ماذا صنعت الحروب؟
نحن أمة مؤمنة قوية، تؤمن بأن الله الخالق عز وجل القادر على كل شيء، وتدرك أن الرسول الأعظم، محمد ﷺ خاتم الأنبياء ، أُرسل بدين الحق، وهو صلوات الله وسلامه عليه مدرسة نتعلم منها شؤون حياتنا، ونأخذ من سنته الشريفة قوام الدين الإسلامي الحنيف والأديان السماوية الأخرى التي تنبذ العنف وتحيي السلام. قال تعالى: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ [الحجرات -10] وقال النبي الكريم ﷺ: ”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا“، وفي رحلة الحياة يملك الإنسان الذي يخاف الله سبحانه لأخيه المسلم وللإنسانية جمعاء، كل إحساس جميل بالوفاء وبالإخاء وبالألفة.
أمة محمد ﷺ بالقرآن الكريم تتنفس وتحيا، منحها الله عز وجل مشاعر فياضة بالحب والولاء، وهي قوية كالجدار المنيع والحصن الرفيع، وهي أكبر من ذلك بكثير متانةً وصلابةً ورفعةً وعزةً وكرامةً.
إن الحروب، ومنذ خلق الله البشرية، ليس لها مأمن، تجر الويلات وتفسد في الأرض، تقوم بزعزعة الأمن وترويع النفوس المطمئنة وإثارة الفتن، نار مستعرة، تقتل البشر وتحرق الشجر، يعيش قادتها المجرمون صراعًا مع النفس، وهم أشباح مخيفة أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء وليس لهم مشفى ولا علاج، نابعة سلوكياتهم من شجرة خبيثة، وبفضل من الله، ها نحن نسمع كل يوم بهزيمتهم ودحرهم واجتثاث جذورهم، ونرى بأم أعيننا ما توعد الله لهم ولأعوانهم المفسدين في الأرض من شديد العقاب.
وفيما يخص مواقف البعض من دول الغرب وأبعادها ”أمنيًا وعسكريًا“، فإننا نجد قصورًا عميقًا في تجريم الحروب، حيث التهديد والوعيد مستمر! وإذا ما تغير المسار إلى الكابوس النووي المزعزع الذي يزلزل العالم ولا يرحم! إن العلاقات الدولية تجاه هذه الأوبئة القاتلة الفتاكة في كل مكان ما زالت تبقى غامضة، ذات مصالح دنيوية، بالرغم مما يدعيه الجميع منهم «الغرب» ويعرفونها بأن الحروب ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، وإقرارهم بأنها تتعارض مع سيادة الدول، وتمثل جميعها صراعًا على السلطة بالقوة. وفي العالم الحر الذي لا تؤمن شعوبه بالطبقية، يمقتها ويحاربها، ولكن للأسف الشديد هناك من يحمي هذه الحروب ويمولها، ويستخدمها وسيلة لبث الفرقة بين الدول وشعوبها، وسلاحًا محركًا للفوضى والاقتتال، واستمرارًا للعداوة والانقسام في العالم، وخاصة تتجه بخبثها وما تحمله من شر وكوارث إلى العالم الإسلامي والعربي، الذين يناشدون السلام والاستقرار والعيش بأمان لكل الشعوب، وليسوا دعاة حرب ودمار. ولم تقتصر هذه الحروب البغيضة بالبطش والتنكيل والدمار بمعداتها وعتادها العسكري، وإنما كذلك بالغزو الفكري المنحرف، والانحلال الأخلاقي الشاذ. ومما هو خطير وينذر إلى ما هو أسوأ، أن صناع الحروب العبثية يتعمدون الفوضى بإزالة الحق ليحل مكانه الباطل، وتنتهك الكرامة والأعراض، وتنشر - أعزكم الله - الفواحش والرذيلة. فعلينا أن نكون حذرين ويقظين من بث هذه السموم على أبنائنا، وأن نحميهم من كل مستورد لا يتوافق مع أخلاقنا وقيمنا الإسلامية الطاهرة.
إن «للشدة مدة». وهنا يأتي السؤال: إلى متى هذا الدمار، والقتل، وتجويع الرضع والأطفال، وتشريدهم ظلمًا وجورًا؟ إلى متى ستبقى رائحة هذه الحروب وطواغيتها الإرهابيين القتلة، أقوى من أن تنكسر وتزول؟ إلى متى؟
وفي الختام وجب الدعاء، حفظ الله الوطن الغالي ”المملكة العربية السعودية“ بلاد الحرمين الشريفين وبلاد المسلمين من شرور هذه الحروب، وأدام الله عليه من نعمه وفضله، وجعله سبحانه وتعالى قوة منيعة لكل المستضعفين في وجه كل معتدٍ، وحفظ الله قيادته الحكيمة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز «رعاهم الله»، وأدام الله على هذا الوطن المعطاء، حافظ الأمن والسلام، عزه وخيره وزاده الله من فضله وإحسانه. ونسأل المولى عز وجل أن يحفظ شعبه الكريم، وخدمة حجاج بيته الحرام وزوار المسجد النبوي الشريف، إنه سميع مجيب الدعوات.