آخر تحديث: 30 / 7 / 2025م - 3:00 ص

نعي الشاب المؤمن السيد علي السيد موسى الهاشم

عبد الله أحمد آل نوح *

بقلوب يعتصرها الحزن، وعيون اغرورقت بالعبرات، ننعى الشاب الطيب الخلوق السيد علي السيد موسى الهاشم، ابن أختي، الذي رحل عن دنيانا بعد رحلة شاقة، لكنها بقيت شاهدة على صبره النادر، وإيمانه العميق، وخلقه الرفيع.

عرفته الحياة وهو يحمل همًّا لا يُحتمل في بدايات شبابه، حين فُجع بزوجته الأولى وهيه تضع توأم بنات لم يُكتب لهنّ البقاء. وفي لحظة واحدة، خسر رفيقة عمره، وبناته، وبقي وحيدًا مع ثلاثة أطفال صغار لا يدركون من الدنيا إلا دفء الأم وحنان الأب.

وفي خضم هذه الفاجعة،، وواجه ظروفًا صعبة في عمله، زادت من ثقل المصاب، بين الفقد الزوجه والبنات ومشاكل العمل.

لكنه لم يتزعزع، ولم يتذمر، بل ثبت، وصبر، واحتسب، وكان مع كل ألمٍ أقرب إلى ربه، متمسكًا بدينه، بارًّا بوالدته، حنونًا على أبنائه، طيب المعشر، لا يُرى إلا مبتسمًا صابرًا.

ومع مرور الوقت، أعاد الله له شيئًا من العافية والاستقرار، فألحت عليه والدته الكريمة - أطال الله عمرها - وأهله أن يتزوج، لا لأجله فقط، بل لأجل الأبناء الذين يحتاجون صدرًا حنونًا وبيتًا متماسكًا.

كان في قلبه وفاء لا يذبل لزوجته الأولى، لكنه استجاب لأمه، وتزوج من امرأة نادرة، حملت همّه، وربّت أبناءه كأنهم من صلبها، ثم رزقه الله منها بتوأم بنات، كأنما جبر الله كسره، وعوّضه بعوض لا يُنسى.

وما لبثت الحياة أن اختبرته مرة أخرى، حين باغته المرض، وبدأت رحلة ألم طويلة، بدأت بآلام في البطن، ثم عملية جراحية، ثم علاج كيماوي مرير، لكنّه بقي كما عهدناه: صابرًا، لا يشكو، ولا يُثقل على أحد، راضيًا بقضاء الله، محتسبًا لكل لحظة وجع.

في كل خطوة من العلاج، كانت زوجته إلى جانبه، صابرة مثله، تشدّ أزره، ترعاه كما ترعى الأم أبناءها. وكانت والدته تتابع نبضه بنبضها، تُخفي جرحها في صدرها، وتستودعه الدعاء ليلًا ونهارًا.

وشاء الله أن يختم رحلته في يوم له دلالته العميقة: الاثنين، ذكرى استشهاد الإمام زين العابدين علي بن الحسين ، ذلك الإمام الذي عُرف بالصبر والدمعة والبلاء… فإذا بفقيدنا الجليل يُستدعى في ذكرى جده، وكأنها دعوة من السماء، واختيارٌ في التوقيت والمقام.

فكما كان الإمام أبا محمد، كان فقيدنا أبا سيد محمد، وكأن الله سبحانه وتعالى قد ختم له برحلة صبر على خُطا الطاهرين، واختاره في يومٍ يشبهه، ليلتحق بمن يشبهه خُلقًا وصبرًا ورضا.

رحل السيد علي السيد موسى الهاشم، وترك خلفه أبناءً وبناتٍ في عمر الزهر، وزوجةً وفية، وأمًا تترقّب الباب كما اعتادت أن تترقّب صوته، وأبًا صابرًا لا يتكلم كثيرًا، لكن في قلبه ما تنوء به الجبال.

ورحل بين أيدي من أحبوه، محاطًا بدعواتهم، محتسبًا كل لحظة، كأنه كان يودّع الدنيا بهدوء من صبر على ظهر صبر، حتى بلغ مقام الراحة الأبدية.

نم قرير العين يا ابن أختي، فقد أديت الأمانة، واحتملت ما لم يحتمله سواك، ولم تغيّرك الأيام ولا البلاء، بل زدتك نقاءً وصفاءً.

ونسأل الله أن يجزيك عن صبرك خير الجزاء، وأن يجمعك بمن تحب في جنات النعيم.

إنا لله وإنا إليه راجعون.


عضو مجلس المنطقة الشرقية ورجل أعمال