آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

هل نحب الماركات.. أم الماركات هي اللي تحبنا؟

زكي الجوهر *

نشتكي من غلاء المعيشة وننتظر ”زيادة الرواتب“ كأنها العصا السحرية… لكن الواقع يقول: المشكلة غالبًا في عادات الصرف، لا في مبلغ الصرف. والدليل؟ أسبوع واحد في السعودية يسجّل إنفاقًا بنقاط البيع يصل إلى 15.6 مليار ريال—يعني الناس ما زالت تشتري وبثقة، خصوصًا في المطاعم والمقاهي والملابس!

الحكاية بسيطة:

• حلاق بـ 10 وحلاق بـ 95… النتيجة شعر قصير في الحالتين، لكن الفرق في ”الكرسي الذهبي“.

• ثوب بـ 150 وثوب بـ 1100… الفارق الحقيقي على ”ستوري“ السناب، لا في القماش.

• كوب شاي بريالين وآخر بـ 40… كلاهما شاي، لكن الثاني ”قابل للوسم“.

• كيلو سمك تقليه في البيت بـ 45، وفي المطعم بـ 650… الفرق موسيقى وديكور.

• جوال بـ 1200 وجوال بـ 5900… الرسالة والصورة نفسها، لكن ”الهيبة“ أغلى.


لو كانت المشكلة فقرًا محضًا، ما وجدنا الإنفاق على المطاعم والمقاهي يقفز أسبوعيًا ضمن أعلى القطاعات نموًا، وعدد العمليات يتخطّى 244 مليون عملية في أسبوع واحد. هذا سلوك استهلاكي نشِط، لا سلوك محافظ يشتكي قلة ذات اليد.

طيب.. وش دخل ”جودة الحياة“ هنا؟

رؤية 2030 لم تأتِ لتقول ”اصرف أكثر“، بل لتفتح لك بدائل أذكى: رياضة، حدائق، ثقافة، مواصلات، فعاليات شعبية.. خيارات ترفع سعادتك بدون ما ترهق محفظتك. برنامج جودة الحياة اليوم يحرّك قطاعات الرياضة والثقافة والسياحة والترفيه ويدفعها للأمام؛ ووفق المؤشرات الرسمية أنجز بالكامل 22 مؤشرًا في عامٍ واحد، واستمر تقدّم المبادرات على المسار المخطط.

ثقافة وترفيه ”على قدّك“:

آخر نشرات الإحصاء تقول إن 81.6% من السكان حضروا فعالية ثقافية واحدة على الأقل خلال فترة المسح، و 85.3% حضروا فعالية ترفيهية. يعني الجمهور موجود، والساحات مفتوحة، والتجربة ليست حكرًا على ”ال?ي آي بي“.

والرياضة؟

التوجّه تغيّر بوضوح. تقارير التقدم لـ 2024 تشير إلى أن 58.5% من البالغين يمارسون نشاطًا بدنيًا 150 دقيقة أسبوعيًا—رقم يتجاوز أهداف المرحلة ويعني أن نمط الحياة النشط صار متاحًا ومُغريًا للجميع، لا لفئة النوادي الفاخرة فقط.

ترجمة كل هذا لقرارات محفظتك:

- استبدل الاستعراض بالاستمتاع. بدل قهوة بـ 55 ريال كل يوم، شارك فعالية مجانية أو منخفضة التكلفة في الحي أو احجز ممشى وحديقة—والأرقام تقول إن الإقبال على الحدائق والفعاليات صار سمة عامة، مو رفاهية نادرة.

- اقتنِ لا ”تتباهَ“. نقاط البيع تُظهر شهيّة كبيرة للمطاعم والمقاهي والموضة. خصّصها للمرات الخاصة، وارجع للطبخ المنزلي… بالذات وأن البدائل الترفيهية غير المكلفة تكاثرت.

- قِس على جودة الحياة… لا على ”اللايك“. الهدف من البرامج الحكومية رفع الرفاه الحقيقي: صحة، نشاط، تواصل اجتماعي، مساحات عامة. هذا الرفاه لا يحتاج فاتورة ماركات—يحتاج تنظيم وقت وعادة مستمرة.

- خلِّ السيارة وسيلة لا منصة. الرؤية تدفع نحو مدنٍ أسهل للمشاة والفعاليات والمواسم. كل مرة تختار فيها مشوارًا ذكيًا بدل ”لزوم الظهور“، أنت تربح راحة ومالًا معًا.

الخلاصة المشاكسة:

إذا زادت الرواتب اليوم وما غيّرنا عادات الصرف، راح يظل آخر الشهر ”مشهدًا معادًا“: حسابٌ نحيل وصورةٌ سميكة. الرؤية قدّمت منصة واسعة لجودة حياة قابلة للعيش… لا للتباهي. القرار عندك: تكون زبونًا دائمًا لثقافة الفاتورة، أو لاعبًا نشِطًا في اقتصاد السعادة المعقولة.

اترك الهياط تربح. وفكّر: هل تحب الماركات فعلًا… أم تحبك لأنها تعرف طريق محفظتك؟