آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

أهمية الإعلام في بناء المعرفة

أمير بوخمسين

تجارب التاريخ واضحة. إذاعة ال BBC في الحرب العالمية الثانية لم تكن تنقل الأخبار فقط، بل كانت تكسر جدار الأكاذيب الذي بنته الأنظمة الفاشية، فتعطي الناس أملًا وسلاحًا معنويًا.

إذاعاتنا المحلية، في لحظة تفشي كورونا، استطاعت أن تكون صوتًا للعلم وسط فوضى الإشاعات. هذه النماذج تؤكد أن الإعلام قادر على أن يكون مدرسة جماعية، وأن يعلم الناس كيف يواجهون مصيرهم بالوعي لا بالخوف.

لكن للإعلام وجه آخر أكثر قتامة. فالإعلام النازي هو الذي شرعن القتل والعنصرية حتى صارت جرائم ضد الإنسانية مقبولة شعبيًا.

إننا أمام مفارقة خطيرة، الإعلام الذي يُفترض أن يقودنا إلى النور، قد صار أحيانًا هو الذي يطفئ آخر المصابيح.

ولأهمية الإعلام في بناء الوعي الاجتماعي والمعرفي، نذكر بعض النقاط الأساسية لدور الإعلام في البناء المعرفي:

• نقل المعلومات: يوفر الإعلام معلومات دقيقة وموثوقة حول الأحداث والقضايا المحلية والعالمية، مما يساعد الناس على اتخاذ قرارات مستنيرة.

• التثقيف: يسهم الإعلام في نشر المعرفة والوعي حول موضوعات متنوعة، مثل الصحة، التعليم، والبيئة، مما يعزز من مستوى الوعي العام.

• تنمية التفكير النقدي: يعزز الإعلام من قدرة الأفراد على التفكير النقدي من خلال تقديم وجهات نظر متعددة وتحليل المعلومات.

• تعزيز الحوار: يفتح الإعلام المجال للحوار والنقاش حول القضايا المهمة، مما يساعد على بناء مجتمع مدني نشط ومشارك.

• تأثير الثقافة: يسهم الإعلام في تشكيل الثقافة والقيم الاجتماعية من خلال ما يتم نشره من محتوى، مما يؤثر على كيفية رؤية الأفراد للعالم من حولهم.

• محاربة المعلومات المضللة: يلعب الإعلام دورًا في مكافحة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة من خلال تقديم الحقائق والتحليلات المدروسة.

بالمجمل، يعتبر الإعلام أداة أساسية في بناء مجتمع معرفي متطور، حيث يسهم في نشر المعرفة وتعزيز الوعي الجماعي.

أما عن الوسائل الإعلامية التي تساهم في بناء المعرفة، وتُعتبر اليوم من الأدوات الرئيسية في تشكيل الوعي الاجتماعي:

• الإنترنت: يعد المصدر الأكثر شيوعًا للبحث عن المعلومات، حيث يمكن الوصول إلى مقالات، فيديوهات، ودورات تعليمية.

• الكتب: تظل الكتب واحدة من أهم وسائل نقل المعرفة، حيث تحتوي على معلومات معمقة في مجالات متعددة.

• المجلات والصحف: تقدم تحليلات وأخبارًا حول الأحداث الجارية، مما يساهم في فهم السياقات المختلفة.

• البودكاست: توفر منصات البودكاست محتوى تعليميًا وترفيهيًا يمكن الوصول إليه بسهولة.

• وسائل التواصل الاجتماعي: تسهم في تبادل المعلومات والأفكار، لكن يجب التحلي بالوعي النقدي تجاه المعلومات المتداولة.

• الندوات وورش العمل: توفر فرصًا للتعلم من الخبراء وتبادل الخبرات مع الآخرين.

جميع هذه الوسائل تتطلب جهدًا بشريًا ورأس مال من أجل أن يساهم الإعلام في بناء المعرفة الحقيقية وإعادة الجمهور للثقة فيه عبر الشفافية والموضوعية. فالمجتمع الذي يفقد إعلامه الواعي، يفقد تدريجيًا قدرته على التفكير النقدي، ويصبح رأيه العام هشًا قابلًا للاستغلال.

إن معركة الوعي اليوم لا تُخاض في المدارس فقط، ولا في المساجد أو الجامعات، بل تُخاض أولًا في غرف الأخبار واستوديوهات البث ومنصات التواصل. وهنا المفارقة. الإعلامي قد يكون معلمًا أو مهرجًا، منقذًا أوقاتًا لا للوعي.

السؤال: هل نريد إعلامًا يعلم الناس كيف يفكرون، أم إعلامًا يعلمهم كيف ينسون؟