آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

لماذا نجحت الأحساء وأخفقت القطيف؟

حسن آل جميعان *

نعيش هذه الأيام موسم الثمار الصيفية: الرطب، والليمون، واللوز، والتين. وهذه الثمار تشتهر بها منطقتا القطيف والأحساء لما لهما من تاريخ زراعي عريق. والسر في رواج هذه الثمار هو رغبة المستهلك في الحصول عليها، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي زاد الطلب عليها، مما جعلها مصدرًا للتنافس ليس في السوق فقط، بل حتى في الدوائر الاجتماعية في كلا المنطقتين. حيث أصبح التنافس على من يحتكر اسم هذه الثمار: ”كلٌّ يدّعي وصلاً بليلى...“. وهذا في حدوده الطبيعية لا بأس به، لكن ما يُخشى منه أن يكون مصدرًا من مصادر التشاحن والتباغض بين المجتمعات، وهذا ما لا نرغب ولا نتمنى حصوله، لأن ما يربطنا من روابط اجتماعية أكبر من هذه المسميات وهذه الثمار.

كل ما تقدم هو عبارة عن مقدمة لما نود الحديث عنه، وهو السؤال الذي عنونَّا به المقال: لماذا نجحت الأحساء وأخفقت القطيف؟

الجواب بشكل مختصر هو: ”فهم السوق“. وهو دخول التجار أو رواد الأعمال في خط المنافسة على هذه الثمار، وتحويلها من ثمار عادية ذات عوائد مالية قليلة إلى منتجات ذات قيمة وعوائد مجزية للمزارع والتاجر في الوقت ذاته. فقد استطاع التاجر أو رائد الأعمال الأحسائي إضافة ”الصناعة التحويلية“ إلى هذه الثمار الموسمية والاستفادة من كل شيء فيها، حيث لا يوجد جزء منها إلا وتم تحويله إلى منتج قابل للبيع. إضافة إلى ذلك، عملوا على تسويق تلك المنتجات، مما ساعد في انتقالها من رفوف المتاجر إلى المستهلك. إذ لا يكفي أن ننتج منتجات جميلة وجذابة وذات قيمة عالية لكنها تفتقد عنصر التسويق، مما يحرم المستهلك من التعرف عليها، ومن ثم لا تجد تلك المنتجات السوق المناسب الذي تستحقه وتحقق العائد الاقتصادي المأمول. وأخيرًا، وجود مجتمع يدعم ويشجع على شراء المنتج الوطني جعل المزارع ورائد الأعمال يعملان بكل ما يستطيعان على تطوير هذا النوع من الأسواق، والوصول بها إلى العالمية تحت وسم ”صُنع في السعودية“، لتصبح هذه المنتجات فخرًا وعزًّا للوطن.

هل عرفنا لماذا نجحت الأحساء وأخفقت القطيف؟ السر ليس في الاسم، إنما في فهم السوق وما يحتاجه المستهلك، وقدرة المجتمع على الابتكار والتطوير. هذا ما جعل الأحساء تنجح. والغرض من هذا المقال ليس جلد الذات، بل فهم مقومات النجاح ومعرفة أسبابه، التي إذا تبعناها نجحنا وتقدمنا، وإذا اكتفينا بما عندنا، وقلنا: ”ليس بالإمكان أفضل مما كان“، والله لا يغيّر علينا، خسرنا الرهان وفاز من يراهن على الأخذ بأسباب النجاح والسعي نحو تحقيقها بكل الوسائل الممكنة، وأخفق من جانب ذلك وركن إلى التعصب والمناطقية.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ابو مجتبى
[ القطيف ]: 28 / 8 / 2025م - 4:20 م
أعتقد بأن السبب الرئيسي لإخفاق القطيف في إستغلال ثمارها هو عدم إقدام رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال في القطيف على دخول المشاريع الصناعية التي توجد بها نسبة مخاطرة ولو بسيطة وذلك بسبب خوفهم على رؤس أموالهم. فالغالبية العظمى من أصحاب رؤوس الأموال في القطيف يستثمروا أموالهم في العقارات أو مراكز التسوق أو وضع أموالهم كعوائد في البنوك بينما غيرهم في مناطق المملكة تمكنوا من إنشاء العديد من المصانع والشركات. حتى جزيرة الأسماك نفسها عندما تم طرحها للإستثمار لم يبدي رجال أعمال القطيف الرغبة في استثمارها ولم يقدموا عطاءاتهم كما سمعنا مع أنها من المشاريع المربحة للغاية.
لماذا لم يبادر رجال أعمال القطيف بإنشاء مصنع للتمور على غرار الموجود في الأحساء او غيرها حتى لو كان صغيرًا في البداية ولماذا لم يبادروا حتى الإن بإنشاء مصنع لمنتجات الأسماك والذي يقدم بعض المنتجات مثل الأسماك المعلبة ، صناعة زيوت الأسماك ، صناعة الأسمدة الزراعية من مخلفات الاسماك وغيرها من المنتجات التحويلية.
القطيف بيئة استثمارية كبيرة وبها فرص متنوعة ولكن تحتاج لرجال أعمال جريئين ومستعدين لتحمل المخاطر المالية والدخول في المشاريع الصناعية التي تساهم في توظيف الشباب وتطور البلاد وان لا يكون هدفهم الأول والأخير هو كسب المزيد من الأموال على حساب الغير كما هو حاصل في العقار حيث تسببوا في إرتفاع أسعار الأراضي الى مبالغ خيالية حالت دون مقدرة الشباب على تملك قطعة أرض.