آخر تحديث: 15 / 5 / 2025م - 2:19 م

القراءة في وسائل النقل العامة

يوسف أحمد الحسن * صحيفة الجزيرة

يهمنا جميعًا أن يخصص جميع الناس أوقاتًا للقراءة حسب ما يناسب كلًّا منهم، سواء كانوا في الحضر أو في السفر أو حتى فيما بينهما، أي في وسائل النقل. ويقضي عامة الناس في أنحاء العالم ساعات طوالًا متنقلين من مكان لآخر، خاصة في وسائل النقل العامة. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن متوسط استخدام وسائل النقل العامة في البلدان التي تستخدمها يتراوح ما بين 30 و 90 دقيقة يوميا، اعتمادًا على عدة عوامل، منها عادات الناس، والمسافات التي تفصل بين مقار سكنهم وأعمالهم، وقد يصل في بعض البلدان إلى ساعتين أو ثلاث ساعات.

لذا فإنه ينبغي استغلال هذه الأوقات المهدرة فيما يفيد وما يتناسب مع هذه الوسائل حيث يمكن أن تكون القراءة أحد أهم الأمور التي يفعلها الناس أثناء تنقلاتهم.

هذه الأوقات المتناثرة التي تشكل جسرًا للانتقال من موقع لآخر هي ما يُحدث الفرق في مستويات ودقائق وساعات القراءة في حياة الشعوب، كما أشارت إليه الدراسات التي أجريت لمعرفة أكثر الشعوب قراءة في العالم، والتي أظهرت أنها الهند وتايلاند والصين، وهي تشترك في أمر واحد يتمثل في استغلال الناس لأوقات ركوبهم في وسائل النقل العامة في القراءة بمختلف صورها من كتب ومجلات وصحف، ثم تلاها في السنوات الأخيرة القراءة الرقمية.

والمستجد في هذا الأمر لدينا مؤخرًا افتتاح بعض خطوط المترو في العاصمة الرياض إضافة إلى خطوط السكك الحديدية الموجودة، التي تغطي أجزاءً من بلادنا الحبيبة ويستخدمها الآلاف كل يوم.

لذلك فهي دعوة للجميع لاستغلال وسائل النقل العامة والاستفادة منها في القراءة المفيدة. لكن لهذه القراءة خصوصية تحتاج إلى مراعاتها؛ منها الجو العام السائد في هذه الوسائل، من حيث عدم توفر الهدوء التام فيها مع الأعداد الكبيرة من الركاب، وربما التزاحم في مكان محدود حيث تتقلص المساحات الخاصة مقابل المساحة العامة المشتركة مع تنوع شرائح وطبقات المستفيدين منها، وهو ما يشكل صعوبة في السيطرة على ما يحيط بالقارئ.

وتتطلب القراءة في مثل هذه الأماكن التوازن بين حمل الكتاب وتقليب الصفحات وربما الإمساك بمقبض الحافلة أو المترو لمنع السقوط أثناء التوقف المفاجئ، ولذلك فإن نوعيات معينة من الكتب يمكن قراءتها حسب مستوى وقدرة القارئ بعيدًا عن الكتب الفكرية أو العلمية الصعبة. وبينما يستطيع البعض التركيز في القراءة رغم ضوضاء وسيلة النقل وإعلانات محطات الوقوف وسائر صنوف التلوث السمعي، فإن آخرين لا يستطيعون ذلك، وربما استخدموا السماعات الخاصة بعزل الصوت من أجل تخفيف الضوضاء والتركيز في القراءة.

ومن فوائد اكتساب المعرفة والاستمتاع بالأدب في وسائل النقل العامة أنها تحمي الراكب من التوتر المصاحب للرحلة - وهي إحدى خصائص القراءة - رغم عدم مثالية المكان.

وهناك من يعد القراءة في وسائل النقل نشاطًا يقلل من حالة الملل من جهة، كما أنه يجنب البعض فضول وسلبية الركاب الآخرين والدخول في النقاشات السلبية معهم، من جهة أخرى.