آخر تحديث: 29 / 7 / 2025م - 2:00 ص

التعليم ركيزة خالدة

عيسى العيد * مجلة اليمامة

التعليم هو الركيزة الخالدة التي، على مر العصور والأزمنة، تبقى حاجة أساسية لكل فرد مهما اختلفت أجناسهم ومجتمعاتهم، فلا يوجد مجتمع إلا والتعليم حاضر في بنيته. قد تتبدل طرق التعليم وتتطور المناهج الدراسية، لكن جوهر التعليم يبقى ثابتًا، في حين أن وسائله تتغير. فالتعليم هو صانع الفكر، وباعث المهنة، ومؤسس الأسرة. في كل ميدان، نجد للتعليم أثرًا واضحًا في البناء والاستمرار.

لهذا السبب، تولي جميع دول العالم التعليم أهمية قصوى، وتخصص له ميزانيات ضخمة، إيمانًا منها بأن بالعلم تُبنى الأوطان، ويُقاس تقدمها بتعدد المدارس والجامعات، وتنوع التخصصات ومراكز البحث.

وفي المملكة العربية السعودية، حظي التعليم باهتمام بالغ، ويتجلى ذلك في تتبع مسيرته التي تسير بخطى متصاعدة، خاصة في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، حيث شهدنا في العقدين الماضيين توسعًا لافتًا في الجامعات، واستحداث تخصصات جديدة، بالإضافة إلى بروز جامعات بحثية مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، التي تُعد من المؤسسات المتميزة في العالم العربي.

لكن، وعلى الرغم من هذه الإنجازات في التعليم العالي، لا بد من الاعتراف بأن التعليم الأساسي لا يزال يواجه بعض التحديات التي ينبغي تجاوزها، حتى تكتمل المنظومة التعليمية، وتتحقق المخرجات المنشودة التي تؤهل الطالب للمرحلة الجامعية تأهيلاً معرفيًا وسلوكيًا يسهّل عليه مسيرته الأكاديمية دون عناء أو تعثر.

مدارسنا تضم هيئتين أساسيتين: تعليمية وإدارية، وكلتاهما تعملان في خدمة الطالب، الذي يُعد محور العملية التعليمية. ومن دون التكامل بينهما، تتعثر المسيرة التعليمية. ولتحقيق الأداء المطلوب، لا بد من الالتفات إلى عدة جوانب مهمة:

• أولًا: التأهيل والتدريب المستمران لكلا الهيئتين، وفقًا لطبيعة كل اختصاص. فلا يصح أن يترك أحدهما دون تطوير، لأن أحدهما يُتمّم الآخر.

• ثانيًا: العناية بمكافآت الهيئة الإدارية، وعدم تأخير الترقيات، إذ أن الإهمال في هذا الجانب يُشعر الموظف بعدم التقدير، ما قد ينعكس سلبًا على أدائه ويؤثر بالتالي على جودة التعليم، ويكون المتضرر الأول في هذه الحالة هو الطالب.

• ثالثًا: تطوير الأنظمة الإلكترونية في المدارس، لتعزيز كفاءة العمل الإداري والتعليمي، بما يواكب التطور التقني ويسهم في تسريع الإجراءات.

مع الأسف، لا تزال بعض مدارسنا تفتقر إلى التأهيل الكافي، والبيئة المساعدة على تنمية العملية التعليمية، بل تفتقر أحيانًا إلى أبسط الاحتياجات الأساسية. وعندما تُعالج هذه الإشكالات، تتكون لدى الطالب صورة ذهنية إيجابية عن التعليم، تدفعه إلى التميز والإبداع.

ومن الضروري أيضًا أن تكون قرارات المدارس مدروسة بعناية، بعيدًا عن الارتباك في التطبيق، كما حصل في هذا العام حين صدر قرار جعل يوم الاختبار يومًا دراسيًا، وهو قرار يفتقر إلى التقدير التربوي الكافي، إذ أثقل كاهل الطالب، وشتّت تركيزه في وقت يحتاج فيه إلى الراحة الذهنية. كما أن نظام الفصول الثلاثة الطويلة أثّر على أداء الطالب والمعلم والإداري على حد سواء، ما انعكس على جودة المخرجات التعليمية.

التعليم هو مشروع وطني متكامل، لا غنى لأي جيل عنه، وهو مستمر رغم كل الملاحظات القائمة. لكن بقدر ما تُخصص الدولة من إمكانات وميزانيات، يقع على العاملين في الميدان التربوي مسؤولية أداء دورهم بجدية، حتى تكتمل منظومة التعليم وتؤتي ثمارها المرجوّة.

فالتعليم ليس مجرد معلم وطالب وكتاب، بل هو منظومة متكاملة، لا تكتمل إلا برعاية جميع جوانبها ومقاييسها. وهو مشروع وطني عظيم ينبع من رؤية طموحة. ورغم وجود بعض الملاحظات، إلا أن التعليم في المملكة يسير في طريق واعد، ويُصرف عليه بسخاء؛ لذا، فإن المسؤولية لا تقع على عاتق الدولة فقط، بل تشمل كل من يعمل في الميدان التعليمي، لتحقيق مخرجات تعليمية ناضجة تليق بمستقبل الوطن.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
سارة
[ سيهات ]: 17 / 7 / 2025م - 12:58 ص
أشوف إن الحديث عن جعل يوم الاختبار يوم دراسي كان في محله فعلا قرار شتت الطلاب ويحتاج إعادة نظر. يعطيك العافية أستاذ عيسى.
2
جاسم ربيع
17 / 7 / 2025م - 10:20 ص
إحنا نحتاج نراجع جودة المدارس نفسها من البنية التحتية للأدوات التعليمية. كثير مدارس ناقصة حتى في التكييف أو الصيانة!
3
جعفر آل ربح
[ العوامية ]: 17 / 7 / 2025م - 1:14 م
الكاتب طرح نقاط واقعية جدا خصوصا عن الترقيات للهيئة الإدارية. الموظف اللي ما يكرم مستحيل يعطي بكفاءة.