آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

أمانة التعليم… بداية عام وبداية نهضة

ها هي أبواب المدارس تُفتح من جديد، لتستقبل قوافل الحالمين، وأرواحًا صغيرة تحمل في أعينها بريق الغد. عام دراسي جديد ليس مجرد صفحات تُكتب، بل هو حياة تُصنع، وأجيال تُبنى، ووطن ينتظر منّا الكثير.

إلى المعلّم… حامل الشعلة ومهندس العقول

أيها المعلم، يا من تقف في محراب العلم كل يوم، تذكّر أن بين يديك أمانة أثقل من الذهب، أمانة لا توزن بالدنيا وما فيها. كل نظرة منك قد تزرع ثقة، وكل كلمة منك قد تهدم يأسًا.

لا تُعلّم كتابًا، بل علّم كيف يُكتب الكتاب. لا تزرع في عقولهم الأجوبة الجاهزة، بل ازرع في قلوبهم حبّ السؤال. فالمناهج تُمحى، أما القيم فتبقى خالدة.

أنت لست موظفًا في جدول حصص، أنت صانع قادة، ومؤسس نهضة، وأول حجر في بناء أمة. فلتكن كلمتك نورًا، وصبرك جسرًا، وابتسامتك أملًا.

إلى الطالب… فارس الطريق وصانع القدر

أيها الطالب، تذكّر أن حقيبتك ليست وزنًا على ظهرك، بل جناحًا يحملك إلى السماء. المدرسة ليست جدرانًا، بل نافذة تُطلّ على الحياة.

لا تجعل العلم حبرًا على ورق، اجعله نورًا في عينيك، وحلمًا في قلبك، وعملًا في واقعك.

تعلّم لتعرف، لا لتتفوق فقط. تعلّم لتكون إنسانًا قبل أن تكون علامة في سجلّ. وكل يوم جديد هو فرصة لتكتب لنفسك قصة نجاح، فاغتنمها قبل أن تغلق الأبواب.

إلى وليّ الأمر… اليد التي تمتد بالحبّ لا بالخوف

أنت شريك لا متفرّج، وصاحب دور لا يمكن أن يغيب. بيتك هو المدرسة الأولى، وكلمتك هي المنهج الذي لا يُمحى من ذاكرة الطفل.

هيّئ له بيئة يسكنها الحلم، وتغمرها الطمأنينة. كن صديقًا له قبل أن تكون محاسبًا، وكن له حضنًا دافئًا حين يتعثّر، قبل أن تكون سوطًا يجلده حين يفشل.

التعليم ليس درجات على ورقة، بل إنسانًا يصعد نحو قمّة الحياة. فكن سندًا له، تكن شريكًا في بناء وطن.

إلى المسؤول… صانع السياسات وحامي الأمانة

أنتم لا تديرون إدارات، بل تحملون في ملفاتكم أحلام أمة. كل قرار تتخذونه اليوم، ستقرؤه الأجيال في الغد. فاجعلوا التعليم رسالة لا معاملة، وحياة لا أوراقًا.

ابنوا المدارس كما تُبنى القلوب، وزيّنوا المناهج كما تُزيّن الأرواح، واجعلوا كل فصل دراسي مساحة للابتكار لا للحفظ، وميدانًا للإبداع لا للتكرار.

وأخيرًا… إلى وطني الحبيب

يا وطن العطاء، يا من حملت التعليم على كتفيك، فصنعت من الصحراء حضارة، ومن الأحلام واقعًا… لك الفضل بعد الله في أن تقف هذه الأجيال اليوم على عتبة المجد.

يا وطن، علّمتنا أن التعليم ليس خيارًا، بل قدرٌ عظيم، وأن بناء الإنسان هو أقدس مشاريع الحياة. فها نحن نردّ لك الجميل، بالعلم والعمل، بالوفاء والولاء، لتظل رايتك خفّاقة، عالية في سماء الدنيا.

يا وطن، عهدنا لك أن نكون أمناء على هذه الأمانة، لنصنع لك مجدًا لا يزول، ونكتب لك غدًا يليق باسمك العظيم.

فلنرفع شعارنا معًا:

”أمانة التعليم… علمٌ يُزهر، ووطنٌ يفخر“

دكتوراه في فلسفة العلوم النفسية وباحثة دكتوراه في الأدب والنقد