتوثيق سير شخصيات بارزة، مثل: عبدالله الطريقي، ناصر المنقور، حمزة غوث.. وصولًا لأحدث أعماله كتاب ”بين السفارة والوزارة“ الذي جمع سير عشر شخصيات وطنية، مقدماً تفاصيل مهمة عن الدبلوماسية السعودية.

التدوين ليس ترفًا معرفيًّا، بل مسؤولية وطنية ترتبط بوعي المجتمع وصونِ تاريخه، وضمان أن تظل تجارب الرواد مرجعًا تستلهم منه الأجيال.