آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:16 ص

المعلم في أرجاء المعمورة

فاضل أحمد هلال

قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 1-5]

كان التعليم في الزمن القديم في المعلِّم، وهو منزل أو مكان تجتمع فيه الصبية الصغار فيجلسون في حلقة مستديرة على الأرض مع معلم واحد، وفي الغالب يكون هذا المعلم رجل دين شيخ أو مُلّا أو متعلِّم، فيتلقون الدروس والعلوم بالتلقين والحفظ، ويتعلمون القراءة والكتابة ودروس الفقه والقرآن والحساب. وكان يعتمد المعلم على أسلوب تحفيظ الطلاب للدروس، أما القراءة فكانت بالتداول بين الطلاب، فكان المعلم يستمع للطلاب واحدًا تلو الآخر ويصحح لهم الأخطاء. وكان المعلم في السابق ذا شخصية قوية، يستخدم العصا لضبط الطلاب، ولا يسمح بالفوضى ولا بالتأخير عن الدروس.

وتطورت الحياة على مر السنين وازدهرت، وتقدم العلم بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة الرشيدة لمواكبة العصور الحديثة في التقدم والتطور العلمي والثقافي، حيث أنشئت المدارس والمعاهد والجامعات، واستقطبت كوادر تعليمية تملك الكفاءات الممتازة للنهوض بالعقول وتطويرها في المجالات المختلفة التي تخدم المجتمع وتطويره لمستقبل متطور وحديث كالعلوم الطبية والهندسية والأدبية وغيرها من العلوم. والحمد لله، بفضل ما قدمته الدولة والحكومة الرشيدة من جهود عظيمة لخلق بيئة دراسية مناسبة لجميع الفئات المجتمعية، تطورت البلاد وتطور الفكر البشري، وأصبح يواكب المجتمعات المتقدمة والحديثة. هذا بفضل الحكومة والعلم والمعلم والتعليم.

فها نحن الآن في هذا الزمن المتطور والمتقدم، وكم اجتهدنا فارتقينا وتطورنا وتقدمنا في العلوم والمعرفة والعلم، وأصبحت لدينا القدرة لأن نصنع ونرتقي بأجيال جديدة تخدم المجتمع في جميع مجالاته العلمية والتكنولوجية والفكرية، جيل يواكب التطور ويحقق الرؤية المستقبلية العظيمة لسيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه.

وقفة تأمل:

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : العلم من الصغر كالنقش في الحجر.

المعلم رسالة، المعلم قدوة، المعلم تربية، المعلم ”مُؤسِّس“. وهنا أحببت أن أشير إلى نقطة مهمة جدًا، وهي التأسيس الصحيح للطلاب في المراحل الدراسية الأولى، ما بعد رياض الأطفال، أي المرحلة الابتدائية. هذه المرحلة من أهم المراحل في التدريس، حيث يتعلم الطفل الحروف والأرقام والقراءة والكتابة الصحيحة، ويُؤسَّس تأسيسًا قويًا وصحيحًا، ويُعتبر قاعدة رصينة وقوية تساعده في المستقبل وتُسهّل عليه التعلم، وتُسهّل على المعلمين في المراحل اللاحقة تعليم العلوم المتقدمة للأطفال بسهولة ومرونة أكثر، وتمنع عرقلتهم في التقدم والتعليم.

ومع الأسف، لوحظ في بعض المدارس إهمال واضح من معلمين غير أكفاء، يتركون الطلاب لأيام بلا تعليم، إما بسبب الغياب أو الحضور للصف دون تفعيل العملية التعليمية، وما هي إلا جلسة وإضاعة للوقت.

عزيزي المعلم، أنت محاسب أمام الله عز وجل على هذا الإهمال، وهؤلاء الطلاب أمانة في رقبتك. فاتق الله عز وجل في ﴿يَوْمٍ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 88-89]. وما ذنب المعلم الآخر الذي سوف يُكمل مسيرة ما بدأته مع طلابك المهملين وغير المؤسَّسين؟ فسوف يلاحظ هذا المعلم عدم كفاءة الطلاب وصعوبة تعليمهم من الوهلة الأولى عند دخوله للصف والتعرف عليهم.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.