آخر تحديث: 25 / 8 / 2025م - 3:09 م

من خطباء القطيف.. الملّا باقر عبد الكريم المدن «1336-1412 هـ»

أحمد بن جواد السويكت

قال عنه الخطيب الحسيني الشيخ محمد نجل العلامة الشيخ منصور المرهون «الملّا باقر عبد الكريم المدن هو خطيبًا بارعاً وشاعرًا من الشعراء الممتازين الذين يتمتعون بشهرة في الأوساط المنبرية».

اسمه ونسبه

هو الخطيب الحسيني الكبير الملّا باقر ابن الملّا عبد الكريم ابن محمد المدن الدبَّابي القطيفي. ويُعد من أعلام قرية الدبَّابيَّة في القرن الرابع عشر من الهجري.

حياته ونشأته

وُلد سماحة الخطيب الكبير الملّا باقر ابن الملا عبد الكريم المدن يوم 15 من شهر رمضان عام 1336 هـ في بلدة الدبَّابيَّة بمحافظة القطيف، ونشأ في أسرة عُرفت بتدينها واهتمامها بالعلم. تلقى تعليمه الأول على يد والده الملّا عبد الكريم، أحد الخطباء المعروفين في البلدة، كما تأثر كثيرًا بوالدته الملاية زهراء بنت حبيب آل إسماعيل، فكان لتربيته بين والدين خطيبين أثرٌ واضح في تنشئته الدينية والثقافية. ويُعتبر الملّا باقر الشخصية الروحية البارزة لعائلة آل إسماعيل التي تقطن في بلدة الدبَّابيَّة.

جدُّ الملّا باقر هو الحاج حَبيب آل إسماعيل، أحد الشخصيات المعروفة في بلدة الدبَّابيَّة. وقد خلّف هذا البيت العلمي والديني ذرية مباركة، من أبرزهم حفيده الخطيب الحسيني الملا حسين عبد الحميد آل إسماعيل، حفظه الله تعالى، الذي سار على نهج أجداده في خدمة المنبر الحسيني ونشر علوم أهل البيت .

دراسته العلمية

التحق الملّّا باقر المدن - رحمه الله - بالحوزة العلمية في بلدته الدبابية، حيث تلقّى تعليمه على يد مؤسسها العلّامة المقدّس الشيخ منصور علي المرهون - رحمه الله - في حسينية العودة، ودرس مبادئ العلوم الدينية إلى جانب نخبة من الفضلاء، من بينهم: الشيخ علي المرهون والشيخ أحمد مهدي السويكت، والوجيه السيد جعفر السيد أحمد آل ماجد، والشيخ محمد حسن المرهون، والخطيب الحسيني الملا محمد صادق المرهون، والخطيب الملا سعيد منصور المرهون، والشيخ عبد الحي صالح المرهون وغيرهم.

أساتذته

• الشيخ منصور علي المرهون «1292-1362 هـ». [1] 

• الملا حسن أحمد مهدي الجامد «1285-1375 هـ». [2] 

• الشيخ أحمد بن مهدي السويكت «1329-1397 هـ». [3] 

• الملّا حسن الجامد الشيخ منصور المرهون

• الشيخ أحمد مهدي السويكت

تلاميذه

ومن أبرز تلاميذه الذين تعلموا على يديه فنّ الخطابة المنبرية، نذكر الأسماء التالية:

• الخطيب الحسيني الملّا منصور أحمد المقابي «1359-1434 هـ». [4] 

• الخطيب الحسيني الملّا علي آل قيصوم «1345-1427 هـ». [5] 

• الخطيب الحسيني الملّا سعيد منصور المرهون «1339-1440 هـ». [6] 

• الملّا الحاجّ موسى نجل الشيخ رضي حسن الصفار «1345 -1429 هـ». [7] 

• الملّا الحاج ّعباس محمد يوسف الخراري «1347-1437 هـ» [8] 

• الخطيب الحسيني الملّا صادق منصور المرهون «1345-1424 هـ». [9] 

• الخطيب الحسيني السيد عدنان علوي التتان «1373 هـ -...». [10] 

• الخطيب الحسيني السيد سعيد هاشم الهواشم «1342-1428 هـ». [11] 

• الملّا موسى رضي الصفار الخطيب الملّا منصور المقابي

• الخطيب الملّا علي آل قيصوم الخطيب الملّا سعيد المرهون

• الملّا الحاجّ عباس يوسف محمد الخراري

• الملّا السيد عدنان التتان الملّا السيد سعيد الهواشم

الخطابة الحسينية

كان الملّا باقر المدن - رحمه الله - خطيبًا بارعًا مفوهًا، عُرف بفصاحته وصوته الشجي القوي، وقد تأثر في أسلوبه الخطابي بأستاذيه: العلّامة الشيخ منصور المرهون «ت: 1362 هـ» [12]  والشيخ حسن أحمد الجامد «ت: 1375 هـ» [13] . وقد أشار إليه الملّا علي الرمضان في إحدى قصائده الواردة في كتاب «ماضي القطيف وحاضرها» جامعًا بينه وبين زميله الخطيب الملّا سعيد المرهون في بعض دروسه، حيث قال:

وسعيد المرهون نجل الشيخ من *** صور وباقرٍ الخطيب المفجعِ [14] 

ووصفه الخطيب الحسيني السيد عدنان علوي التتان بقوله «الملّا باقر المدن، كان خطيبًا مميزًا، وكان ممن يطيل في المجالس فيقرأ أكثر من ساعة، وهو ممن لا يكتفي بصانع واحد، بل يأخذ معه اثنين من الصنّاع، فواحد يقرأ معه في المجلس والآخر يتقدم للمجلس الآخر.. [15] 

وقد ارتقى المنبر الحسيني الملا باقر المدن - رحمه الله - في العديد من مناطق القطيف وقراها، وكان من أبرز الأماكن التي اعتاد الخطابة فيها: حسينية العوامي في القلعة، وكان الخطيب الخاص لسماحة لآية الله العظمى السيد ماجد العوامي «ت: 1367 هـ» خلال أيام عاشوراء [16] ، الذي يُعد من أبرز المجالس الحسينية آنذاك. وكان يحضره العالمان الجليلان: الشيخ أبو عبد الكريم الخنيزي، والشيخ أبو الحسن الخنيزي، لما لهذا المجلس من مكانة علمية وروحية رفيعة في أوساط المجتمع. [17]  ومجلس السيد باقر موسى السادة بقرية التوبي طوال العام، وحسينية الحوار في بلدة الكويكب، ومسقط رأسه الدبَّابيَّة في حسينية آل إسماعيل بشكل دائم، وأيضًا في حسينية العودة وحسينية آل مديفع وحسينية الحداد وفريق فدى الحميرة الذي يقع في طريق الخويلدية وحسينية مياس وغيرها الكثير. وكان يحظى بحضور واسع من المستمعين.

لقاءاته مع الحجة الشيخ فرج العمران

كان الملّا باقر المدن - رحمه الله - يلتقي بشكل متكرر بالحجة الشيخ فرج العمران - رحمه الله - في عدد من المناسبات والأماكن المختلفة، وقد دون الشيخ فرج هذه اللقاءات في كتابه ”الأزهار الأرجية“ وهي: -

اللقاء الأول

قال الحجة الشيخ فرج العمران في كتابه الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية الجزء «6/403» في يوم الاثنين السادس والعشرون من شهر رجب سنة 1374 هـ «اجتمعت بالخطيب الملّا باقر ابن الحاج عبد الكريم المدن في منزل العلامة الحجة الشيخ علي الجشي «مد ظله» فعرض عليَّ كتابًا مرسلاً إليه من النجف الأشرف من الفاضل طاهر نجل حجة الإسلام الشيخ حسن البدر، ذكر فيه أنه يلتمس مني صوغ تاريخ ولده...».

اللقاء الثاني

قال الحجة الشيخ فرج العمران في كتابه الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية الجزء «9/553» في ظهر يوم الأربعاء السابع والعشرون من شهر ربيع الأول سنة 1382 هـ «تناول الطعام في منزل الشيخ أحمد ابن الشيخ منصور آل سيف ومعنا الفاضل الشيخ علي المرهون، والخطيب الملا باقر ابن الحاج عبد الكريم المدن».

اللقاء الثالث

قال الحجة الشيخ فرج العمران في كتابه الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية الجزء «13/283» في ضحى يوم الاثنين العاشر من شهر شوال سنة 1388 هـ «زارنا الفاضل الشيخ باقر أبو خمسين الأحسائي، ومعه الماجد الحاجّ حسين ابن الحاج علي بن حرز الأحسائي، الجميع من الهفوف، ومعه أيضا السيد محمد السيد باقر العوامي، والملا باقر ابن الحاج عبد الكريم بن مدن من أهل الدبابية فسررنا بزياتهم جميعُا».

اللقاء الرابع

قال الحجة الشيخ فرج العمران في كتابه الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية الجزء «13/304» في صبيحة يوم الثلاثاء التاسع والعشرون من شهر ذي الحجة سنة 1388 هـ، زارنا الخطيب الشهير السيد حسين الشامي، في مكتبنا في القلعة، فسررنا بزيارته جدًا، وقد حضر في هذا المجلس الفاضل الشيخ ميرزا حسين البريكي، والشيخ أحمد ابن الشيخ منصور آل سيف، والشيخ محمد تقي المعتوق، والخطيب الملا باقر بن عبد الكريم بن مدن، شكر الله سعى الجميع.

مجلسه الصباحي

كان مجلس الملّا باقر المدن المعروف بـ ”المجلس الصباحي“ [18] ، ملتقى، حيث اعتاد استقبال الزوار يوميًا في فترة الصباح. وكان من أبرز روّاده الدائمين المرحوم الخطيب الحسيني الملّا منصور أحمد المقابي ”أبو فائز“، والمرحوم الحاجّ عبد رب الحسين عبد الله المخرّق ”أبو محمد“، والحاجّ جعفر ابن الملّا علي مرار ”أبو موسى“، والمرحوم الحاجّ عبد الله علي محمد السويكت ”أبو عادل“، وهم من أصدقائه المقرّبين والملازمين له.

كما اعتاد حضور المجلس عدد كبير من الشخصيات والفضلاء من داخل الدبّابيّة وخارجها من أبرزهم: الخطيب الملّا صادق منصور المرهون، والعلّامة الشيخ محمد تقي المعتوق، والأديب الأستاذ محمد سعيد الخنيزي، والوجيه الحاجّ محمد صالح الفارس وإخوانه، والأديب السيد حسن العوامي، والسيد عباس باقر السادة وأخوه السيد عدنان ”أبو حسين“ من أهالي التوبي، والحاجّ أحمد العبكري ”أبو عبد الهادي“ من القلعة، إلى جانب عدد كبير من المحبين والمهتمين الذين كانوا يجدون في مجلسه ملاذًا للعلم والأدب والذكرى الطيبة.

شعره

أخبرني الحاجّ جعفر ابن الملّا علي مرار - حفظه الله - أنه شاهد مع المرحوم الحاجّ عبد الحسين عبد الله المخرق مخطوطة تضم مجموعة من القصائد الشعرية التي نظمها الخطيب الملا باقر المدن - رحمه الله -، وقد أبديا رغبة كبيرة في طباعة هذا العمل، حيث عرضا على الملا باقر أن يتكفلا بطباعته على نفقتهما الخاصة. غير أن الملّا باقر - رحمه الله - طلب منهما التريث، مفضلًا مراجعة المخطوطة وتنقيحها أولا قبل الإقدام على الطباعة.

وقد أشار الشيخ محمد نجل العلامة الشيخ منصور المرهون في كتابه أم الحمام بين الأمس واليوم في صفحة [279]  إلى أن الملّا باقر عبد الكريم المدن، يٌعد شاعراً من الشعراء الممتازين الذين يتمتعون بشهرة في الأوساط المنبرية وله من المؤلفات الأدبية والشعرية لا زالت قابعة في أدراجها، لعلها ترى النور في المستقبل.

وفاته

توفي الملّا باقر عبد الكريم المدن - رحمه الله - ليلة 5 ربيع الأول سنة 1412 هـ، عن عمر ناهز 76 عامًا ودفن في مقبرة الدبَّابيَّة. وقد رثاه الخطيب الحسيني الملّا صادق منصور المرهون بقصيدة:

حملت إلى القبر يا باقر *** فحن لفقداك المنبر

حملت تحييك جمع الحشود *** بمدمعها والأسى يهمر [19] 

[1]  الترشيف في تراجم علماء القطيف «2/469»، نجوم في سماء الذاكرة صفحة «147» وذكرى النور في حياة الشيخ منصور الموهون صفحة «45» وأم الحمام بين الأمس واليوم صفحة «279» تأليف الشيخ محمد نجل العلامة الشيخ منصور المرهون، وسطور النور في حياة الشيخ منصور المرهون صفحة «280» تأليف الشيخ عبد الحميد المرهون. والقطيف وملحقاتها «2/17»

[2]  على أعتاب الحسين «1/67» للأستاذ لؤي محمد شوقي آل سنبل.

[3]  على أعتاب الحسين «1/105»، والهدية الخطية في الأصول الدينية صفحة «26».

[4]  على أعتاب الحسين «3/230»

[5]  الجذوة في شعر أم الحمام صفحة «181» تأليف الشيخ عبد الحميد المرهون.

[6]  على أعتاب الحسين «2/189»

[7]  كتاب الشيخ علي المرهون - رواية مجتمع.. وتجربة حياة، تأليف الأستاذ عبد الإله التاروتي في صفحة «119»

[8]  على أعتاب الحسين «3/242»

[9]  على أعتاب الحسين «2/200»

[10]  على أعتاب الحسين «3/72» وأخبرني السيد عدنان التتان بذلك.

[11]  على أعتاب الحسين «2/200».

[12]  قال الخطيب الشيخ عبد الحميد المرهون في كتابه سطور النور في ذكرى الشيخ منصور في صفحة «141» وقد نقل عنه أي ”الشيخ منصور المرهون“ جمع من الخطباء الذين كانوا يستلهمون أسلوب الخطابة من منبره الرفيع، منهم الملا باقر ابن الملا عبد الكريم آل مدن من أهالي الدبيبية ”الدبابية“ المتوفي في 4/3/1412 هـ

[13]  على أعتاب الحسين «1/67»

[14]  كتاب ديوان وحي الشعور قسم «ماضي القطيف وحاضرها» تحت عنوان «مراثي العلماء الأعلام وأهالي القطيف» صفحة «179» وكتاب على أعتاب الحسين «2/187» تحت رقم «19» وكتاب الميسور في حوادث الأيام والشهور للشيخ عبد الحميد منصور المرهون.

[15]  على أعتاب الحسين «3/73-74».

[16]  على أعتاب الحسين «2/200».

[17]  على أعتاب الحسين «3/89».

[18]  تشرّفت بزيارة المجلس في عدة مناسبات؛ كانت الزيارة الأولى برفقة العلّامة الشيخ محمد تقي المعتوق عام 1408 هـ، ثم زرتُه مرة أخرى بصحبة والدي، أما الزيارة الثالثة فكانت مع ابن عمي الحاجّ عبد الله علي السويكت.

[19]  على أعتاب الحسين «2/200»