كن واضح الموقف فتلك رفعة لا يعرفها المترددون
في عالمٍ تتقاذفه المجاملات، وتُخفيه الضبابية، يُصبح وضوح الموقف فضيلة نادرة، لا يعرفها الكثيرون، ولا يحتملها بعضهم، ولا يجرؤ عليها معظم الناس.
أن تكون واضحًا في رأيك، صادقًا في موقفك، ثابتًا في مبادئك، هي قيمة عليا.
إنها رفعة في زمن التردد، وشجاعة في وجه الضباب، وطمأنينة في وسط العاصفة.
وضوح الموقف لا يعني التصلّب أو التسلّط، بل يعني أن يكون للإنسان مرجعية داخلية صلبة يستند إليها دائما وقيم واضحة، ومبادئ غير قابلة للبيع، ونظرة متّزنة لا تتلون بتبدّل الظروف أو بتقلب آراء الآخرين.
الشخص الواضح لا يحتاج أن يُراقب مزاج الآخرين قبل أن يتكلم، ولا يُراجع نفسه مئة مرة قبل أن يُعلن موقفًا يكون مؤمنا به، لأنه لا يُجامل على حساب قناعاته، ولا يتخلّى عن صوته خوفًا من الرفض أو الانتقاد.
الوضوح يعني أن تقول: ”هذا صواب“، و”هذا خطأ“، حتى لو لم يصفق لك أحد.
أن تقول ”أنا مع الحق“، حتى لو كنت وحدك. أن لا تُهادن الظلم، ولا تُجامل المخطئ، ولا تُشارك في النفاق الجماعي الذي يرتدي ألف قناع
في العلاقات، الشخص الواضح هو أكثر الناس راحةً مع نفسه، وأكثرهم إراحةً للآخرين، حتى إن اختلفوا معه. لأنه يُريحك من عناء التكهّنات، ويُجنّبك لعبة التخمين، ويُعامل الناس بوجه واحد.
دائما الأشخاص الذين تعوّدوا المواربة قد يصفون الواضحين بأنهم ”قساة“ أو ”اندفاعيين أكثر من اللازم“، لكن الحقيقة أنهم فقط غير معتادين على من يقول ما يقصده فعلًا
في المقابل، يعيش المترددون في دوامة من الخوف خوف من الخطأ، أو خوف من الناس، أو أن تُساء نيتهم، أو أن يُرفضوا إذا لم يُسايروا الجميع.
المتردد قد يعرف الحقيقة، لكنه لا يجرؤ على تبنيها. يرى الظلم، لكنه يصمت.
يُدرك الصواب، لكنه يختار الحياد كي لا يخوض معركة. وفي نهاية الأمر، يذوب صوته في ضجيج الآخرين، ويُمحى أثره من سجل المواقف.
وختاما
لا تخشَ أبداً أن تقول ”أنا هنا“
ولا تتردد في أن تُعبّر عما تؤمن به،
لأنك حين تكون واضحًا، حتى خصومك سيحترمونك،
وحين تكون مترددًا، حتى أصدقاؤك سيتجنبون الاعتماد عليك.
فاختر أن تكون واضح الموقف لأن في ذلك رفعة لا تشترى ولا تمنح بل تكتسب بالشجاعة والصدق مع النفس.
لأنك بذلك تمنح نفسك أجمل ما يمكن أن يُمنح، حياة صادقة، ومواقف ثابتة، ووجهًا لا يخجل من المرايا..
