آخر تحديث: 25 / 5 / 2025م - 11:50 م

للطيور روابط اجتماعية كروابط الصداقة بين البشر

عدنان أحمد الحاجي * مقال مترجم

New Study Shows That Birds Form Bonds That Look a Lot Like Friendship

May 07,2025

أثبتت دراسة أُجريت على طيور الزرزور في أفريقيا أنها تشكّل روابط اجتماعية طويلة الأمد تشبه روابط الصداقة بين البشر.

حقيقة أن البشر الذين لا تربطهم قرابة دم (قرابة عصب أو قرابة نسب أو رحم - أي من نفس السلف) [1]  عادةً ما يساعدون بعضهم البعض بشكل متواتر، هي حقيقة يمكن إثباتها — خذ مثلًا التكاتف المتبادل الذي يحافظ على استمرار أطول علاقات الصداقة بين الأصدقاء.

لكن إثبات حدوث مثل هذه التفاعلات في مملكة الحيوان يُعد أمرًا صعبًا.

دراسة جديدة [2]  من جامعة كولومبيا أُجريت على طيور الزرزور [3]  الأفريقية، بقيادة أليكسيس إيرل Alexis Earl, وهو طالب دكتوراه سابق في مختبر البروفيسور داستن روبنشتاين Dustin Rubenstein, وزملائه، استندت إلى بيانات جُمعت على مدى العشرين عامًا الماضية، وأثبتت ما يلي: تتعامل طيور الزرزور (بالمثل) [الرد على الفعل الإيجابي من أحد الأطراف بمثله، وهي تختلف عن التفاعلات القائمة على المصلحة الذاتية] [4] ، حيث تساعد بعضها البعض على أمل أن يُرد هذا الجميل في نهاية المطاف.

وقال روبنشتاين: (مجتمعات طيور الزرزور ليست مجرد عائلات بسيطة، بل هي أكثر تعقيدًا مما يُعتقد بكثير، وتتضمن خليطًا من أفراد الطيور المرتبطة بالنسب وغير المرتبطة بالنسب التي تعيش معًا، تمامًا كما هي العلاقات بين البشر.)

حقيقة أن الحيوانات تساعد أقاربها بالنسب (من الآباء والنسل) [5] ، بهدف تعزيز كفاءتها الجينية (القدرة على البقاء والتكاثر) وإطالة عمر جيناتها واستقرارها [6]  معروفة لدى المجتمع العلمي. يفضّل طير الزرزور مساعدة أقاربه بالنسب، ولكن الكثير من الطيور الأخرى تساعد أيضًا غير أقاربها. اكتشف إيرل وزملاؤه أن هذه المساعدة غير النَسَبية [بين الطيور التي لا تربط بينها علاقة نسب] موجودة من خلال تشكيل علاقات مبنية على المساعدة المتبادلة، والتي تدوم أحيانًا لسنوات طويلة.

إثبات أن هذا النوع من السلوك المتبادل يمتد إلى الحيوانات الأخرى التي لا تربطها قرابة نسب مباشرة أمرٌ صعب، لأن إثباته يتطلب كميات ضخمة من البيانات تُجمع على مدى فترات زمنية طويلة. الدراسة الجديدة، التي نُشرت في 7 مايو 2025 في مجلة Nature, استندت إلى عشرين عامًا من الأبحاث الميدانية التي أجراها روبنشتاين وزملاؤه على طيور الزرزور الأفريقية التي تعيش في مناخ السافانا القاسي بشرق أفريقيا. من عام 2002 إلى عام 2021، درس الباحثون آلاف التفاعلات الاجتماعية بين مئات الطيور، وجمعوا عينات من الحمض النووي من بعض أفراد هذه الطيور لفحص العلاقات الجينية. ومن خلال الدمج بين البيانات السلوكية والجينية على مدى 40 موسم تكاثر، تمكّن الفريق من طرح أسئلة مثل: هل تساعد الطيور أقاربها بالنسب بشكل تفضيلي؟ وهل تساعد غير الأقارب حتى في وجود أقارب لتلك الطيور (المتلقية للمساعدة)؟ وهل تبادلت المساعدة بالمثل مع أفراد محددين عبر الزمن؟

وفي نهاية المطاف، وجد الباحثون أن الطيور التي قدمت المساعدة فضّلت أقاربها بالنسب، لكنها ساعدت أيضًا، بشكل متكرر ومنتظم، طيورًا لا تربطها بها صلة نسب، حتى عندما كان لتلك الطيور أقارب مستعدون لتقديم المساعدة. وقال روبنشتاين: (الكثير من هذه الطيور تُكوّن صداقات بمرور الزمن. خطوتنا التالية هي استكشاف كيف تتشكّل هذه العلاقات، وما مدتها الزمنية، ولماذا تظل بعض العلاقات قوية بينما تنهار أخرى.)

البيانات استندت إلى عقود من الأبحاث [7]  التي جمعها روبنشتاين وزملاؤه وطلابه حول كيفية ولماذا تتواصل الحيوانات اجتماعيًا. وقد فحصوا المجتمعات الحيوانية ليس فقط في الطيور، بل في أنواع متعددة حول العالم، مثل مجتمعات الروبيان ذي المسدس (المعروف بكونه الأعلى صوتًا بين الكائنات البحرية) في جميع أنحاء منطقة الكاريبي، والدبابير في أفريقيا، والخنافس في آسيا، والفئران والسحالي في أستراليا.

وقال روبنشتاين: (أعتقد أن هذا النوع من السلوك القائم على المساعدة المتبادلة يحدث في العديد من المجتمعات الحيوانية، ولكن الناس لم يدرسوها لفترة كافية لاكتشاف هذه السلوكيات.)