هل يمكن الاستشفاء بالصحيفة السجادية؟
تؤكد الكثير من الدراسات والأبحاث أن التفكير الإيجابي والسلبي يؤثر على جودة الحياة، فقد نشرت جامعة حلوان في 2019 رسالة ماجستير بعنوان ”التفكير الإيجابي وعلاقته بجودة الحياة“ يؤكَّد فيها على هذا الترابط. أما موقع مايو كلينك الطبي فقد نقل لنا ذات المعنى تقريبًا فيقول: ”وتظهر بعض الدراسات بالفعل أن سمات الشخصية مثل التفاؤل والتشاؤم يمكن أن تؤثِّر في عدة مناطق من صحتنا وعافيتنا. يُعد التفكير الإيجابي، الذي يصحب التفاؤل عادةً، جزءًا أساسيًّا من التحكم في التوتر الفعال. ويصحب التحكم في التوتر الفعال العديد من المزايا الصحية. إذا كنت تميل إلى التفكير المتشائم، فلا داعي لليأس؛ لأن بإمكانك تعلم مهارات التفكير الإيجابي“.
لكن على ما يبدو أن التفكير الإيجابي لا يولد من الفراغ، بل من بيئة داعمة ومساندة توفر الحماية والدعم اللازم، لأن أهم مقومات التفكير الإيجابي الشعور بالأمان والطمأنينة والحماية، فهي كفيلة بتوفير منصة للانطلاق والتفاعل. يقول الله تعالى في كلامه للنبيين الكريمين موسى وهارون: ﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه - 46].
ولو عدنا للصحيفة السجادية لوجدنا أنها تتكون من 54 دعاء، لَمَسَت كل حياة الإنسان بدءًا من العلاقة بالله ورسوله والمعتقدات المهمة، ودائرة العلاقات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، بما في ذلك حالات الاضطرار والفاقة والمرض والهم. ولعله من المقدمة أعلاه يتضح كيف يمكن الاستشفاء بالصحيفة السجادية، فالركون إلى الله تعالى باعتباره القوة المطلقة والمهيمنة والاعتماد عليه يوفر شرط التفكير الإيجابي وإعادة رسم الخريطة الذهنية، وبناء الأمل والتفاؤل.
ولعل من يتأمل في أدعية الصحيفة السجادية سيرى أن الدعاء والارتباط بالله سلوك يومي لا ينبغي التغافل عنه، حتى عند سماع صوت الرعد أو إذا نُعي ميت. كما أنها جعلت لكل نقاط القلق عند الإنسان دعاء، كالمرض والدَّين والأولاد، والظواهر الكونية التي تثير فزعه، فأُطفئت بذلك حرائقه الداخلية وعالجت هموم يومه ومستقبله.
ومع ما لها من أهمية لم نُولِها للأسف من الاهتمام ما يجعلها جزءًا من العلاج في مراكز الاستشفاء، أو نوجّه أبصار أبنائنا نحوها لتكون جزءًا من حياتهم، فهي من كنوز النبوة. ذكرها القندوزي ونقل شيئًا من أدعيَتها في كتابه ينابيع المودة، وكذلك ابن الجوزي في تذكرة الخواص.