آخر تحديث: 22 / 8 / 2025م - 10:55 م

كيف تحيا حياة الإمام الحسين (ع)؟

محمد يوسف آل مال الله *

أعلم أنّه من الوهلة الأولى لقراءة العنوان سوف يراودك ألف تساؤل وتساؤل، هل هذا ممكن والإمام الحسين إمامًا معصومًا؟ كيف لإنسان لا يملك العصمة أن يحيا مثله؟ يقول الإمام أمير المؤمنين : ”ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد“.

يحق لك ولغيرك أن يتساءل ويطرح العديد من التساؤلات ولكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو؛ لماذا كل هذه الحركة العالمية وهذه النهضة الكربلائية وهذا الجهاد المقدّس الذي قدّم فيه الإمام الحسين كل هذه التضحيات، بل كل ما يملك، إلّا ليصنع الإنسان الذي أراد له الله أن يكون!!!

مما لا شك فيه بأنّ يوم الأربعين، الذي يُصادف العشرين من شهر صفر، يُعدّ من أعظم المناسبات في التراث الإسلامي، إذ يُحيي فيه المؤمنون ذكرى مرور أربعين يومًا على استشهاد الإمام الحسين في كربلاء ويزداد ارتباط المؤمنين بالإمام الحسين ، ويجددون في هذا اليوم الولاء لنهجه ومبادئه من خلال الزيارة، البكاء، الدعاء، والمواساة.

لقد تحوّل يوم الأربعين إلى ظاهرة إنسانية عالمية؛ حيث يشارك فيها الملايين من مختلف الدول والطوائف، ممّن يتأثرون برسالة الإمام الحسين في رفض الظلم والوقوف مع الحق ويُسلّط الضوء على القيم التي استشهد من أجلها الإمام الحسين ؛ العدل، الكرامة، الحرية، الإصلاح، مقاومة الطغيان، ونصرة المظلوم.

الآن وبعد أن مرّ أربعون يومًا على استشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين وبعد أن أحيا الشيعة في العالم ذكرى عاشوراء وقطعوا المسافات مشيًا على الأقدام وغرفوا من معين المنبر الحسيني دروسًا في العقيدة والأخلاق وغيرها، ألا يحق لنا أن نسأل كيف نحيا حياة الإمام الحسين ؟

فالجواب…

نعم، فالإمام الحسين أراد أن يصنعنا بنهضته المباركة ونكون كما أراد الله لنا أن نكون وعليه لابد أن نقتفي خطاه ونسير على دربه ونعمل بمقتدى نهجه الذي هو نهج الأنبياء والرسل وعلى رأسهم جدّه النبي المصطفى محمد ﷺ وسلّم.

لتحيا حياة الإمام الحسين لا يكفي أن تحزن لمصيبته أو تندب مظلوميته، بل لا بد أن تعيش قيمه، وتتمثل مبادئه، وتسير على خطاه في كل جانب من جوانب حياتك ما أمكنك ذلك.

كيف؟

من خلال الخطوات التالية:

• الوعي بالقضية: لم يخرج الإمام الحسين على الطاغية يزيد لأجل سلطة أو جاه، بل ”لِطَلَبِ الإصلاح في أُمّة جدّه“، وعليه يجب أن يكون وعيك دائمًا منصبًّا على القضايا الكبرى: الظلم، الفساد، العدالة، والكرامة.

• الثبات على المبدأ: عندما قال الإمام الحسين : ”إني لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما“، فإنّه يوصل رسالة واضحة بأن تثبت على الحق حتى وإن كنت وحدك، وكن على يقين أنّ المبدأ أغلى من المصلحة.

• الإباء والكرامة: لقد رفض الإمام الحسين الذلّ بقوله: ”هيهات منّا الذلة“ وعليك أن لا تقبل الدنية في دينك، ولا تتنازل عن كرامتك مهما كان الثمن.

• الصدق مع الله والنفس: لقد عاش الإمام الحسين مخلصًا لله، وواجه الموقف وهو يعلم أنّ الشهادة قادمة، فكن صادقًا مع نفسك، ولا تخشَ في الله لومة لائم.

• الروح الإيمانية العالية: أي روح تلك التي حملتها السيدة زينب عندما سُئلت: ما رأيتِ في كربلاء؟ ردت بعز وشرف ”ما رأيتُ إلّا جميلًا“، فاجعل نظرتك للبلاء نابعة من الثقة بالله، وأنّك في ساحة امتحان إلهي.

• القدوة في الأخلاق: لقد كان الإمام الحسين رمزًا في الرحمة، التواضع، الصبر، الإيثار، والعدل، فاقتفِ أثره وعش أخلاقه في تعاملك مع الناس، وكن صادقًا، حليمًا، كريمًا، وعفيفًا.

• نصرة المظلوم ورفض الظالم: جاء في الحديث الشريف: ”من رأى سلطاناً جائراً… فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كانحقاً على الله أن يدخله مدخله“، فلا تكن محايدًا أمام الظلم، بل كن صوتًا للحق.

• التربية على النهج الحسيني: علّم أبناءك حب الإمام الحسين ، لا من خلال البكاء فقط، بل بزرع القيم التي استشهد لأجلها.

أن تحيا حياة الإمام الحسين يعني أن تعيش رافضًا للباطل رفضًا قاطعًا، مستقيمًا على الحق، ثابتًا على المبادئ، وممتلئًا بالإيمان والوعي والبصيرة.

”كن حسينياً… تكن حرّاً“