”من تراث الأجداد“.. المصنوعات الفخارية.
الأدوات الفخارية تُصنع من ”الطين“، وهي مادة طبيعية تتكون من مزيج معادن خاصة تُستخرج من باطن الأرض، بعض المواقع تُعد مناجم لوجودها فيها بكثافة. تُعالج وتُصهر بالنار لمدة كافية، تتحول بعدها إلى تشكيلات جاهزة للاستعمال.
حسب ذكرياتي في القطيف، قبل خمس وستين سنة، أدركتُ ثلاثة مصانع رئيسية.
لعبت هذه المصنوعات، حتى منتصف القرن العشرين، دوراً أساسياً في حياتنا المنزلية، إلى أن حلّت الأواني البديلة المستخدمة حالياً، بعد أن مرّت بمراحل تطويرية وصلت إلى ما هي عليه.
يصعب حصر أنواعها، ولكن نستعرض ما يحضرنا من مسمياتها المحلية العامية المتداولة وقتها، وإن تباينت مناطقيًا:
1. الشَربة، القُلة، القَدح، البربوق:
أوعية تُملأ بالماء تكفي لشخص أو اثنين حتى يبرد، أو يُؤخذ من غيرها ويوضع فيها ثم يُشرب.
2. المصخنة:
كبيرة البطن، طولية، حلزونية الشكل، بها مقبض عروة. تروّي بها المرأة من العيون المعروفة، ثم يُوزّع الماء في آنية أصغر بمقدار الحاجة. تُطرح على الأرض بطولها أو تُسنَد إلى شيء، ولا يمكنها الثبات واقفة بمفردها.
3. البغلة:
أشبه بالشَربة لكنها أكبر حجماً، يعلو بوزها ثلاث عُرى لاصقة أو أكثر.
4. الحب:
مقاساته مختلفة، متسع الوسط. في الصيف وقت الهجير، يُلف بخرقة أو خيشة مبللة لحفظ البرودة. تُغطى فوهته بلوح خشبي، أو بقطعة جِذع شجر، أو من ورقها. يُوضع عليه كوب لمن أراد الشرب.
5. أوانٍ بأشكال وأحجام متفاوتة:
تُستخدم لسقي الحيوانات والطيور الأليفة، وكذلك لتقديم العلف فيها.
1. الجَحْلَة:
لتخزين المواد الغذائية الجافة والحبوب كالرز والشعير والبذور، حتى لا تصلها الديدان والحشرات فتفسدها. وتُستخدم أيضاً للتبريد ثلاجة اليوم. وسطها أعرض من أسفلها وأعلاها، وتُعد من أكبر المصنوعات الفخارية تقريبًا.
2. أوانٍ مخصصة لحفظ المواد السائلة والرطبة:
مثل العسل، والدهون، والأجبان، والتمور المنتقاة، وجميع المنتوجات القابلة للتلف.
3. السَحْلية:
وعاء كبير، أقرب إلى الشكل المستطيل المستدير، تعلوه فتحة واسعة. يُستخدم لتخزين الماء والمواد المأكولة، ولا تزال استخداماته قائمة لدى بعض المجتمعات البدوية.
4. البِرْمة:
يُحفظ فيها النبات والقمح بودرة لقاح ثمر النخل. لها قوة حافظة لمدة عام دون أن يتغير محتواها، لا تنتهي صلاحيتها أو تاريخها، ولا يصيبها ضرر. كما تُستخدم لطهي الطعام.
5. الخَزْنة:
يُحفظ فيها العملة المعدنية، وتُدفن باحترافية فائقة وتمويه في أرضية المنزل، غالباً في مكان يصعب على من في البيت نفسه معرفته، أو يصعب على السارق الوصول إليها حتى لو اجتهد في البحث عنها. وكم من متوفٍ لم يعثر ورثته عليها إلا بعد عقود، وربما تبقى للأبد في الخفاء.
1. الجرّة:
يُعالج فيها حليب البقر الطبيعي يُخض حتى يطفو منه الدهن ويُستبعد، ثم يُصنّف إلى لبن، روب، وشيراز بعد غليانه وسحبه من السائل.
2. لوازم المطبخ:
صحون، قدور، مقالي، أكواب، طوايس، وغيرها.
3. قَدُو الغليون ورأس النارجيلة ”التتن“:
وهي الوحيدة المعمولة بها عند كبار النساء وبعض الرجال حتى الآن، كما تُقدّم ضيافة في بعض المناسبات.
4. المَطْهَرة ”الكُوز أو الكِيتْلي“:
لها ممسك قوي وأصبع طويلة لإبعاد خروج الماء عن مستخدمه. تتواجد في الحمام للتنظيف بعد قضاء الحاجة.
وهناك ما لا يحضرني أو يُعرف بأسماء غير ما ذُكر. بإمكان المتابعين إضافته في تعليقاتهم ليُثروا الموضوع بمعلومات سقطت هنا.
أخيراً نقول:
اختفت هذه الأدوات، أو جُلّها، بسبب التحضّر. خلت منها البيوت، إلا من تزيين بعض الأماكن والمجالس بها، أو اتخاذها أحواضاً للزراعة. لم تعد تُتداول لأي من وظائفها السابقة لعدم صلاحيتها. لذلك، نجدها ونراها في متاحف التراث، نستغربها، نجهل أهميتها، ونتساءل: ما هي؟ كأنها لم تكن يوماً جزءاً مهماً من حياتنا. حتى أصبحت تحتاج إلى شرح وتعريف للأجيال الحاضرة، علّهم يصدّقون ما يسمعون…