نظام نزع ملكية العقارات.. خطوة استراتيجية تفتح آفاق التنمية
في إطار السعي المستمر نحو تطوير البنية التشريعية والتنظيمية الداعمة لمسيرة التنمية الوطنية، أقرّ مجلس الوزراء السعودي، خلال جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025، نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة ووضع اليد المؤقت عليها. ويأتي هذا القرار امتدادًا للرؤية الطموحة التي تتبناها المملكة، والهادفة إلى تمكين الجهات المختصة من تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، بما يوازن بين المصلحة العامة وحقوق الأفراد.
يمثل هذا النظام نقلة نوعية في مسار تنظيم نزع الملكيات، إذ يُنظَر إليه كمنظومة متكاملة تتيح للدولة تنفيذ المشاريع الحيوية، كالطرق والمستشفيات وشبكات الخدمات، دون تعطيل، وفي الوقت ذاته تضع آليات عادلة ومنصفة لتعويض المتضررين.
وقد حرص النظام على أن تكون عملية التقدير والتعويض شفافة ومدروسة، حيث تخضع لتقييم السوق العادل من خلال ثلاثة مقيمين معتمدين، بإشراف الهيئة العامة لعقارات الدولة، مع منح تعويض إضافي بنسبة 20% في حالات النزع، و 20% أخرى في حال وضع اليد المؤقت.
كما يُشترط توفر الاعتمادات المالية قبل بدء أي إجراء، وهو ما يعكس التزام الدولة بالحوكمة المالية ويمنع العشوائية.
لا شك أن تنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة كان يواجه في السابق تحديات تتعلق بتعدد الجهات المعنية أو غياب التنظيم الواضح في حالات نزع الملكية. اليوم، ومع صدور هذا النظام، أصبحت الصورة أكثر وضوحًا، والآليات أكثر فاعلية.
ومن خلال هذه الخطوة، تعزز الدولة قدرتها على:
• تسريع تنفيذ مشاريع النقل الحيوية كالمترو والطرق السريعة.
• دعم التوسع في المستشفيات والمدارس ومراكز الخدمات.
• تحسين جودة الحياة عبر تطوير الحدائق والمرافق العامة.
• تسهيل إنشاء مشروعات الإسكان والبنية الرقمية ضمن أولويات رؤية 2030.
يتماشى هذا النظام مع توجهات رؤية المملكة 2030 من حيث:
• تمكين اقتصاد مزدهر عبر تنفيذ مشاريع وطنية كبرى تسهم في تحفيز النمو وخلق الوظائف.
• بناء مجتمع حيوي يستفيد من مرافق حديثة ومتطورة ترفع جودة الحياة.
• إقامة وطن طموح يرتكز على الحوكمة والشفافية وتكامل الأدوار بين الجهات الحكومية.
بل يمكن القول إن هذا النظام لا يكتفي بتنظيم الإجراءات، بل يؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة والمواطن، قوامها الثقة والعدالة، ويضع الفرد شريكًا في التنمية لا عقبة أمامها.
إن إقرار نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة يمثل خطوة مدروسة ضمن مسيرة التحول الوطني، تعكس وعي القيادة بأهمية التنظيم الدقيق لكل ما يمس المواطن وبيئته. فالتنمية لا تُبنى على الفوضى، ولا تُنجز على حساب الحقوق، وإنما تتحقق حين تتكامل الرؤية مع التنفيذ، ويحضر القانون كضامن للجميع.
بهذا النظام، تواصل المملكة ترسيخ مكانتها كدولة حديثة، تُراعي الإنسان، وتبني المستقبل، وتضع المصلحة العامة في موقعها الصحيح: حيث لا تُضيع فيه الحقوق، ولا تتعطل فيه التنمية.