آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 12:10 ص

غزة وأطفالها.. لماذا يخاطب العيسى ضمير العالم؟

حسن المصطفى * صحيفة البلاد البحرينية

في الأزمات الكبرى، يبرز قادة يتحدثون باسم الضمير الإنساني، لا باسم الانتماءات الضيقة، مبتعدين عن التحيز والعصبية، معززين قيمة الإنسان وكرامته. هذا ما يمثله خطاب الأمين العام لـ ”رابطة العالم الإسلامي“ الشيخ محمد العيسى، الذي دائما ما يرفع صوت الحكمة والسلام من أجل وقف الحرب الدموية على الفلسطينيين، مؤكدا أن رفضه جرائم إسرائيل يستند إلى إدانته سياسات حكومة متطرفة، لا إلى عداء لليهود كدين أو جماعة بشرية، فالعيسى طالما دعا إلى الحوار والتعاون والتعايش بين الأديان السماوية والثقافات المختلفة، وندد بكل أشكال الكراهية والعنصرية.

اليوم، تتحول غزة إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة. فوفقا لتحليل اللجنة الدولية لتصنيف مراحل الأمن الغذائي «IPC» يعيش أكثر من 514 ألف شخص في غزة ظروف جوع كارثي «المرحلة الخامسة» مع توقع ارتفاع العدد إلى 641 ألفا بحلول نهاية سبتمبر 2025. كما يواجه 132 ألف طفل دون سن الخامسة سوء تغذية حادا، بينهم 41 ألف حالة شديدة. أمام هذه الحقائق، قال العيسى ”بعد إعلان حالة المجاعة رسميًّا في قطاع غزّة، أصبحَ المجتمعُ الدوليُّ أمام كارثةٍ إنسانيةٍ غير مسبوقةٍ في أحداثها وتداعياتها، لتنتهيَ في توصيفها إلى وصمة عارٍ في جبين الإنسانيّة“.

هذه الأرقام تذكر بإخفاقات تاريخية مثل رواندا 1994، حيث قُتل 800 ألف إنسان، وسراييفو في البوسنة، حين تُرك المدنيون محاصرين بالجوع. واليوم، غزة تضع العالم مجددا أمام اختبار أخلاقي، وهو ما أكده الشيخ العيسى ”العالَم اليومَ أمام خيارين: إمّا صيانةُ حقوق الإنسان دون تمييز، أو السّماح بوقوع سابقةٍ في تاريخ الجرائم بِحَقِّ الإنسانيّة على مرأى ومسمع المجتمع الدوليّ“.

خطاب العيسى لا يقف عند التحذير، بل يقدم رؤية عملية: الضغط لإلزام إسرائيل بالقانون الدولي، ضمان وصول المساعدات، ودعم الجهود السعودية لإحياء حل الدولتين، داعيا إلى ”يقظةِ ضميرٍ، ووقفةٍ جادّة تجاه هذا الواقع المأساوي“.

جهود الدكتور محمد العيسى، تتناغم إيجابا مع نداءات الأمم المتحدة والبابا فرنسيس، مذكرة بأن إنقاذ أطفال غزة من المجاعة ليس قضية محلية، بل معيار لإنسانيتنا جميعا.