زين الشباب الملا «العسيف» يرحل
فُجعت محافظة القطيف عامة والقديح خاصة صباح يوم أمس الأحد 15 ربيع الأول 1447 هجرية - 7 سبتمبر 2025 ميلادية، وخيّم عليها حزنًا عند سماعها نعياً مؤلمًا غير محسوب هزّ القلوب وأدماها:
”رحيل الفتى الشاب الطموح، ابن الثامنة عشر ربيعًا، الملا كرار بن حسين بن سعيد العسيف - القديحي، إلى جوار ربه دون مؤشرات توحي بوفاته، حتى انتشر خبره سريعًا في مواقع التواصل وأصبح حديث الساعة.“
المرحوم يستحق ذلك وأكثر، فهو من خيرة أبناء جيله أخلاقًا وأدبًا وتوجهًا. يكفيه فخرًا ورفعة شأن وشرفًا ارتقاؤه المنبر الحسيني في هذه السن المبكرة. لكنها الدنيا وأحوالها وصروف الدهر والليالي وحملها.. ﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله﴾ [الإنسان -30].
بالأمس يُبكي بصوته المميز مذكّرًا بمصائب الآل، والكل ينظر لوجهه يصغي له ويسمع، المؤمَّل والمرجو أن يكون خطيبًا بارزًا، إلا أن القدر قطع طريقه، فقد امتدت له يد المنون خلسة، وعسى أن نكره شيئًا وهو خير لنا.
وعند التاسعة والنصف مساء يوم وفاته، ليلة بِيض أمسى قمرها محجوبًا بكامله عن الأنظار، ثم انكشف متغير اللون في ظاهرة نادرة - خسوف كلي.
وبعد أن صلى على جثمانه فضيلة الشيخ حسن الجنبي يؤم الحاضرين في الداخل والخارج، شُيّع لمثواه الأخير بمشاركة جموع متواصلة من المؤمنين من مغتسل البلدة إلى مقبرة رشدالا التي ضاقت بهم، ليوارى في القبر المعد لنزوله، وهم بالتكبير والتهليل وراء النعش المسجَّى فوقه، مرفوع بالقلوب، مدرّج في أكفانه، مغطى الرأس، مع كثرة الباكين لوعة وتأسفًا لفراقه وحسرة.
نعم، ترجل الخطيب عن منبره إلى سرير محمول مسيَّر، فإنا لله وإنا إليه راجعون، الأمر له سبحانه.. رحمه الله رحمة الأبرار، وحشره مع النبي المختار محمد وآله الأطهار، وجعله من رفقاء الإمام الحسين عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام. وخلف على فاقديه بالصبر الجميل والسلوان.
عظم الله أجوركم آل العسيف خصوصًا والديه، وربط على قلوبكم بقوة الإيمان والتسليم بما جرى كي لا تجزعوا، لتوفوا أجور الصابرين بغير حساب. كذلك التعزية لآل الجنبي وآل الأعسم وأرحامهم وذويهم ومحبيهم وأصدقاء الفقيد وعشاق مجالسه.
ونقول: أنت الغائب يا كرار جسدًا، الحاضر بما قدّمت. فطِب روحًا وقرَّ عينًا.
لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
لكم مني أحر التعازي.