أنصار الإمام الحسين (ع): أنس بن الحرث الكاهلي
حينما نفتح صفحات كربلاء، نرى وجوهًا ما عرفها الناس كثيرًا، لكنّها عُرفت في السماء، وسُطّرت أسماؤها في سجل الخالدين… ومن أولئك الرجال، أنس بن الحرث الكاهلي، أحد أصحاب النبي محمد ﷺ، وصاحبُ الرواية والشهادة.
أنس بن الحرث الكاهلي من الصحابة الذين استشهدوا مع الإمام الحسين في كربلاء، ويُعدّ من أشراف الكوفة وفرسانها المعروفين، وكان من الشيعة الأوفياء لأهل البيت
.
نسبه وسيرته: هو أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي الأسدي، من قبيلة بني كاهل من بني أسد. والده الحارث من الصحابة، وقد روى عن النبي ﷺ، كما روى عنه أنس بن الحرث نفسه. كان ممن شهد مع النبي ﷺ غزوات كثيرة، منها غزوة بدر وخيبر، ويُقال إنّه سمع من النبي حديثًا عن مقتل الإمام الحسين .
مناقبه: روى أنس بن الحرث عن النبي محمد ﷺ أنّه قال: ”إنّ ابني هذا - يعني الحسين - يُقتل بأرضٍ يقال لها كربلاء، فمن أدركه منكم فلينصره“، ويُقال إنّ هذا الحديث هو ما جعله يخرج لنصرة الإمام الحسين رغم كبر سنّه، إذ كان شيخًا طاعنًا في السن يوم كربلاء.
مكانته: يُذكر اسمه في الزيارة الرجبية وزيارة الناحية المقدسة ضمن الشهداء الأوفياء في كربلاء، كما يُمثّل أنس بن الحرث نموذجًا رائعًا في الولاء والإخلاص لأهل البيت ، إذ جسّد العمل بالحديث النبوي الذي سمعه منذ عقود.
موقفه في كربلاء: كان مع الإمام الحسين منذ وصوله إلى كربلاء وشارك في القتال يوم عاشوراء، وقاتل ببسالة حتى استشهد بين يدي الإمام الحسين
ويُعدّ من أولئك الذين وفوا بعهدهم وصدقوا نداء الإمام.
أنس بن الحرث الكاهلي، شيخٌ كبير السن، لكنه عظيم الهمّة، صحابيٌ جليل، سمع نداء الحسين فنهض من الكوفة وهو يعلم أنّ الشهادة تنتظره، ولم تثنه شيخوخته ولا قلة الناصرين. وقف أنس، وقد بلغ من العمر عتيًّا، يقول: ”لبيكيا ابن بنت رسول الله، قد سمعتُ أباك، وقد سمعتُ جدك، ولن أُخلف وعدي“.
قاتل ببسالة في كربلاء، وسُجِّل اسمه في سجل الخالدين، ممن وفوا بعهد النبي ﷺ، وكتبوا بدمائهم ملحمة الوفاء في كربلاء. ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: 23]
فسلامٌ عليه في الخالدين، فقد صدق النصرة، وكتب اسمه في سجل الفداء والوفاء.
سلامٌ على أنس بن الحرث، الذي لم يكتفِ بالرواية، بل جسّدها فداءً وولاءً، وسكن بجسده الثرى، وبروحه عليين.