آخر تحديث: 20 / 9 / 2025م - 11:54 م

الاقتصاد الإبداعي.. رهان السعودية القادم

حسن المصطفى * صحيفة البلاد البحرينية

تشهدُ العاصمة السعودية الرياض أواخر سبتمبر الجاري، انعقاد ”مؤتمر الاستثمار الثقافي الأول“ برعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ويشيرُ هذا الحدث إلى التحول في التفكير التنموي السعودي، حيث لم تعد الثقافة مجرد مكونٍ رمزي، بل باتت جزءًا من معادلة الاقتصاد والإصلاح الاجتماعي، ورافعة للتغير والتنوير، ومجالًا مفتوحًا لبناء الشراكات العابرة للحدود، والتي من خلالها يتم تبادل الأفكار والخبرات، وفتح الفضاء العام أمام الجيل الجديد لكي يساهم في صناعة المستقبل بوعيٍ ومعرفة.

وثيقة ”رؤية المملكة 2030“ حددت بوضوح هذا التوجه حين أكدت أنه ”سنولي الثقافة بجميع مكوناتها عناية كبرى، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وعنصرًا أساسيًّا في تحسين جودة الحياة“، مشددة على السعي إلى جعلها ”مصدراً للإلهام والإبداع، وعنصرًا جاذبًا للاستثمار والسياحة“. هذا التصور يعكسُ رؤية استراتيجية، تجعل من الثقافة ركيزة في عملية التطوير، وتعزز الجاذبية الاقتصادية للمملكة.

وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان أوضح أن المؤتمر ”يدعم الاستثمار الثقافي كونه من ركائز التنمية المستدامة، الذي يعزز الاقتصاد الوطني، ويوفر فرصًا وظيفية، ويدعم الصناعات الإبداعية“. وهذا الربط بين الثقافة والاقتصاد يواكب اتجاهًا عالميًّا يرى في الصناعات الثقافية والإبداعية قطاعًا قادرًا على خلق الوظائف وتنويع مصادر الدخل، وهو ما يمنح المملكة موقعًا تنافسيًّا في الشرق الأوسط.

”المؤتمر“ الذي يشارك فيه أكثر من مئة خبير دولي، يفتح النقاش حول محاور استراتيجية: التمويل الثقافي المبتكر، حماية الملكية الفكرية، دور التكنولوجيا في دفع الإبداع، وكيفية بناء أسواق ثقافية مستدامة.

هذه النقاشات لا تعني السعودية وحدها، بل هي موضوعات محل حوار أشمل عالميًّا، يستشرف مستقبل الثقافة كأداة اقتصادية ودبلوماسية ومعرفية في آن معًا. الرهان السعودي يتجاوز تشييد بنى تحتية ثقافية، إلى إقامة بيئة إنتاجية حقيقة وليست صورية، تعزز حضور المملكة كمحرك إقليمي في الاقتصاد الإبداعي، والإنتاج الفني والأدبي والسينمائي والفلسفي، وتوجيه طاقات الشباب نحو هذه الحقول بفعالية، وأفكار مبتكرة غير تقليدية.