آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:16 ص

أقوال بلا أفعال

جمال حسن المطوع

ما أكثر هذه النماذج في واقعنا المعاصر عند البعض منا، وهي عادة ذات سلوك خاطئ منتشرة للأسف في أوساطنا، فترى صاحبها يشرق تارة ويغرب أخرى في أطروحاته وآرائه وأفكاره، وكأنه فيلسوف عصره، يصحح ما يراه في صالحه، يخطئ ما لا يتفق ونظرته، يستشهد بأقوال وحكم بليغة، لعله يقنع السامع أو المتلقي، ولكن الحال في الواقع عبارة عن مثاليات يتبناها وثرثرة يتشدق بها ليقنع الآخرين. وهناك من الناحية الأخرى السذج والبسطاء الذين يتفاعلون معه ويحملونها على محمل الجد، يرون فيه مثلهم الأعلى، لكن غم عليهم الواقع وعاشوا الوهم بعينه وانطلت عليهم حيله وانخدع الناس بأقواله وشعاراته، وما إن تضعه على المحك ويطلب منه أن يترجم ذلك إلى عالم الواقع، تراه يقفز قفزات تبعده عن الدائرة التي كان يدور داخلها ويدعمها بكل ما أوتي من قوة، فهو أول المناهضين لها عندما تتضح الحقائق، وهذا يعد نقصًا وسلبية وازدواجية يعيشها بمعنى الكلمة.

من أمثلة هذه النوعية ادعاؤه صدق الكلمة والوفاء بالوعد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الامتثال للقواعد والأعراف الاجتماعية من عادات وتقاليد أصيلة، ولكن تجده على العكس من ذلك عندما يجد الجد، فتجده هو أول من لا يعمل بها والمخالف لها منهجًا وتعاملًا وعكس ما يقوله، بل يتبرأ من كل ذلك عندما يُواجَه بما قال، فينكره بطرق ملتوية وغير منطقية، مما يفقده المصداقية والثقة في أقرب المقربين إليه، بل يكون أضحوكة للناس العقلاء ويحذرون منه، بل يتهكمون عليه قائلين في حقه: هذا شخص متلون ولا نأخذ منه حقًا ولا باطلًا، بل يفقد الكثير من قيمته المعنوية واحترامه ومكانته. وقد أصاب فيلسوفٌ عند تشخيصه لهذه النوعية من بني البشر عندما قال: من يصف الحكمة بلسانه ولم يتحلَّ بها في سره وجهره، فهو في المثل كرجل رزق ثوبًا فأخذ بطرفه ولم يلبسه.

إذا فعلينا الحذر كل الحذر من هذه النوعية من الناس وأخذ الحيطة منهم، وعدم مصاحبتهم، وكشفهم لمن لا يعرفهم، وتعريتهم حتى يكونوا عبرةً لمن يعتبر.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
سعفان
[ القطيف ]: 7 / 9 / 2025م - 10:19 م
نعم والمصداق على ذلك من يكتب في المثاليات والنصائح والوعظ وبعض أفراد أسرته من كبار النصابين والمحتالين الذين استولوا على الملايين من أموال الناس المحرمة بالباطل ودمروا الكثير من الأسر وعلى الأقل من بيته من زجاج لا يتصدى لوعظ الناس بل يبدأ بتنظيف بيته قبل تنظيف الشارع فإذا عجز عن تنظيف بيته ونهي الأقربين عن المنكر ونصحهم بإعادة حقوق الناس لهم فهو عن باقي الناس أعجز وأعجز وأعجز.