أساليب التعامل الإنساني مع المقيمين في المملكة
المملكة العربية السعودية اليوم موطنٌ لمجتمعٍ متنوع، تلتقي فيه ثقافات متعددة وجنسيات شتى، في صورةٍ تُجسِّد عالمية الرسالة الإسلامية وروح الضيافة العربية الأصيلة. ومن هنا يبرز التعامل الإنساني مع المقيمين بوصفه قيمةً أساسيةً، وضرورةً اجتماعية، وواجبًا وطنيًا وأخلاقيًا.
أولى مراتب هذا التعامل تبدأ بالاحترام. فالاحترام ليس مجرد كلمة، بل سلوك ينعكس في المعاملة اليومية: في التحية الصادقة، والابتسامة الدافئة، والإصغاء باهتمام، وعدم الانتقاص من شأن الآخرين. فهذه التفاصيل الصغيرة تصنع أثرًا كبيرًا في كسر الحواجز الثقافية وتعزيز روح الألفة.
ثم تأتي العدالة لتكون قاعدة صلبة للعلاقات الإنسانية. فهي الضامن لحقوق العامل والموظف، وهي الكفيلة بترسيخ شعور الأمان والثقة. فالرواتب العادلة، والإجازات المنصفة، واحترام قوانين العمل، كلها ليست مجرد التزامات نظامية، بل تعبير عملي عن إنسانية راسخة.
ولا يكتمل المعنى الإنساني إلا بروح المساعدة. قد تكون المساعدة كلمة طيبة، أو توجيهًا نافعًا، أو دعمًا في وقت الشدة. هذه اللفتات، مهما بدت صغيرة، تغرس في النفوس المحبة وتبني جسورًا من المودة المتبادلة.
كما أن الانفتاح على ثقافات المقيمين واحترام عاداتهم وتقاليدهم يعزز الحوار ويقلل من سوء الفهم، ويخلق بيئة معيشية وعملية صحية. فالمجتمع الذي يستمع ويتفهم، هو المجتمع الأقدر على النمو والازدهار.
ولا ننسى أن الإنسانية تظهر أيضًا في الصبر واللطف عند اختلاف وجهات النظر أو وقوع الأخطاء البسيطة. فالهدوء في المواقف المتوترة يزيد من روح التعاون ويُشعر الجميع بالاحترام المتبادل.
وقد لخّص القرآن الكريم هذه القيم في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].
وكذلك قال أمير المؤمنين : «خالطوا الناس مخالطةً إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنّوا إليكم».
إن بناء ثقافة التعامل الإنساني مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمؤسسات، يتحقق عبر التربية والتثقيف، والدورات والبرامج التوعوية، التي تغرس في النفوس معنى الاحترام والتسامح والتعاون.
التعامل الإنساني مع المقيمين ليس ترفًا ولا مجاملة، بل هو قيمةٌ من قيم الإسلام، وركيزةٌ من ركائز الوحدة الوطنية، وضمانةٌ لمجتمعٍ متماسكٍ ينعم أبناؤه ومقيموه بالأمن والكرامة.
ومن المبادرات الرسمية في هذا الاتجاه:
مبادرات وبرامج سعودية للتعامل الإنساني مع المقيمين
1. مبادرة ”انسجام عالمي“ - وزارة الإعلام «2024»
أُطلقت ضمن برنامج جودة الحياة «رؤية 2030»، لتسليط الضوء على حياة المقيمين ومساهماتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، من خلال فعاليات تمثل 9 جنسيات مختلفة «الهند، الفلبين، باكستان، اليمن… وغيرها».
2. ملتقى ”جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع“ - مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري «2023»
فعالية فكرية بمناسبة اليوم الدولي للتسامح، جمعت أكاديميين ومفكرين لمناقشة دور التنوع الثقافي في تعزيز الحوار والسلام والتعايش.
3. برامج التعايش الثقافي - الهيئة العامة للترفيه
تنظيم فعاليات ثقافية وموسيقية وتراثية، يشارك فيها مقيمون من جنسيات مختلفة، لإبراز التنوع الثقافي وإثراء الحوار المجتمعي.
فلنكن جميعًا سفراء لهذه القيم، ولنُجسِّدها في سلوكنا اليومي، لنصنع معًا مجتمعًا يحتذى به في الإنسانية والتعايش والسلام.