آخر تحديث: 29 / 7 / 2025م - 2:00 ص

فلسفة الجود وروحية العطاء

جمال حسن المطوع

مما لا شك فيه أن لكل شيء في هذه الحياة فلسفة وروحية تُبنى عليها عوامل شتى تُنتج نماذج مشرفة تكون منطلقًا في التفاعل مع عمل الخير والإحسان والارتباط بهما، وذلك يتجسد في أناس همهم وجل اهتمامهم هو عدم الظهور في إبراز ما يقدموه لأبناء مجتمعهم من خلف الكواليس، وهم أولئك أصحاب الأيادي البيضاء في الجود والعطاء لأبناء جلدتهم وعصبتهم. فما إن يسمعون عن أشخاص يمرون بضائقة مالية نتيجة ظروف خارجة عن إرادتهم، ويصبحوا في موقف حرج لا يحسدون عليه، فيقوم بعض المحسنين بتولي أزماتهم وقضاياهم المالية ويطرحوها على من بيدهم القدرة والاستطاعة في مد يد العون والمساعدة، فتجد أولئك الخيرين يسارعون إلى البذل والسخاء وتبني الأمر حسب استطاعتهم ومقدرتهم المالية، قاصدين الأجر والثواب ورضا الله سبحانه وتعالى ورفع بعض المعاناة المالية والمديونية عن أولئك المعوزين دون ضجيج أو صخب إعلامي، بل يتشرفون بهذا العمل الخيري ويجعلونه هدفًا وقصدًا يسعون إليه بكل رحابة صدر، لينطبق عليهم قول الله تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [المزمل: 20].

ومرادفًا لما ورد في الحديث النبوي الشريف: ”من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة“.

كل هذه المعطيات الربانية والهبات النبوية لأولئك الذين أخذوا على أنفسهم عهدًا أن يكونوا السباقين إلى رفع الضرر والعسر عن إخوانهم المتعسرين بعيدًا عن الأضواء. فلمثل هؤلاء أهل الشيم والغيرة وغيرهم من النماذج الفريدة يجب أن يكونوا عناوين في إبرازهم وذكر مآثرهم، وإن كانوا غير راغبين بتسليط الأضواء عليهم. ولأن الحدث يفرض نفسه لكي يكون دافعًا للآخرين من المؤمنين والخيرين في السير على نهجهم والاقتداء بهم؛ حتى تكون هناك لحمة من التكافل والتآزر المجتمعي الذي يؤلف القلوب ويقرب الوشائج ويزرع الترابط والتعاون والتنافس في عمل الخير بين أبناء المجتمع الواحد... والله من وراء القصد.