موت الشباب المفاجئ
لا شيء يفجع القلب كخبر موت شابٍ في ريعان عمره، صحيح الجسد، نقيّ الروح، يملأ الدنيا حركةً وأملًا… ثم يغيب فجأة، دون مقدمات، فيترك خلفه وجعًا لا يبرأ، ودهشة لا تزول.
حين يفارقنا شابٌ بشكل مفاجئ - بحادث، سكتة قلبية، أو سبب طبي مباغت - تتجمد اللحظة، ونجد أنفسنا نُحدّق في الفراغ، نتساءل: كيف؟ ولماذا؟ ولم يكن مريضًا… ولم يشتكِ من شيء، وكان قبل يوم أو يومًا أو يومين جالسًا معنا بسوالفه وضحكته، كيف رحل عنا وتركنا.
موت الشباب ليس فقط فقدًا لأحد، بل هو كسرٌ لِمَا نظنه ثابتًا: أن الموت للمرضى، أو لكبار السن فقط. فيأتي رحيلهم ليُعيد ترتيب مفاهيمنا ويوقظ غفلتنا.
• الأهل: الوالدان يُصدمان صدمة العمر، ويعيشان ألمًا لا يُشبِه أي ألم.
• الأصدقاء: يُصابون بحيرة وذهول، فرفيق الأمس صار ذكرى.
• المجتمع: يشعر بخسارة طاقة، وحيوية، وأمل كان مرسومًا على وجه الفقيد، ومستقبل واعد.
رغم قساوته، فإن موت الشباب يحمل في طيّاته موعظة عظيمة:
• أن الحياة قصيرة مهما طال الأمل
• أن لا أحد يملك الغد
• أن القلوب يجب أن تُطهّر، والنيات تُصلح، والخير يُسابق
• على الإنسان مراجعة حساباته في كل لحظة، لأنّه لا يضمن أن يعيش للغد
رحيل الشباب المفاجئ يُوجع القلوب… لكنه أيضًا يُوقظها.
فلنُحسن لعائلاتهم بالدعاء والمواساة، ولأنفسنا بالعمل الصالح، والصفح، والرحمة…
فالموت لا يستأذن، ولا يفرّق بين صغير وكبير.
وفقدت القديح في هذا الشهر، شهر ربيع الأول لعام 1447 هجري شابّين في عمر الزهور وخيرة الشباب الطيب:
• الملا كرار حسين سعيد العسيف الذي توفّي يوم السبت 14 ربيع الأول 1447 هجري.
• الشاب محمد مبارك حسن الستري الذي توفّي يوم الأحد 22 ربيع الأول 1447 هجري.
ونرى ونسمع كل يوم وفاة شابّ وشابّة في عز شبابهم، وسبب الوفاة موت مفاجئ أو سكتة قلبية تُسجَّل في شهادة الوفاة، والعدد في ازدياد خلال هذه السنوات الماضية.
وكتبت عدة مقالات عن فقد الأحبة وموت الشباب المفاجئ، وهذا مقال آخر عن فقدنا للشباب والموت المفاجئ لهم.
اللهم ارحم شبابنا الراحلين، واجعلهم في أعلى عليّين، واربط على قلوب أهلهم بالصبر والسلوان.