آخر تحديث: 29 / 4 / 2025م - 12:05 م

ما أبرز ملامح مشروع تحديث لائحة شركات التمويل الذي طرحه ”ساما“؟

جهات الإخبارية

طرح البنك المركزي السعودي ”ساما“ مشروع تحديث شامل للائحة التنفيذية الخاصة بنظام مراقبة شركات التمويل.

وتأتي هذه الخطوة الاستراتيجية الهامة في إطار ممارسة البنك المركزي لاختصاصاته النظامية، وتماشياً مع النمو الملحوظ والتنوع المتزايد الذي تشهده الأنشطة التمويلية داخل المملكة العربية السعودية.

ويهدف التحديث المقترح، وفقاً لما أعلنه ”ساما“، إلى تعزيز الدور الحيوي الذي تلعبه شركات التمويل في دعم الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى تطوير الإطار التنظيمي للقطاع بما يكفل استقراره ونموه المستدام، ويرفع مستوى الوعي بأهمية الخدمات التمويلية.

ويتزامن هذا التوجه مع التطور الكبير في قطاع التمويل، حيث تستهدف اللائحة المحدثة تنظيم متطلبات ممارسة كافة الأنشطة التمويلية ضمن إطار تنظيمي موحد وشامل، مع الأخذ في الاعتبار وجود بعض المتطلبات الخاصة التي تنظمها قواعد مستقلة أخرى صادرة عن البنك المركزي.

وتسعى اللائحة الجديدة إلى تمكين شركات التمويل من زيادة حجم السيولة المقدمة للسوق، مما يرفع بدوره من مساهمتها في الاقتصاد الوطني، وهو ما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

وشمل مشروع التحديث مراجعة دقيقة وشاملة للأحكام التنظيمية القائمة، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز ممارسات الحوكمة المؤسسية.

وتناولت التعديلات المقترحة الأحكام الخاصة بالتعامل مع الأطراف ذوي العلاقة، وتنظيم عمليات الاستحواذ على حصص مؤثرة في شركات التمويل، وكذلك إجراءات طرح أسهم هذه الشركات في السوق المالية.

كما تم تحديث المعايير والمتطلبات المفروضة على المؤسسين وأعضاء مجالس الإدارة والمديرين التنفيذيين لضمان الملاءمة والأهلية اللازمة لشغل هذه المناصب الحساسة، حيث اشترطت اللائحة عدم الإدانة السابقة بجرائم مخلة بالأمانة، والتمتع بالملاءة المالية، والحصول على عدم ممانعة ”ساما“ قبل الاستحواذ على نسبة مؤثرة، وعدم التعرض لإشهار إفلاس أو رفض طلب ترخيص سابق.

وفي خطوة لدعم الابتكار وتشجيع دخول لاعبين جدد للسوق، قدم المشروع تسهيلات للشركات الناشئة في قطاع التمويل، تمثلت في تخفيض الحد الأدنى للضمان البنكي غير القابل للإلغاء المطلوب عند التأسيس ليصبح 20% فقط من الحد الأدنى لرأس المال المطلوب للنشاط، بدلاً من نسبة 100% التي كانت مطبقة سابقًا.

ووضعت اللائحة شروطاً دقيقة لتأسيس الشركات، تتضمن تقديم دراسات جدوى تفصيلية ونماذج عمل واستراتيجيات مستقبلية واضحة.

وحددت متطلبات الحد الأدنى لرأس المال المدفوع وفقاً لطبيعة النشاط، لتصل إلى 200 مليون ريال لشركات التمويل العقاري، و 100 مليون ريال لشركات التمويل الأخرى، و 50 مليون ريال لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مع تحديد مبالغ أقل للأنشطة المعتمدة على التقنية المالية مثل التمويل الاستهلاكي المصغر أو التمويل الجماعي بالدين والتي تبدأ من خمسة ملايين ريال، مع احتفاظ البنك المركزي بصلاحية تعديل هذه الحدود وفقًا لمتغيرات السوق.

وشددت اللائحة المحدثة على إلزامية الحصول على ترخيص رسمي من البنك المركزي قبل الشروع في ممارسة أي نشاط تمويلي محدد في النظام، مؤكدة خضوع كافة الأشخاص الاعتباريين المرخص لهم لأحكامها، مع منع ممارسة أي نشاط دون ترخيص أو بالمخالفة للأنظمة.

ونظمت اللائحة بشكل دقيق ممارسة الأنشطة المختلفة، فقصرت تقديم التمويل العقاري على الجهات المرخصة، وحددت ضوابط للتمويل الاستهلاكي المصغر بحيث يقتصر على شراء السلع والخدمات الاستهلاكية بسقف محدد، وكذلك التمويل متناهي الصغر الموجه لأصحاب الأعمال الصغيرة والحرفيين بسقف أعلى، مع إمكانية تعديل ”ساما“ لهذه الحدود.

وأكدت على أن يتم تمويل السلع والخدمات عبر جهات مرخصة فقط، مع منع إعادة تملك السلعة المباعة للمستهلك لحمايته وضمان شفافية العمليات.

ومنعت اللائحة شركات التمويل من ممارسة أنشطة غير تمويلية أو امتلاك منشآت تمارس أنشطة أخرى دون موافقات، وكذلك قيدت الاستحواذ على أصول غير مرتبطة بالنشاط، وفرضت الحصول على عدم ممانعة في حالات التصفية.

وعلى صعيد الحوكمة الداخلية، ألزمت التحديثات شركات التمويل بتطوير لوائح حوكمة داخلية معتمدة من مجالس الإدارة، تحدد بوضوح اختصاصات المجلس واللجان المنبثقة عنه، مع إلزامية تشكيل لجان متخصصة أهمها لجنة المراجعة ولجنة إدارة المخاطر والائتمان.

وتضمنت اللائحة متطلبات صارمة لكفاية رأس المال والسيولة، وتقديم البيانات الاحترازية والتقارير الدورية لـ ”ساما“ لتعزيز الرقابة الاستباقية، والحصول على عدم ممانعة البنك قبل إقرار توزيع الأرباح.

وأولت اللائحة اهتماماً خاصاً بإدارة المخاطر، حيث اشترطت وجود استراتيجية مكتوبة ومعتمدة، وإنشاء إدارات متخصصة للمخاطر، وإعداد تقارير دورية ربع سنوية عنها.

وحددت ضوابط لسياسات التمويل تشمل الجدارة الائتمانية وإدارة الضمانات والتعامل مع التعثر وفرضت قيوداً على حجم التمويلات والتعرضات الكبيرة، واشترطت موافقات خاصة للتمويل بعملات أجنبية أو لغير المقيمين.

وألزمت اللائحة شركات التمويل بتوفير تجهيزات تقنية متوافقة مع المعايير المعتمدة وكافية لتلبية احتياجاتها ومخاطرها، مع حفظ آمن ومنظم للسجلات والوثائق لمدة لا تقل عن عشر سنوات.

ووضعت اللائحة شروطاً لدعم التوطين، بتحديد نسب متزايدة للسعوديين تبدأ من 50% وتصل إلى 75%، وضوابط لتعيين غير السعوديين.

ونظمت أيضاً إجراءات الاستعانة بمقدمي الخدمات الخارجيين، مع وضع سياسة مكتوبة لذلك وضمان وصول ”ساما“ والمراجعين للمعلومات اللازمة.

وأكدت على ضرورة الالتزام بكافة الأنظمة والتعليمات الصادرة عن البنك ومبادئ الالتزام، وتطبيق معايير المحاسبة الدولية في إعداد المخصصات.

وأكد البنك المركزي السعودي أن مشروع تحديث اللائحة متاح حالياً للملاحظات والاقتراحات من العموم والمهتمين، داعياً إياهم للمشاركة بآرائهم عبر المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك، وهو ما يعكس التزام ”ساما“ بنهج الشفافية وتعزيز الشراكة المجتمعية في تطوير الأطر التنظيمية.

ومن المتوقع أن تسهم هذه اللائحة المحدثة، بعد إقرارها، في رفع مستوى الحوكمة والشفافية والكفاءة التشغيلية لشركات التمويل، وتعزيز قدرتها على خدمة الاقتصاد الوطني والمستفيدين بشكل آمن وميسر، بما يتماشى مع أفضل المعايير الدولية ورؤية المملكة 2030.