35 عامًا من الزراعة.. مزارع يوثق تاريخ اللومي في الأحساء

توثق تجربة المزارع الأحسائي سعد السعد، التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، جانبًا من التاريخ الزراعي للومي الحساوي، أحد أبرز المحاصيل الموسمية في المنطقة الشرقية، والذي يشهد هذه الأيام انطلاق موسمه السنوي وسط اهتمام متجدد من المزارعين والجهات المعنية بالشأن الزراعي.
السعد، الذي بدأ رحلته مع زراعة اللومي قبل 35 عامًا، يشير إلى أن علاقته بهذا المحصول بدأت بشتلة صغيرة حصل عليها من مزرعة قديمة تعود لأحد أوائل المزارعين المعروفين بزراعة اللومي في الأحساء، وهو حجي العيسى، المعروف بلقب ”أبو حيدر“.
ومنذ تلك اللحظة، بدأ السعد في تتبع خصائص هذا النبات، وتدوين ملاحظاته، وتطوير طرق الزراعة والعناية، ليصبح شاهدًا على تطور هذا المنتج الزراعي الذي أصبح جزءًا من الهوية الفلاحية للأحساء.
ويعد اللومي الحساوي، المعروف شعبيًا باسم ”الليمون الأخضر“، من المحاصيل ذات القيمة الاقتصادية العالية، والتي تحظى بحضور مميز في الأسواق الشعبية والمائدة الأحسائية، سواء كمكوّن في المأكولات التقليدية أو في العصائر والمخللات.
ويزرع بشكل رئيسي في مناطق شمال الأحساء، حيث تتوفر الظروف البيئية المثالية من تربة خصبة ومناخ معتدل، تسهم في إنتاج ثمار ذات طعم مميز يجمع بين الحموضة والانتعاش.
وأكد السعد أن زراعة اللومي ليست سهلة، بل تحتاج إلى عناية دقيقة تبدأ منذ مرحلة اختيار الشتلة، مرورًا بعمليات التسميد، والري المنتظم، والغسل الدوري لأوراق الشجرة من الغبار، وصولًا إلى مكافحة الآفات الزراعية، مثل العنكبوت وصانعة الأنفاق.
وأشار إلى أن أي تقصير في هذه المراحل ينعكس سلبًا على جودة الثمار ومردود الشجرة.
ووصف السعد شجرة اللومي بأنها ”شديدة الحساسية“، موضحًا أن التغيرات المناخية قد تؤثر بشكل مباشر على الموسم.
وقال إن الرياح الحارة، المعروفة محليًا باسم ”السموم“، تزامنت هذا العام مع فترة التزهير، ما أدى إلى تساقط الزهور وتراجع حجم الإنتاج، إلى جانب أمطار مبكرة أثّرت على نمو الزهر في بدايات الموسم، ما انعكس على جودة المحصول.
ورغم هذه التحديات، أشار السعد بأن فهم خصائص الشجرة ومراحلها الزراعية يمكن أن يصنع فارقًا كبيرًا في النتائج، داعيًا إلى مزيد من الدعم من قبل الجهات المختصة، سواء من خلال برامج التوعية أو توفير الإرشاد الزراعي والفني للمزارعين، لضمان استدامة هذا المحصول الذي لم يعد مجرد منتج زراعي، بل يمثل إرثًا ثقافيًا واقتصاديًا.
وتسعى غرفة الأحساء بدورها إلى تعزيز هذا التراث الزراعي عبر تنظيم النسخة الثانية من معرض ”اللومي الحساوي“، المقرر إقامته خلال الأيام المقبلة، برعاية محافظ الأحساء الأمير سعود بن طلال بن بدر، وبمشاركة عدد من الجهات الحكومية والخاصة.
ويهدف المعرض إلى تسليط الضوء على قيمة اللومي الحساوي، ودعم المزارعين، وفتح آفاق جديدة لتسويقه وتصنيعه، وتعزيز الابتكار في أساليب إنتاجه.
ويرى السعد أن مثل هذه المبادرات تسهم في إعادة الاعتبار لهذا المحصول، وتُشجع الأجيال الشابة على الانخراط في الزراعة، ليس فقط بوصفها مصدر دخل، بل كوسيلة لحفظ الموروث المحلي ونقله إلى المستقبل.
ويختم حديثه برسالة واضحة: ”اللومي الحساوي يستحق منّا الاهتمام والعناية، فهو ليس مجرد ليمونة تُقطف، بل قصة تُروى، وموروثٌ يجب أن نحميه وننقله لمن بعدنا، لأنه يحمل بين نكهته حكاية الأرض والناس.“