آخر تحديث: 2 / 7 / 2025م - 3:50 ص

السيد الخباز يوضح سبب عدم ذكر ”الأئمة“ في القرآن الكريم

جهات الإخبارية

سلّط السيد منير الخباز، الضوء على الأصول العقدية للمذهب الإمامي في ضوء آيات القرآن الكريم، مؤكدًا أن مفاهيم الإمامة والعصمة وعلم الغيب تستند إلى نصوص قرآنية صريحة.

جاء ذلك خلال محاضرته في الليلة الخامسة من شهر محرم بالمركز الإسلامي في مدينة ديربورن الأمريكية، والتي جاءت تحت عنوان ”أين نجد أصول المذهب الإمامي - الإمامة والعصمة وعلم الغيب - في آيات القرآن الكريم“.

أوضح السيد الخباز أن الإمامة ليست شأنًا اجتماعيًا يخضع للشورى بين المسلمين، بل هي أمر ديني واختيار إلهي محض.

وبين أن المذهب الإمامي لا يكتفي بالمعتقدات الأساسية المشتركة بين المذاهب الإسلامية كالتوحيد والنبوة والمعاد، بل يضيف إلى ذلك مفهوم الإمامة بوصفها منصبًا إلهيًا يتجاوز كونه شأنًا اجتماعيًا أو سياسيًا.

وبيّن أن الإمامة وفق الرؤية الإمامية ترتبط بالولاية العامة للأمة، وهي ولاية جعل وتشريع من الله، لا تخضع للشورى ولا للاجتهاد البشري.

واستشهد الخباز بعدد من الآيات القرآنية لإثبات رؤيته، مشيرًا إلى أن قوله تعالى ﴿وربك يخلق ما يشاء ويختار ، يؤكد أن الخلافة والإمامة من اختصاص الله في الاختيار، وليس من صلاحيات الأمة.

أشار إلى أن الآية الواردة في حق إبراهيم ﴿إني جاعلك للناس إمامًا تدل على أن الإمامة مناصب تترتب بعد مراحل تكاملية، تبدأ من العبودية إلى النبوة ثم الخلة وتنتهي بالإمامة، ما يُشير إلى أن الإمامة ليست مساوية للنبوة بل تفوقها من حيث درجة الاصطفاء والتمكين.

وفي إطار الرد على التساؤلات التي تشكك في قرآنية أصل الإمامة، نفى السيد الخباز صحة القول بأن المفاهيم الخاصة بالمذهب الإمامي لا أصل لها في القرآن.

وفرق السيد الخباز بين نوعين من ”الجعل“ في القرآن؛ الجعل التشريعي الذي يعني التعيين بأمر إلهي كما في حالة الإمام، والجعل التكويني الذي يمثل سنة إلهية في بسط النفوذ للظالمين استدراجًا لهم، كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ، مؤكدًا عدم صحة الخلط بين المفهومين.

وتناول السيد الخباز مفهوم الولاية بنوعيها، التشريعية والتنفيذية، كمجمع للسلطات في شخص الإمام.

وأوضح أن الولاية التشريعية تنبع من علم الأئمة الراسخ بأسرار القرآن وتأويله، مستندًا إلى آيات مثل ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و** ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ **، ورابطًا إياها بالأحاديث التي تصف أهل البيت بأنهم الراسخون في العلم والمطهرون.

أما الولاية التنفيذية، فقد استشهد على وجوبها بآية الولاية ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا... ، التي أجمع المفسرون على نزولها في الإمام علي بن أبي طالب .

وأشار إلى أن أداة الحصر ”إنما“ وقرن ولاية المؤمنين بولاية الله ورسوله، تؤكد أن المقصود هو ولاية الأمر والسلطة المطلقة، وليست مجرد النصرة والمحبة.

واستدل بآية ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، معتبرًا أن الأمر بالإطاعة المطلقة لأولي الأمر، تمامًا كالطاعة المطلقة للرسول، يثبت عصمتهم ويجعلهم مرجعية معصومة لا طرفًا في النزاع.

أما في ما يخص العصمة وعلم التأويل، فقد استند الخباز إلى الآيات التي تبيّن اختصاص ”الراسخين في العلم“ و”المطهرين“ بعلم الكتاب.

وفي إجابته على تساؤل حول سبب عدم ذكر أسماء الأئمة صراحةً في القرآن، نقل الخباز رواية عن الإمام جعفر الصادق توضح أن القرآن يضع القواعد الكلية، بينما يتولى الرسول ﷺ بيان التفاصيل. فكما أنزل الله الأمر بالصلاة والزكاة والحج بشكل عام، وقام النبي بتفصيل أعدادها وكيفياتها، كذلك أنزل الله الأمر بطاعة أولي الأمر، وقام النبي بتعيينهم وتحديد أسمائهم للأمة.

وخلص الخباز إلى أن القرآن الكريم، عند قراءته ضمن سياقه اللغوي والدلالي والتاريخي، يقدم دعامة راسخة للأصول العقدية للمذهب الإمامي، لا سيما في مفاهيم الإمامة والعصمة والتشريع، مشددًا على أن هذه المفاهيم ليست بدعًا من القول، بل امتداد طبيعي لمفهوم القيادة الإلهية بعد رحيل النبي ﷺ.