الدكتور جعفر علي آل توفيق أيقونة العلم والسلوك
الارتقاء إلى سلّم العالمية ليس أمرًا سهلًا كما يتصوّره البعض، فالارتقاء بحاجة إلى عقل ناضج وعمل صادق، لا يفتأ صاحبه يدرس ويحقق ويُجري التجارب ويبحث ويدقّق ويعمل عملًا دؤوبًا، وفوق كل هذا وذاك يأتي الإيمان الصادق بخالقه وذاته التي تختزل كل ما هو ضروري من علوم ومهارات للوصول إلى قمة الصعود والارتقاء بالإرادة القوية والطموح العالي.
لن أَسْرُد إنجازات وشهادات الدكتور جعفر علي آل توفيق، ابن القديح، الذي يُعد أحد أبرز الأطباء السعوديين في مجال الأمراض المعدية والطب الباطني، كما يُعد من الشخصيات العلمية المرموقة محليًا وعالميًا، فقد مُلئت الصحف والمجلات بإنجازاته وشهاداته العلمية، وأولت هذا الجانب اهتمامًا كبيرًا.
قد يملأ الشغف قلب وأحاسيس الصحفي أو الكاتب ليسطر كل تلك الإنجازات الباهرة ويغوص في أعماق روعتها وتعقيداتها وصعوباتها ليكتب عن بطل خاض كل معارك العلم في تلك التخصصات، ولكن هناك جانبًا من جوانب حياة هذا الرجل العظيم لم نقرأ عنه شيئًا.
من الصعب على المرء أن يتحدث عن نفسه في الأمور السلوكية أو الأخلاقية أو لنقل الثقافية، تواضعًا لما يحمل من خُلُق رفيع، غير أن من حوله والقريبون منه يشهدون على حسن سلوكه ودماثة أخلاقه.
قبل عدة أيام تشرفت بلقاء الدكتور جعفر آل توفيق خلال وجبة غداء جمعتني به تكريمًا له في بيت أخيه الأستاذ عباس علي آل توفيق، ودار بيني وبينه حديثٌ عن الاتهامات والشكوك حول اللقاحات الخاصة بجائحة كورونا التي أثارها الكثير من الناس. لقد أوضح الدكتور جعفر العديد من المفاهيم، وصحّح الكثير من المغالطات التي وجّهها هؤلاء بقصد أو بغير قصد، واختصر الرد بكلمات قصيرة لكنها غنية وعميقة، وهي: ”أصبح الكل يصدر فتاواه ويطرح رأيه بدون علم ودراية أو تخصص، ويرون في أنفسهم الخبراء والفاحصين، وهذا ما لا يتناسب مع حقيقة وعلم اللقاحات الذي برز قبل أكثر من مائتين عام.“
أما من الناحية السلوكية، فقد أوجز الأستاذ حسن آل مال الله، وهو أحد المقرّبين من عائلة آل توفيق، عن الدكتور جعفر قائلًا: ”يتميّز الدكتور جعفر بالأخلاق العالية مع كل من يختلط به، بالرغم من وصوله إلى أعلى المناصب القيادية، وحصوله على الأوسمة الرفيعة، كما يتحلّى الدكتور جعفر بسلوك رفيع جدًا رغم ما وصل إليه من مستويات علمية عالية، مما يدل على حسن التربية من قبل والديه. بالإضافة إلى أنّ الدكتور جعفر يشارك المجتمع أفراحهم وأتراحهم كلّما كان متواجدًا في البلد أو سنحت له الفرصة، حيث غالبًا ما يكون خارج المملكة لظروف عمله ومسؤولياته.“
لقد لمست خلال لقائي القصير بالدكتور جعفر أنّه قليل الحديث، إلا فيما يخص مجاله العلمي، فإنّه لا يبخل على أحد بالنصيحة أو التوجيه.
يقول عنه الكاتب الأستاذ عماد آل عبيدان في مقالة بعنوان ”البروفيسور جعفر آل توفيق… نبض الوطن في قلب العالم“، والتي نُشرت في صحيفة جهات الإخبارية بتاريخ 17 مايو 2025 م: ”فجعفر آل توفيق هو ذلك النوع من العلماء الذين لا يتكلمون كثيرًا، بل يجعلون أفعالهم تتكلم عنهم. لا يركضون وراء الضوء، بل يصنعونه. لا ينتظرون الإشادة، بل يستحقونها.“
كما أوضح الأستاذ عماد ”أنّه قلّما تجد للدكتور جعفر إسهامًا مجتمعيًا ملموسًا على صعيد بلدة القديح، لا تقصيرًا منه، وإنما بحكم دراسته التي لا تنتهي، وبحوثه المستمرة، وكذلك إقامته وسكنه خارج القديح، لا تسمح له بإسهامات بارزة نستطيع أن نلمسها أو نراها، ولكن يكفينا ما وصل إليه من مكانة علمية.“
لا شك ولا ريب بأنّ الدكتور جعفر آل توفيق يُعتبر نموذجًا يُحتذى به في التميّز العلمي والمهني، وأيقونة في العلم والسلوك، ومصدر فخر للمجتمع الطبي السعودي والعالمي.
أسأل الله سبحانه وتعالى له ولأمثاله من أبناء وطننا الغالي التوفيق والنجاح.