آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

شموخ العطاء وهمّة وطن

ياسين آل خليل

حين تحصد طالبة شابة مثل ريما محمد المحروس ستة قبولات من جامعات أمريكية مرموقة، فإن هذا الإنجاز لا يقف عند حدودها الشخصية فقط، بل يتجاوز ذلك ليعكس صورة مشرقة عن الطاقات المتجددة الكامنة في محافظة القطيف، وعن روح الإصرار التي يحملها أبناء هذا الوطن الكبير.

هذا التفوق لم يأتِ صدفة، بل هو ثمرة رعاية مؤسساتية واعية مثل برنامج «موهبة للالتحاق بالجامعات المرموقة - التميز»، الذي يجسد التزام المملكة بتمكين أبنائها وبناتها من الوصول إلى أرقى المنصات العلمية عالميًا. وما يقدمه البرنامج من تدريب متكامل ودعم استشاري ليس إلا انعكاسًا لرؤية المملكة التي ترى في الإنسان حجر الزاوية لأي نهضة حقيقية.

ومحافظة القطيف، بتاريخها العريق وحاضرها المشرق، ما زالت تثبت أنها منجم للطاقات البشرية المبدعة. فمن ميادين العلم والمعرفة إلى ساحات الرياضة والفنون والعمل الاجتماعي، يتوالى العطاء من شبابها وبناتها الذين يضعون بصماتهم محليًا وعالميًا.

إن إنجاز ريما المحروس هو دعوة مفتوحة لأبناء وبنات القطيف، بل ولشباب المملكة كافة، بأن طريق التميز يبدأ من الإيمان بالقدرات الذاتية، ومن استثمار الفرص التي تفتحها الدولة أمامهم، ومن المثابرة التي تصنع الفارق بين الحلم والواقع.

لقد آن الأوان أن يدرك شباب القطيف أن كل إنجاز فردي هو في الحقيقة رسالة جماعية تقول للعالم إن المملكة قادرة على المنافسة في أرفع الميادين، وإن أبناءها ليسوا مجرد متلقين للمعرفة، بل صانعين لها.

إن ما نطمح إليه اليوم هو أن تتحول هذه النجاحات الفردية إلى سلسلة متواصلة من الإنجازات، يضيء فيها كل طالب وطالبة شمعة جديدة في مسيرة الوطن نحو الريادة الإقليمية والعالمية. فالقطيف بما تملكه من عقول طموحة وقلوب نابضة بالمسؤولية قادرة على أن تكون نموذجًا ملهمًا في مسيرة التطوير والابتكار.

ولعل من أجمل ما يحمله هذا الطموح الجماعي أن يتجسد في حلمٍ ظل حاضرًا في وجدان أبناء المحافظة، وهو تأسيس جامعة للعلوم والطب تواكب إنجازاتهم وتلبي تطلعاتهم، لتكون صرحًا يليق بتاريخ القطيف العلمي والثقافي، ويواكب حجم عطائها الممتد عبر الأجيال. إن وجود مثل هذا الصرح لن يكون مجرد مكسب للمحافظة وحدها، بل إضافة نوعية للمملكة كلها، إذ يعكس إيمان الوطن بأهمية الاستثمار في المعرفة وتمكين الإنسان.