آخر تحديث: 29 / 7 / 2025م - 10:36 م

مربعات أحاديث الناس

المهندس أمير الصالح *

سأل أحدهم: هل تستطيع أن تصنف طبقة شخص ما بناءً على أنواع أحاديثه؟

فرد عليه صديقُه: بنسبة كبيرة، أستطيع!

الأغلب الأعم من الناس إذا كانوا من طبقة متوسطة الدخل، فمواضيع مثل: هموم يومية، الدراسة، العمل، أرخص تذاكر متوفرة لخطوط اقتصادية، الحنين لمسقط الرأس، مدينتهم، أعياد الميلاد، المولات، المطاعم، الأسماء ومعانيها، الملابس، مسلسلات رمضان، مباريات كرة القدم للدوري العادي وما دون، الطقس، أعمال الصيانة في الحي، النقل العام، الأصدقاء، الاشتباكات في قروبات الواتساب، الصراعات والترقيات والواسطات في العمل، أيام الطفولة، الحنين للماضي، الجيران، مستوى خدمات وأسعار مخبز وبقالة ومغسلة الحي، نسب الطلاق ونسب الخلع، أسعار السيارات السيدان الصينية واليابانية والأمريكية والكورية، وأماكن فرص التوظيف.

أما إذا كانوا معدمين، فإن مواضيع مثل: إيجار الشقق وتذبذب سعر طبق البيض وتوفر المياه النظيفة وضيق الشوارع في الحي ومحدودية مواقف السيارات في شارعهم وجنسية عمال بقالة الحي وتاريخ إعلان نزول الرواتب هي الشغل الشاغل لهم.

أما إذا كانوا نخباً مالية مُنعمة، فإنهم يتحدثون عن مواضيع مثل: الفرص الاستثمارية المستجدة، عوائد الاستثمار، دول ومناطق الإجازات الصيفية، المنتجعات الفارهة، أحدث صالون للحيوانات الأليفة، أفضل عروض تذاكر للخطوط الجوية المرموقة، امتيازات البطاقات الائتمانية، أماكن التنزه المرموقة، أفضل المطاعم والمقاهي الفاخرة بالمدينة الفلانية، أحدث إصدارات السيارات الفارهة، أحدث مراكز العلاج الطبيعي، أزياء الموضة، مناطق الترفيه، آخر أخبار منافسات الجولف والفورمولا - 1.

ثم استرسل وقال: قد ترى أحدهم يتقمص بكلامه انتسابه لطبقة أعلى من حقيقة وضعه الاجتماعي، وحينذاك أعرف بأنه إما أنه يتجمل ولا يكذب، أو أنه كذاب أَشر. وقد يتقمص أحدهم بكلامه دور شخص من طبقة أدنى من حقيقة وضعه الاجتماعي، فاعلم أنه يتواضع، أو يتفادى وقوع حسد الآخرين عليه! أفضل الناس من يهتم بإدارة شؤونه أولًا، ثم يبادر بتخفيف الآلام وهموم الآخرين الأقرب فالأقرب إن استطاع ولو بالقليل؛ لأن التحريم أقل.

واختتم المتحدث كلامه: عزيزي، هناك قول يُنسب إلى أحد العلماء والعرفاء: ”ثلاثة لا ينبغي لأحد أن يسأل عنهم: ذهبك وذهابك ومذهبك“، وقيل: ”استر ذهبك وذهابك ومذهبك“. وهي بالواقع تعني أنه لا يجب على المرء أن يسأل عن مال الآخرين، أو عن خططهم المستقبلية، أو عن معتقداتهم الدينية أو الفكرية. واسترسل بالقول: أذكرك ببعض أقوال الهداة:

الإمام الصادق : ”تحتاج الإخوة فيما بينهم إلى ثلاثة أشياء؛ فإن استعملوها وإلا تباينوا وتباغضوا، وهي: التناصف والتراحم ونفي الحسد.“

وعن الإمام علي : ”ينبغي للمسلم أن يتجنب مؤاخاة ثلاثة: الماجن الفاجر، والأحمق، والكذاب.“

وعن النبي ﷺ: ”ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة الفرج والبطن.“

وعنه ﷺ: ”ثلاثة من خلائق أهل النار: الكبر، والعجب، وسوء الخلق.“

وعن الإمام علي : ”ثلاث يوجبن المحبة: حسن الخلق، وحسن الرفق، والتواضع.“

ختامًا، كلما كان مربع الحديث مع من تشاركهم التسامر متعددًا ومتنوعًا ومثريًا وموضوعيًا، كلما كان مستوى الوعي وأفق الحوار وجودة الطرح وثمرة الحوار أعلى وأسمى وأفضل.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 5
1
سعاد
[ القطيف ]: 17 / 7 / 2025م - 12:47 ص
طرح جميل ولكن هل من العدل أن نربط مستوى الوعي بمواضيع الحديث فقط؟ أحيانا الحاجة تفرض الحديث لا الوعي!
2
جواد اليوسف
17 / 7 / 2025م - 10:38 ص
الكلام عن تصنيف الناس حسب مواضيعهم مؤلم لكنه واقعي فعلا في ناس ما تعرف تتكلم إلا عن “سعر البيض” وآخر همه “عجز الميزانية”
3
سلمان سويكت
17 / 7 / 2025م - 12:31 م
صدقوني سمعت أغنى الناس يتكلم عن خبز التنور وأفقرهم يناقش في الاستثمار! النفس البشرية أعمق من تصنيفات سطحية
4
محمود جعفر
[ سنابس ]: 17 / 7 / 2025م - 1:58 م
ما يهمني إذا اللي قدامي فقير أو غني يهمني إذا كلامه يضيف لي أو يضيع وقتي. وبعض الفقراء عندهم كلام أغلى من الذهب!
5
سالم
[ صفوى ]: 17 / 7 / 2025م - 3:01 م
أنا من أهل صفوى ونعرف ناس حالهم وسط بس حديثهم يشهد على ثقافة واسعة وأدب راق. فالتصنيف الحقيقي في “الطرح لا الراتب”