آخر تحديث: 4 / 5 / 2025م - 12:08 ص

دماغ للبيع

رائدة السبع * صحيفة اليوم

كم مرة دخلت إلى الصيدلية بنية شراء دواءٍ واحد قد كتبه الطبيب في وصفة محددة، وبعدها وجدت نفسي وقد خرجتُ من الصيدلية محمّلة بمجموعة من الكماليات التي لا علاقة لها بهذه الوصفة؟ وكأن شيئًا في هذا المكان يفتح شهيّة التجمّل والاهتمام بالذات.. لدي أخت جميلة، لا تدخل الصيدلية إلا وتطيل البقاء، تتأمل وتتمعّن في التفاصيل كما لو كانت في معرض بهجة.. هي لا تشتري فقط، بل تعيش طقسًا من الاعتناء بالنفس، وكأن رفوف الصيدلية تهمس لها بسرّ من أسرار السرور.

وتخيلوا لو تم إضافة رف صغير للكتب بين الفيتامينات وكريمات العناية، فعند تطبيق هذه الفكرة سنجد أن وصفات الجسد سوف تلتقي بوصفات الروح.. كما سيصبح بإمكانك أن تأخذ كتابًا كما تأخذ مسكنًا، أو تضع يدك على قصة كما تضعها على علبة شفاء.. رف كتب في صيدلية.. فكرة تُداوي الروح والجسد معًا.

هل سمعت عزيزي القارئ عن مصطلح الِ «Biblio-therapy»؟ إنه نهج يعتمد على القراءة لتعزيز الشفاء العاطفي والنفسي، ويُختار الكتاب بعناية لمساعدة الأفراد على فهم مشاعرهم وتقليل التوتر.

وعندما أتأمل الكتب التي أرغب في قراءتها، والأفكار التي أود اكتشافها، والنزهات التي أتوق للقيام بها، والأصدقاء الذين أشتاق إليهم، أشعر أن الأيام تتسابق بعيدًا.. كل لحظة تمر تحمل في طياتها شغفًا وحبًا للمعرفة، مما يجعل كل يوم يبدو قصيرًا جدًا.

فكم من كتاب أنقذ روحك عندما قرأته؟ وكم من قصة جعلتك ترى الحياة بعيون أخرى عندما فرغت منها؟

شخصيًا، أؤمن أن القراءة تمنحني السعادة، توسّع مداركي، وتحسّن مزاجي. القراءة ليست مجرد متعة، بل هي حياة إضافية داخل حياتي.

في عالم يفيض بالأفكار، يظل التحدي الأكبر للمثقفين هو تحويل هذه الأفكار إلى سلعة قابلة للاستهلاك والمربح.. فالكتابة ليست مجرد إبداع فكري، بل هي أداة لفتح أبواب الثروة الفكرية والمادية. منذ سنوات، قرأت مقالًا عن كيفية تحويل الكتب إلى مصدر دخل، وكيف استطاع المثقفون في أمريكا خلق ثروات ضخمة من أفكارهم. يطرح هذا تساؤلًا: هل الكتابة فعلاً قادرة على جعل صاحبها ثريًا؟