آخر تحديث: 20 / 9 / 2025م - 11:54 م

كيف يسرق البعض استقرارك؟

غادة علي الشماسي *

في الحياة نقابل أناسًا لا ينشغلون ببناء ذواتهم، بل يوجّهون طاقاتهم كلها نحو الآخرين. يطرحون أسئلة متكررة، يلحّون في استفسارات لا معنى لها، ويصنعون ضجيجًا حول تفاصيل خاصة كان الأولى أن تُترك في هدوئها.

الغريب أنهم يفسرون هذا الأسلوب على أنه ”اهتمام“ و”حرص“، وكأنهم يمنحون قيمة إضافية لمن يسألون عنه. لكن في الحقيقة يتحول هذا الاهتمام المزعوم إلى تكلف وضغط غير مبرر، يزعزع القناعة الداخلية، ويزرع الشك في أبسط قناعات الإنسان.

ما وراء الضجيج:

غالبًا ما يكون هؤلاء الأشخاص أنفسهم أبعد ما يكونون عن الاستقرار. حياتهم الخاصة مضطربة، لا يملكون السيطرة على محيطهم العائلي. فيعيشون صراعًا داخليًا أشبه بالعقد، فيسقطون هذا الاضطراب على غيرهم من خلال التدخلات المستمرة.

ومع كثرة هذا التطفل المبطّن، تبدأ الحساسية في التسلل حتى إلى أدق شؤون الحياة، فينشأ توتر داخل الأسرة أو محيط العمل، وقد تتولد مشاكل من العدم لم تكن موجودة أصلًا، سوى أن هناك من لم يعرف كيف يحافظ على حدوده.

النتيجة:

ما كان استقرارًا يتحول إلى قلق، وما كان رضا يتحول إلى شك، فقط لأن بعض الأشخاص لا يحتملون رؤية غيرهم متصالحًا مع حياته، فيسعون بوعي أو بدون وعي لإثارة الضجيج وزرع الاضطراب.

الخلاصة:

تذكّر أن الاهتمام الحقيقي لا يُقاس بعدد الأسئلة ولا بعمق التدخل، بل بمدى احترام حدود الآخر وراحته. ومن يجعل حياته مرآة لغيره يكشف فراغه الداخلي أكثر مما يكشف حياتك أنت.

مستشارة أسرية تربوية