آخر تحديث: 30 / 7 / 2025م - 3:00 ص

الثقافة المعاصرة

عبد الرزاق الكوي

تعيش البشرية أقسى أيامها سوداوية، حيث ابتُليت بالحروب في جميع أنحاء العالم، أصبحت الثقافة ثقافة الحروب والسلاح المستخدم وآخر تطورات المعارك والجديد من السلاح، والدور التالي على أي منطقة من بقاع الأرض التي خلقها الله تعالى رحمة وعيشًا بسعادة، تحوّلت إلى ثكنة عسكرية متنقلة ومتربصة بسكانها الذين ليس لهم ناقة أو جمل فيما يحدث.

مع التقدم التكنولوجيّ والذكاء الاصطناعي، تغيّرت كثيرًا وسريعًا أدوات وأسلحة واستراتيجية الحروب، من بدائية باستخدام الحجارة والعصا، ومرورًا بالسيف، ومن بعده المدافع، وصولًا إلى التحكم بالحروب من بُعد وعلى بعد آلاف الكيلومترات، لتُدمّر مدن ومن عليها في ساعات قليلة.

يواكب تطوّر الحروب وأسلحة الدمار الشامل تطوّرٌ آخر في تكنولوجيا الاتصالات ووسائل نقل الأخبار على مرّ الساعة، وما يُشاهد من هول نتائج تلك الحروب التي تُدمي القلب، أصبحت ثقافة الحرب هي المسيطرة، وثقافة السِّلم في خبر كان. اليوم، الحروب تبرز على الساحة بمُسمّيات كثيرة، كلٌّ له استعداداته وسلاحه وأدواته ومستلزماته استعدادًا لحروب أخرى تزيد معاناة العالم بلا وازع ديني أو أخلاقي أو قانوني، وبلا ضمير، بل مع تقدم الإنسان تزداد تطور أسلحة القتل والدمار والرعب.

بكل تأكيد، وراء كل هذه الحروب مستفيد يخطط لاستمرار هذا الفتيل في الاشتعال، تتحقق فيها أهداف بعضها واضح وبيّن، وآخر يُرسم لمستقبل أكثر سوءًا لهذه البشرية المُبتلية بظلم القوي على الضعيف وأحلامه التوسعية والسيطرة، لتتعدّى خطرها ودمارها ليس على البشرية فقط، حيث لم تسلم البيئة، فالحروب اليوم تحرق الأخضر واليابس والابتسامة على الشفاه.

مرّت على البشرية حروبًا منذ آلاف السنين، ولم يكتفِ الإنسان بذلك، بل يزداد سوءًا ووحشية، فالحرب العالمية الأولى والثانية وما قبلهما وما بينهما وما بعدهما، خسرت البشرية عشرات الملايين وجلّهم من الأبرياء، ولا زالت البشرية تعيش قلق هذه الحروب المتنقلة وخوفًا من حربٍ عالمية. بكل تأكيد، مع تطوّر التكنولوجيا، يصبح عدد الضحايا أكبر، والخسائر لا تُقدّر، وهذا ما يُخطط له لتغيير واقع الأرض وتأثيرها على المجتمعات بطرق شتى، بالتهديد، والإبادة، والتهجير، وغيرها من الأفكار المتوحشة التي لم تحدث حتى في شرائع الغاب، والتخلص من أعداد البشرية المتكاثرة، لتنعم فئة بخيرات الأرض.

العالم اليوم ينتظر من يُخلّصه من شقاءه وتعاسَته، يأخذ بيده إلى منطقة الأمن والأمان والسلام. يكفي البشرية معاناة على أيدٍ تلطخت بدماء الأبرياء، في بلدان كثيرة لا تخلو اليوم قارة أو حدود مشتركة من فتيل قابل للاشتعال.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
عبدالله محيميد
21 / 7 / 2025م - 12:48 م
المقال صادق وموجع… وكأن الكاتب التقط أنفاس الأرض وهي تختنق بدخان الحروب. نعم أصبحت الثقافة اليوم ثقافة عسكرية أكثر من كونها إنسانية.
2
مريم عباس
21 / 7 / 2025م - 3:06 م
الوصف اللي ذكره الكاتب عن “الثكنة العسكرية المتنقلة” دقيق جدا... للأسف حتى بيوتنا صارت تتأثر بنشرات الأخبار المؤلمة كل يوم
3
قاسم السالم
21 / 7 / 2025م - 10:38 م
أحيانا أحس أننا مو نعيش عصر الذكاء الاصطناعي بل عصر “الغباء الحقيقي”. دمار لكل شي باسم التقدم!