آخر تحديث: 20 / 9 / 2025م - 11:54 م

وليبدأ بالإناث قبل الذكور

ليلى الزاهر *

كثيرا ماتلجأ الفتيات إلى رمي أسرارهن في بئر الصداقة بعشوائية، دون الالتفات لبعد هذا الأمر وتقدير نتائجه المتعلقة بتغيير القلوب عند زحف السنوات.

والأسباب خلف ماتقوم به هؤلاء الفتيات كثيرة ولعل أبرزها بُعدها عن أفراد أسرتها وتهميش أدوارهم، وربما انبهار الفتاة بمحيط صديقتها فتعيش بأفكارها، وتتلّون بطباعها، مبتعدة عن ملامح تربيتها، ومُتنكّرة لبروتوكولات أسرتها.

غير أنّ الأم الحذِقة تستطيع قياس المسافات بينها وبين أبنائها، وترى البعد العاطفي لأفراد أسرتها فتحاول ترجمته بجميع الوسائل، وتتنبّه لعمق الحاجة الروحيّة قبل الماديّة.

فتسعى جاهدة لدفن أسرار ابنتها في قلبها، وتفتعل المواقف المتعددة لإظهار الحبّ وإشباع الجانب العاطفي عند ابنتها سواء باحتضانها أو تقديم هدايا تذكاريّة بسيطة تعبّر من خلالها عن أهمية وجود ابنتها في حياتها.

إنّ لأولادنا وبناتنا أسرار تسترها غوامض الحياة وتعجز لغتنا المحدودة عن فهمها ومن هنا برزت حقوق الأبناء ولا أقصد تلك الحقوق الماديّة التي يعرفها الجميع ويعجز عنها البعض من مأكل ومشرب وطبابة، ولكنني أقصد درجات المسؤولية العظمى التي تتعلق بالتربيّة الفكريّة والتعليمية.

وكم يخيفني الحديث الذي رواه الإمام زين العابدين عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: ”لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما“!

كنتُ أتساءل عن كيف أكون سببا في عقوق أبنائي لي فراودتني فكرة تقييم أولادي وبناتي لي وابتدأت بابنتي الصغيرة وقلت لها:

هل لك أن تضعي أمك في ميزان العدالة فتنصفيها؟

نظرتْ لي بابتسامة جميلة.

أما أنا فقد خشيت ُ ألا تكون درجاتي مرتفعة وفجأة تحولتُ إلى طالبة تستعطف مُعلمتها، وتمنيت لو تننشقّ الأرض وتبتلعني في حال إخفاقي في التقييم.

ياترى هل لدينا القدرة على تقييم أداءنا الأسريّ كآباء وأمهات؟

‏هل بإمكاننا أن نصلح من أنفسنا للحصول على الدرجات الممتازة فنصل إلى رتبة أب أو أم بتقدير ممتاز؟!

تذكرت قول رسول الله ﷺ: ”رحم الله والدين أعانا ولدهما على برهما“

إنّها الرحمة الإلهية التي لاتزال تحفّ بالآباء والأمهات عند تأديب أبنائهم، ومعاملتهم معاملة كريمة وخاصةً البنات، فهنّ المؤنسات الغاليات في الأسرة.

وقد قدّمهن الإسلام على الذكور في العطاء والاهتمام.

جاء عن ابن أبي شيبة بسند حسن:

أن النبي ﷺ قال: ”ابدأوا بالإناث قبل الذكور“ عند العطية.

ومن سعادة المرأة أن تُبكّر بأنثى!

وقد ذكر ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود:

”مِنْ يُمْنِ المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذّكر؛ لأنّ الله تعالى بدأ بالإناث.“

الأنثى مثل الشمس لايختفي حبّها لوالديها، هي قصيدة الحياة وروح أمها التي بين جنبيها، وفاكهة منزلها، وإذا قدّمت الزوجة لزوجها شيئا باهظا، وأعطته أجود ماعندها فلابد أنها ملأت منزله بالفتيات المؤنسات.‏

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عماد آل عبيدان
17 / 9 / 2025م - 2:39 م
مقال يحمل بعدًا واقعيًا عميقًا، فالحديث عن الإناث أولًا ليس انتقاصًا من الذكور، هو إقرار بضرورة رعاية الجانب الأضعف في المجتمع وحمايته من الانزلاق. ما تفضلتِ به يفتح بابًا للتفكير في أن التربية والتهذيب تبدأ من الإناث والذكور معًا، غير أن البدء بالإناث فيه حكمة، لأن الأم مدرسة تبني الأجيال. أحسنتِ الطرح أ. ليلى، وأثريْتِ النقاش برؤية تستحق التأمل.