الذكاء الاصطناعي انعكاسٌ لشخصية مستخدمه
في عصر يتسارع فيه القلق من الذكاء الاصطناعي، علينا أن نفهم أن المشكلة ليست في الأداة ذاتها، بل في وعي الإنسان الذي يستخدمها. فالذكاء الاصطناعي هو أشبه ما يكون بمرآةٍ تعكس قيم وشخصية مستخدمه. فإذا كان المستخدم ملتزماً دينياً وأخلاقياً، فإنه سيطلب من الذكاء الاصطناعي ما يعكس هذا الالتزام، سواء في الصور أو في المحتوى الذي ينتجه. وعلى العكس، إن كان الشخص يحمل في داخله نزعات سلبية أو رغبات انتقامية، فسينعكس ذلك أيضاً في طريقة استخدامه لهذه الأداة.
بمعنى آخر، المشكلة ليست في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في وعي من يستخدمه. تماماً كما يمكن استخدام السكين في إعداد الطعام أو في الأذى، وكما يمكن استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية أو للصراع والتهديد والتدمير، فالذكاء الاصطناعي أيضاً هو مجرد أداة تتشكل وفق شخصية مستخدمها.
وبالتالي، علينا أن نركز على رفع مستوى الوعي، وليس مجرد الخوف من الأداة، فالوعي هو المفتاح لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة للخير، تعكس قيمنا الإيجابية وتطلعاتنا الإنسانية.
في ظل هذه الأجواء التي يتأرجح فيها القلق بين انعكاس الذكاء الاصطناعي لشخصية المستخدم وبين آفاق إمكاناته، يبرز الحل في الوعي بالهدف لاستخدامٍ آمنٍ للذكاء الاصطناعي. أي أن كل مستخدم للذكاء الاصطناعي ينبغي أن يدرك بوضوح: لماذا هو هنا؟ وما الذي يريد تحقيقه من خلال هذه الأداة؟
فإذا كان الهدف مجرد التسلية أو الاستمتاع بالإمكانات المبهرة، فهذا خيار مشروع، لكنه يظل خياراً سطحياً. أما إذا كان الهدف هو الاتكال التام على الذكاء الاصطناعي بدافع الكسل الذهني، فهذا قد يحرم الإنسان من تطوير قدراته الشخصية.
لكن إذا كان الهدف أسمى، كتحقيق إنجازاتٍ أكبر وأسرع مع الحفاظ على دور العقل الإنساني في التوجيه والإبداع، فإن الذكاء الاصطناعي يصبح هنا وسيلة تمكّنك من تحقيق أهدافك بفعاليةٍ أكبر، دون أن يحلّ محلك.
إذن، الوعي بالهدف هو المفتاح، فالذكاء الاصطناعي في النهاية أداة تعكس نوايا مستخدمها، وبوعي الهدف نصنع الفرق بين استخدامٍ يثري الإنسانية واستخدام قد يقودها إلى الضياع.
في نهاية المطاف، الذكاء الاصطناعي هو إنجازٌ بشري يستحق أن نستثمره فيما يخدم أهدافنا وتطلعاتنا. الموقف الواعي ليس في محاربة هذا الإنجاز أو التنكر له، بل في إدراك أنه إذا وُجد إنجاز بشري يخدم البشرية، فمن الحكمة أن نتعلم كيف نستخدمه استخداماً أمثل ونوجهه نحو الخير.
وإن لم نكن نحن من أبدعه، فلا يعني ذلك أن نتخلى عنه أو نتركه لغيرنا، بل ينبغي أن نكون جزءاً من الساحة ونوظّفه بما يحقق الوعي ويثري بيئتنا. وبهذا نساهم في توجيه هذا الإنجاز لصالح الأهداف السامية التي نؤمن بها.
باختصار، وجودنا في ساحة الذكاء الاصطناعي واستخدامه بالشكل الأمثل هو مسؤوليتنا ودورنا، لنرتقي معاً بوعي المجتمع ونقدم نموذجاً في كيفية الاستفادة من هذا الإنجاز البشري العظيم.