آخر تحديث: 17 / 12 / 2025م - 2:50 ص

المملكة تمهد السماء لـ ”التاكسي الطائر“ بلوائح تنظيمية جديدة

جهات الإخبارية

بدأت الهيئة العامة للطيران المدني، رسمياً، حقبة جديدة في قطاع النقل الجوي المتقدم، بطرحها مشروع لائحة تنظيمية شاملة عبر منصة ”استطلاع“، تستهدف وضع الأطر التشريعية لتشغيل الطائرات ذات الرفع الآلي والإقلاع الهبوط العمودي ”VTOL“.

وحددت معايير صارمة لترخيص الطيارين، وتأهيل المدربين، واعتماد برامج التدريب، في خطوة استباقية تمهد الطريق لتبني حلول التنقل الجوي المستقبلي وفق أعلى معايير السلامة العالمية.

وتأتي الخطوة السعودية استجابة للتحولات الجذرية في صناعة الطيران العالمي، حيث تسعى المملكة لحجز مقعد ريادي في سوق النقل الجوي الحضري، والخدمات اللوجستية السريعة، وعمليات الإخلاء الطبي، عبر تقنيات الطيران العمودي التي لا تعتمد على المطارات التقليدية.

وتهدف اللائحة الجديدة ”الجزء 100“ إلى ردم الفجوة التشريعية التي ظلت لسنوات عائقاً أمام هذا النوع من الطائرات، إذ أكدت الهيئة أن الأنظمة الكلاسيكية المصممة للطائرات ثابتة الجناح والمروحيات لم تعد صالحة لمحاكاة الخصائص الفنية والهندسية المعقدة لمركبات ال VTOL.

واعتمدت الهيئة في صياغة النظام الجديد نهجاً مرناً يبتعد عن الجمود البيروقراطي، مرتكزة على فلسفة ”إدارة المخاطر وتقييم الأداء“، مما يمنح الشركات المشغلة مساحة للحركة والتطوير دون الإخلال بمتطلبات السلامة الصارمة التي لا تقبل التفاوض.

وأعادت اللائحة رسم خريطة طريق تراخيص الطيارين، مقرةً معايير جديدة كلياً لاحتساب ساعات الخبرة والاختبارات العملية، لتتناسب مع طبيعة هذه المركبات الهجينة التي تدمج بين خصائص الطيران العمودي والأفقي في آن واحد.

وفي سابقة تنظيمية، خففت الهيئة من اشتراطات ”الطيران العابر“ التقليدية، مكتفية باحتساب الرحلات التي تتجاوز 25 ميلاً بحرياً كمعيار للخبرة، شريطة استخدام أنظمة ملاحة معتمدة، وهو ما يخفف الأعباء التشغيلية غير المبررة على الطيارين المتدربين.

ومنحت التنظيمات الجديدة صلاحيات استثنائية للطيارين العاملين لدى الشركات المصنعة، حيث سُمح لهم بتدريب الآخرين ومنح الاعتمادات دون الحاجة لرخص تدريب تقليدية، بهدف تسريع نقل المعرفة التقنية الدقيقة من المصنع إلى المشغل مباشرة تحت رقابة الهيئة.

وواكبت اللائحة التطور التقني باعتماد ”أجهزة المحاكاة“ المتقدمة كبديل معترف به لاكتساب جزء من ساعات الخبرة المطلوبة، مما يسهم في خفض تكاليف التدريب الباهظة وتقليل المخاطر التشغيلية، مع ضمان جودة المخرجات في سيناريوهات الطوارئ.

وتعاملت الهيئة بواقعية مع القيود التصميمية لبعض طائرات الرفع الآلي، حيث أقرت إعفاءات جزئية ومؤقتة من بعض اختبارات الطيران التي يتعذر تنفيذها فنياً، مع إلزام الطيارين باستكمال هذه المهارات لاحقاً عند توفر الطائرات القادرة على ذلك.

ونظمت اللائحة آلية الحصول على تصنيفات الطيران، متيحة المجال للترخيص المؤقت بنظام ”الطيران المرئي“ فقط، مع إلزام الطيارين التجاريين بترقية قدراتهم إلى ”الطيران الآلي“ خلال جداول زمنية محددة لضمان الجاهزية للعمل في مختلف الظروف الجوية.

وفرضت التشريعات قيوداً مشددة على عمل ”مساعد الطيار“، مشترطة استكماله لكافة التدريبات المعفاة قبل السماح له بالانتقال إلى مقعد القيادة، لضمان عدم وجود أي فجوات مهارية قد تهدد سلامة الركاب مستقبلاً.

ووضعت الهيئة إطاراً صارماً للتشغيل التجاري ضمن عمليات ”الجزء 135“، ملزمة المشغلين ببروتوكولات دقيقة لإدارة الموارد داخل قمرة القيادة، وإجراءات السلامة القياسية، لضمان تحويل التنقل الجوي المتقدم من خيال علمي إلى واقع تجاري آمن وموثوق.