آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

نبض

من أهم عناصر الاستقرار والنجاح في العلاقة الزوجية التواصل العاطفي وتبادل المشاعر الصادقة وتقدير الدور الوظيفي لكل واحد منهما، فهو عامل يلعب دورا مهما في حل أوجه الخلاف بينهما ويضبط العلاقة وفق التفاهم والاحترام بعيدا عن المواقف الانفعالية وغير المسئولية، والتي بدورها تؤدي إلى تفاقم المشكلة وتضخم الأمور بينهما وصولا إلى حالة التدهور والدخول في جفاف منسوب الأحاسيس الدافئة.

وقد يكون الإهمال في التواصل العاطفي بينهما مرده إلى الانشغال بالمتطلبات الحياتية من دراسة وعمل وتدبير منزلي وغيره، فيؤدي ذلك إلى تقليص مساحة الوقت الذي يقضيانه مع بعضهما ويشعر كل طرف بأن شريك الحياة بعيد عن اهتماماته وتطلعاته وقراراته الخاصة به، ومهما كان الأداء جيدا على مستوى الأمور الزوجية الأخرى كتوفير مستلزمات الحياة المادية فإن ذلك لا يعوّض الشعور بالتقدير والحضور في اهتمام شريك الحياة والشعور بالأمان العاطفي، ويخطئ من يتصوّر أن التواصل العاطفي محصور بأوقات معينة كالمناسبات الخاصة بأحدهما أو بأوقات متباعدة يتبادلان فيها كلمات الود، بل هي تقدير مستمر لوجود شريك الحياة ومشاركته في تدبير الأمور المشتركة والخاصة به، وبالتأكيد أن الكلمات الحانية لا يمكن نسيانها بل تستقر في الفؤاد وتخلّدها الذاكرة وتسكن في خانة الذكريات الجميلة.

وعلاقة الزوجين العاطفية تشكل نواة تربية أبنائهما وتوجيههم نحو إنشاء علاقات تتسم بالمشاعر الصادقة بعيدا عن الجفاف والتبلد القاتل لكل علاقة زوجية، فمشهد الحوار الهادئ البعيد عن التعصب والتزمت واستعراض وجهات النظر وصولا إلى نتائج ممكنة ومرضية، لا يفارق مخيلة الأبناء ويُقدّم درسا بليغا في العلاقة الزوجية الممتزجة بمشاعر عاطفية وانسجام فكري، فالعلاقة الزوجية الناجحة لا تقوم على مبدأ السيطرة وفرض الآراء والتزمت في القرارات فهذه كلها طرق مؤدية إلى خلل واضطراب في علاقة الزوجين ودخولها في نفق مظلم.

والجفاف العاطفي يتجلى في أوضح مصاديقه بغياب الكلمات الدافئة والمعبرة عن مشاعر المحبة والتقدير، كما أن المواقف الصعبة والظروف الحياتية الضاغطة نشعر فيها بحاجة ماسّة إلى وقوف شريك الحياة وحضوره واهتمامه بإخراجنا من دوامة الحيرة وآلام الهموم والأحزان، كما أن حسن الاستماع والإنصات لشريك الحياة وتبادل التصورات معه وصولا إلى المساعدة في اتخاذ القرار يشكل حضورا عاطفيا مهما لا يُنسى، وكم من علاقة زوجية كانت بداية الخلل فيها هو انسحاب شريك الحياة منها عاطفيا وحضوره الباهت والضعيف في المحطات الصعبة، مما أدّى إلى شعور هذا الطرف بعدم وجود مساحة له في وجدانه وفكره وانخفاض تقديره لتلك العلاقة الزوجية والتفكير في الانفصال عاطفيا معه.

وعند حدوث خطأ غير مقصود بكلمة قاسية أو موقف تجاهل فهذا لا يعني نهاية الأمر في علاقة الزوجين، فالاعتراف بالخطأ والاعتذار يعيد المياه إلى مجاريها ويدفع علاقتهما نحو الترسخ والاستقرار والازدهار ويفتح بابا للتواصل العاطفي بينهما.