المشاركة الحضورية في المناسبات وتباعد المسافات
شهر ربيع الأول من كل عام هجري جديد هو موسم انطلاق الموجة الأولى للأعراس في حواضر المنطقة التي أعيش فيها؛ وبشكل ماراثوني لافت تُسجل انعقاد عشرات المناسبات المتعلقة بالاقتران كعقد قِرآن وزفاف في ذات الليلة من عطلة نهاية الأسبوع لذات الشهر «الخميس مساءً والجمعة مساءً». والأغلب من الرجال والنساء ذوي العلاقات الاجتماعية والوجهاء والمتواصلين والمشاركين اجتماعيًا تأتيهم عدة دعوات سواء زفاف أو مشروع طلب يد فتاة «خطبة» أو حفل عقد قِرآن. ومواعيد تلكم الدعوات متقاطعة في الزمان أي نفس الليلة ومتباعدة في المسافات أي إنها تتم في مدن متباعدة.
تُعقد ثلاثة أيام مفتوحة لقبول التعزية، فيكون هناك هامش وقت كبير ومتاح لأكبر عدد من الناس لتقديم واجب المواساة والتخفيف على أهل المصاب وسلوانهم والتعزية لهم. الزفاف سابقًا يعقد لمدة سبعة أيام. في أيامنا هذه مناسبات الزفاف حيث الأفراح، تنعقد في ليلة واحدة وتندرج بها جملة أنشطة منها التبريكات واستجابة دعوة وليمة الداعي ومصافحة كل الحضور من أهل المناسبة بعد الاصطفاف في طوابير متعددة الأطوال والمرور على أبناء المجتمع والأصدقاء بالمصافحة والتهنئة وتجديد عهد بالبعض ممن ندر اللقاء به بسبب اختلاف مدن العمل والإقامة. وكون معظم دعوات الزفاف تأتي زرافات زرافات في نوافذ زمنية محدودة فإن عددًا ليس بالقليل من المدعوين المتفاعلين مع الدعوات يحرصون على المشاركة الحضورية والاستجابة التفاعلية مع كل دعوة تصلهم. فيكون بعض المدعوين تحت ضغط شديد في إدارة الوقت لحضور كل تلكم الدعوات المتباعدة مكانًا أي في عدة صالات أفراح والمتطابقة زمانًا أي إنها في نافذة وقت محدد تمتد من الساعة 8:00 مساءً حتى 11:00 مساءً من ذات الليلة!!. لك أيضًا أن تتخيل أحوال بعض المدعوين الحريصين على الاستجابة لكل دعوة تأتيهم إن كانت الدعوات التي وصلتهم في مدن مختلفة كدعوة زفاف بمدينة الدمام وأخرى بمدينة الأحساء بتباعد مسافة بين الصالات تفوق 160 كم. والمشهد يكون أكثر صعوبة على المدعو المتفاعل ذو الحضور الملحوظ إن كانت وجهت له عدة دعوات لذات الليلة من عدة أحباء وأعزاء وأقارب في مدن متباعدة وصالات أفراح متفرقة.
اعتمدت بعض المجتمعات التبريكات والتعزيات عبر الاتصال الهاتفي أو البرقية أو رسائل نصية أو رسائل تطبيق الواتس آب؛ إلا أن بعض أعضاء بعض المجتمعات لم ولا يقبلون بذلك. إن عقد مكالمة هاتفية أو إرسال رسالة نصية لن توفي بحق الوفاء للعلاقة الممتدة عقودًا إلا إذا صاحب الاتصال مصاب بوعكة صحية أو مسافر أو طاعن بالسن ملازم للفراش أو حجبت إمكانية التنقل للوصول بسلام هطول أمطار غزيرة / رياح وغُبرة شديدة. وبات معلومًا لدى البعض ونظرًا لقوة الوشائج الاجتماعية بداخل بعض المجتمعات كالأحسائيين وغيرهم أن إدارة الحضور في عدة مناسبات واقعة في ذات الليلة بداخل نافذة زمنية محدودة معضلة وجب تسليط الضوء عليها لمعالجتها بأريحية وبعيدًا عن أي مزايدات أو عتاب أو تشَرُّه.
1. أقترح على شركات النقل الجوية «أديل / فلاي ناس / الخطوط السعودية» وشركة السكك الحديدية وشركة النقل العام «سابتكو» بزيادة موسمية لعدد الرحلات / تدشين رحلات بين المدن المعروفة بأن لديها خاصية توأمة المدن مثل مدينتي الدمام والأحساء أو مدينتي الرياض والقصيم أو مدينتي جدة ومكة المكرمة وبشكل موسمي يتناسب والأحداث. على سبيل المثال في مواسم الزواجات المتكررة سنويًا وتواريخها حسب ملاحظاتي هي: ما بعد ثلث شهر ربيع الأول وأثناء وبعد منتصف شهر شعبان وأواخر شهر ذي الحجة.
2. أقترح على الأهالي ذوي الحضور الجغرافي المتباعد بعقد مرحلتين للزفاف وتشمل مرحلة ضيافة الجذور «مدينة مسقط رأس العائلة حيث كبار السن» ومرحلة استضافة الفروع «مدينة إقامة الزوج في الفترة الحالية حيث الأغلبية من الشباب الموظفين» وبشكل مدروس وضمن نطاق الميزانية المعتمدة للضيافة بالزفاف/ المناسبة.
3. اعتماد آلية فتح باب التبريكات للزفاف في اليوم الثاني «عصرًا ومساءً» لمن لديهم حرص شديد على استقبال التهاني والتبريكات الحضورية.
4. كسر موروث التشرُّه والعتاب على من لا يسعفه الوقت في الاستجابة للدعوة حضوريا بسبب ضيق الوقت وتباعد المسافات والاكتفاء بالرسائل النصية / المكالمات الهاتفية.
5. إعادة تفعيل الزواجات الجماعية فإنها أكثر فعالية في إدارة الوقت والمال والجهود.
6. تقليل تفويج المناسبات السعيدة في أطر اختناقات زمنية محدودة وتركيزها في مناسبة واحدة أي حفلة الزفاف بدل انعقاد 4 حفلات بعناوين مختلفة «حفلة ليلة حنة / حفلة ليلة ملجة / حفلة شبكة / حفلة توديع عزوبية… إلخ».
7. إعادة هندسة المناسبات الاجتماعية بشكل أكثر فعالية عبر حوارات اجتماعية هادفة لإيجاد حلول فعالة تراعي عوامل تباعد الأماكن وسُلَّم الأولويات وظروف الناس.