الحضور
لو لم نكن نمارس الحضور، إذًا نحن غائبون…
ولكن، غائبون عن ماذا يا ترى؟
هل عن المكان أم الزمان؟
غالبًا قد نكون موجودين وحاضرين بأجسامنا في المكان، ولكن غائبين ومنفصلين عن الزمان، أو اللحظة الآنية التي تمثل الحياة.
وكيف ستكون حياتنا بدون الحضور فيها أساسًا؟!
هل يكفي الحضور بأجسامنا والغياب عن لحظاتنا الحقيقية التي نعيشها؟
نتحرك ونؤدي مهماتنا ونحن مسافرون بأذهاننا بعيدًا!!
تلك المعضلة التي تحصل وقت انشغالِنا المندفع نحو المستقبل أو التعلّق بالماضي، ما يفقدنا الشعور الكامل باللحظة التي تمثل الحاضر، وهذا ما يمثل الانفصال عن لحظاتنا اليومية.
أي انشغالنا بأذهاننا ووعينا عنها بالتفكير الزائد عن المهمات القادمة أو المستقبل القريب أو البعيد..
أو، بوجهٍ آخر، تراجعنا إلى الوراء وانغماسنا بالماضي وذكرياته وآثارهُ علينا، وذلك يجرّنا إلى الكثير من المشاعر المختلطة: الحزن، الأسى، الغضب، أو القلق، الخوف، التوتر، والضياع.
وكل ذلك يفقدنا استشعار الحياة باللحظة بما فيها.
دون الحضور في الآن، حياتنا ناقصة، وكأننا روبوتات تتحرك بلا استقرار أو استشعار للعواطف الحالية وجمال اللحظة.
إن كانت مواقف إيجابية أو سلبية، فنحن بحاجة لأن نكون في اللحظة؛ حينها فقط يمكن أن نكون أقرب للواقع وأقرب لأنفسنا.
في الحضور لا نضيع في الزمان، ماضيًا أو مستقبلًا بشكل كبير، بل نختار أن نعيش لحظاتنا الآنية بوعي أكثر؛ نتنفس ونشعر بمشاعر جسمنا بمختلف اللحظات ونستمتع بذلك.
لا تخسر حياتك بالسفر عبر الزمن، توقفْ قليلاً، اهدأْ، تنفّسْ، وعِشْ بوعيٍّ وحضورٍ، حينها ستختلف الحياة.
