آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

حظر الدفن العشوائي والأولوية للتدوير.. 94 ضابطًا لإدارة نفايات البناء والهدم

جهات الإخبارية

طرح المركز الوطني لإدارة النفايات الضوابط والأدلة الفنية الخاصة بخطة إدارة نفايات البناء والهدم «CDW» عبر منصة ”استطلاع“، داعيًا مختلف أصحاب المصلحة من جهات حكومية وخاصة وخبراء ومهندسين ومقاولين لتقديم مرئياتهم وملاحظاتهم قبل اعتمادها رسميًا.

وتأتي هذه المبادرة في إطار الجهود الوطنية لتنظيم قطاع النفايات، الذي يُعد من أكثر القطاعات تأثيرًا على البيئة والصحة العامة والاقتصاد، خصوصًا أن نفايات البناء والهدم تمثل نسبة كبيرة من إجمالي النفايات المنتجة في المملكة.

مرجع تنظيمي وإرشادي

أكد المركز أن الأدلة الفنية المقترحة تمثل إحدى الركائز الأساسية لمنظومة إدارة النفايات، إذ تحدد الحد الأدنى من الضوابط والاشتراطات لجميع الأنشطة المرتبطة بسلسلة القيمة، بدءًا من توليد النفايات، مرورًا بعمليات الجمع والنقل والفرز، وصولًا إلى المعالجة والتدوير والتخلص النهائي.

وبحسب المركز، فإن هذه الأدلة لا تقتصر على الجانب التنظيمي فقط، بل توفر كذلك إرشادًا فنيًا شاملاً لجميع المعنيين، سواء كانوا منتجين للنفايات، أو مقدمي خدمات، أو مستثمرين، أو جهات حكومية، بما يسهم في توحيد المعايير وتكامل الأدوار داخل القطاع.

ترتكز خطة إدارة نفايات البناء والهدم على نظام إدارة النفايات «WML» الذي يمثل المرجع النظامي الأعلى لتنظيم القطاع وضبط ممارساته.

التزامات صارمة

حدد النظام مجموعة من الالتزامات والضوابط الصارمة، حيث نصت المادة الرابعة على حظر ممارسة أي نشاط يتعلق بإدارة النفايات دون الحصول على ترخيص أو تصريح من المركز الوطني، بما يقطع الطريق أمام الممارسات غير النظامية.

جاءت المادة الخامسة لتضع أولويات التعامل مع النفايات، بحيث تكون إعادة التدوير الخيار الأول، يليه استرداد الموارد، ثم التخلص الآمن كخيار أخير، فيما أكدت المادة الثامنة على منع ترك النفايات أو دفنها أو حرقها أو رميها في غير الأماكن المخصصة، مع إلزام الجهات المعنية بوضع الضوابط المنظمة لذلك.

وتناولت المادة السادسة عشرة مسؤوليات مقدمي الخدمات، والتي تشمل التخلص من النفايات وفق الطرق المعتمدة، والتحقق من صحة بياناتها، والالتزام بوثائق النقل، فضلًا عن تقديم تقارير دورية عند التعاقد مع الجهات الحكومية، وهو ما يعكس دقة النظام وصرامته في ضبط القطاع.

وضعت اللائحة التنفيذية لنظام إدارة النفايات «IR» إطارًا تفصيليًا يغطي مختلف مراحل سلسلة القيمة للنفايات، بدءًا من الجمع مرورًا بالنقل والفرز والمعالجة وإعادة التدوير وحتى التخزين والتخلص النهائي.

جاءت اللائحة بمجموعة من المواد المحورية، حيث نصت المادة الثالثة على حظر ممارسة أي نشاط مرتبط بجمع أو نقل أو فرز أو معالجة أو إعادة تدوير النفايات دون الحصول على تصريح رسمي من المركز، ما يضمن خضوع جميع الممارسات للإشراف النظامي.

أما المواد من 37 حتى 42 فقد شددت على مسؤولية المنتج عن نفاياته منذ لحظة إنتاجها وحتى تسليمها لمقدم خدمة مرخص أو انتقال ملكيتها للدولة، مع إلزامه باستكمال وثيقة النقل كشرط أساسي للتتبع والرقابة.

وقدمت المواد من 49 إلى 52 تصنيفًا شاملًا لأنواع النفايات، بدءًا من النفايات البلدية الصلبة بأنواعها السكنية والتجارية والإدارية، وصولًا إلى نفايات البناء والهدم، ونفايات الرعاية الصحية، والزراعية، والصناعية، والحمأة.

وفي السياق نفسه، وضعت المواد 58 حتى 62 معايير دقيقة لتصنيف النفايات الخطرة، استنادًا إلى مكوناتها الكيميائية وتركيز الملوثات وخصائصها البيئية ومدى خطورتها على الصحة العامة، كما ألزمت المواد من 65 إلى 70 المنتجين بفصل النفايات من المصدر، مع التشديد على حظر مزج النفايات الخطرة إلا بعد الحصول على موافقة صريحة من المركز.

وأخيرًا، حددت المواد من 71 إلى 94 ضوابط النقل والتخزين بشكل صارم، حيث ألزمت الناقلين بالاحتفاظ بوثائق النقل لمدة لا تقل عن خمس سنوات، كما اشترطت تخزين النفايات الخطرة في مواقع بعيدة عن المستقبلات الحساسة وفصلها حسب خصائصها الفيزيائية والكيميائية لضمان أعلى معايير السلامة البيئية.

خصصت الخطة مساحة بارزة لتسليط الضوء على الاشتراطات الصادرة عن وزارة البلديات والإسكان المتعلقة بإدارة نفايات البناء والهدم والترميم، حيث حددت هذه الاشتراطات أدوارًا دقيقة لعدة أطراف ضمن منظومة العمل.

وألزمت طالب الترخيص بالتعاقد مع ناقل مرخص يتولى نقل جميع النفايات إلى المواقع المعتمدة من الأمانة أو المردم، بما يضمن التخلص السليم منها، أما المكتب الهندسي المصمم فقد أوكلت إليه مهمة حساب الكميات التقديرية للمخلفات باستخدام معادلات دقيقة، على أن يتم إدراج هذه البيانات ضمن رخصة البناء من خلال منصة ”بلدي“، ما يعزز الشفافية ويتيح متابعة دقيقة للمخلفات المتوقعة.

وفي المقابل، حملت الاشتراطات المكتب الهندسي المشرف مسؤولية التحقق من التعاقد مع ناقل مرخص، والإشراف على التزام المقاول باستخدام نموذج استلام النفايات طوال فترة تنفيذ المشروع، إضافة إلى تقديم تقرير ختامي يثبت نقل جميع المخلفات إلى المواقع المعتمدة، وهو ما يضمن توثيقًا دقيقًا ومتابعة شاملة لعمليات التخلص.

وشددت الوزارة على ضرورة توفير حاويات خاصة لجمع ونقل المخلفات، ومنع التخلص منها بطرق عشوائية، وهو ما يعزز من الرقابة الميدانية ويضمن التزام المقاولين والمطورين.

أبرزت الخطة أهمية مواءمة الضوابط الجديدة مع نظام البيئة «EPL»، الذي يرسخ مبادئ الاستدامة وحماية الموارد الطبيعية.

وتنص المادة الثالثة منه على منع ممارسة أي نشاط بيئي دون ترخيص مسبق، فيما تلزم المواد الأخرى الجهات المرخصة بالمعايير والاشتراطات البيئية، ووضع خطط للرصد والقياس لمتابعة الانبعاثات والملوثات، وتقديم تقارير دورية للجهات المختصة، وإعادة الأوساط البيئية المتضررة إلى حالتها الطبيعية.

أكد المركز الوطني لإدارة النفايات «موان» أن خطة إدارة نفايات البناء والهدم، التي تندرج ضمن منظومة الضوابط والأدلة الفنية الصادرة عن المركز، تستهدف وضع إطار متكامل يضمن حماية صحة الإنسان وسلامة العاملين والحفاظ على البيئة.

وأوضح المركز أن هذه الخطة تمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية العمرانية المستدامة، من خلال إلزام جميع الأطراف المعنية باتباع ممارسات آمنة وفعالة في جميع مراحل التعامل مع النفايات، بدءًا من الفرز في الموقع، مرورًا بالتخزين والنقل، وصولًا إلى إعادة التدوير أو التخلص النهائي الآمن.

الصحة في صدارة الأولويات

وأوضح ”موان“ أن الاعتبارات الصحية تأتي في مقدمة عناصر الخطة، حيث يتعامل العمال بشكل مباشر مع نفايات قد تحتوي على مواد شديدة الخطورة مثل الأسبستوس والرصاص وبعض المركبات الكيميائية.

وبيّن أن هذه المواد تُشكل تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة إذا لم تتم إدارتها بعناية، إذ قد تسبب أمراضًا تنفسية وجلدية مزمنة، ومن هنا، تشدد الأدلة الفنية على ضرورة الفحص المسبق لمكونات النفايات، وتحديد المواد الخطرة وعزلها، إضافة إلى تطبيق تدابير وقائية مثل أنظمة الرش للحد من تطاير الغبار، وتزويد العاملين بمعدات الحماية الشخصية المناسبة.

وأكد المركز أن المخاطر الصحية لا تقتصر على العاملين فقط، بل يمكن أن تمتد آثارها إلى المجتمعات المحيطة في حال تسرب الملوثات إلى الهواء أو التربة أو مصادر المياه. ولهذا، تضع الخطة آليات استباقية تمنع تحوّل مواقع البناء والهدم إلى بؤر ملوثة تؤثر على الصحة العامة.

بيئات عمل محفوفة بالمخاطر

وأشار ”موان“ إلى أن السلامة المهنية لا تقل أهمية عن الاعتبارات الصحية، حيث تُعد مواقع البناء والهدم بيئات ديناميكية متغيرة محفوفة بالمخاطر، وتشمل أبرز التحديات سقوط الأجسام الثقيلة، انزلاق المواد، الأعطال المفاجئة في المعدات، وحركة المركبات الضخمة. وتفرض هذه المخاطر ضرورة تطبيق إدارة دقيقة للمخاطر، بما يعزز من سلامة جميع العاملين في الموقع.

إجراءات صارمة لحماية العمال

بيّن المركز أن خطة الصحة والسلامة تلزم جميع الأطراف بتحديد أنواع المخاطر المرتبطة بمخلفات البناء والهدم، ثم تقييم احتمالية حدوثها وشدة عواقبها عبر مصفوفة مخاطر تساعد في ترتيب الأولويات وصياغة خطط التخفيف المناسبة.

كما شدد على أن الالتزام باستخدام معدات الحماية الشخصية «PPE» يعد شرطًا أساسيًا في أي موقع عمل منظم، وتشمل الخوذات الواقية، النظارات، الكمامات، واقيات الأذن، القفازات، والأحذية الخاصة موضحا أن توفير هذه المعدات وحده لا يكفي، بل يجب تدريب العاملين على استخدامها وصيانتها بشكل دوري لضمان جاهزيتها المستمرة.

وأضاف ”موان“ أن مواجهة المخاطر الصحية، مثل الغبار الناتج عن القطع والسحق والهدم، تتطلب حلولًا تقنية وعملية، من بينها أنظمة رش المياه، وسائل الشفط، وأجهزة التنفس الفعّالة، مشدددًا على ضرورة التعامل مع المواد الكيميائية الخطرة مثل الرصاص والزئبق بآليات دقيقة تشمل الفرز ووضع وسوم واضحة، بما يضمن التعامل الآمن معها.

إدارة وفرز وتخزين النفايات

أكد المركز أن الفرز في المصدر يمثل الخطوة الأولى في الإدارة السليمة للنفايات، حيث يُسهم فصل الخشب عن الخرسانة، والحديد عن المواد الخطرة في تسهيل إعادة التدوير وتقليل المخاطر.

وشدد ”موان“ على أن تخصيص مناطق آمنة لتخزين النفايات يُعد عنصرًا محوريًا، إذ أن التخزين غير السليم قد يؤدي إلى تلوث التربة أو المياه، أو يتسبب في حرائق وانسكابات.

التعامل مع النفايات الخطرة

أوضح المركز أن التعامل مع النفايات الخطرة يتطلب أعلى درجات الحذر، فالعملية تبدأ بالتعرف على هذه المواد وتصنيفها بدقة، مرورًا بوضع اللافتات الواضحة، وصولًا إلى استخدام أنظمة احتواء ثانوية تمنع التسربات أو الانسكابات، مشددًا على أهمية تدريب العاملين بشكل مستمر على هذه الإجراءات، بما يعزز ثقافة السلامة ويقلل احتمالية وقوع حوادث.

التشغيل والنقل تحت رقابة مشددة

ولفت المركز إلى أن تشغيل المعدات الثقيلة مثل الحفارات واللوادر والكسارات يخضع لبروتوكولات صارمة، تبدأ من اشتراط تشغيلها بواسطة عمال مدرَّبين معتمدين، مرورًا بالصيانة الدورية، وصولًا إلى تطبيق إجراءات العزل والتأمين لمنع أي تشغيل عرضي أثناء الصيانة.

وفي جانب النقل، أوضح ”موان“ أن الضوابط الفنية تلزم باستخدام ناقلين مرخصين، مع توثيق مسارات الشاحنات عبر أنظمة GPS، وتوفير مستندات شاملة تُبين مصدر النفايات ونوعها ووجهتها النهائية، بما يضمن الشفافية الكاملة ويمنع أي عمليات تخلّص غير قانونية.

التفتيش والمراقبة

أكد المركز أن عمليات التفتيش الدورية في مواقع البناء والهدم تُعد خط الدفاع الأول ضد الممارسات غير الآمنة. وتشمل هذه العمليات مراجعة ممارسات الفرز والتخزين والنقل، والاستخدام الصحيح للمعدات. كما يتم الاحتفاظ بسجلات دقيقة لرصد حالات عدم الامتثال والإجراءات التصحيحية المتخذة، بما يعزز من مستويات المساءلة والشفافية.

وأشار ”موان“ إلى أن عمليات التدقيق لا تقتصر على الفرق الداخلية فقط، بل تُجرى أيضًا بواسطة خبراء خارجيين، لضمان توافق جميع الممارسات مع اللوائح الوطنية وأهداف الصحة والسلامة.

تعزيز الاستدامة وحماية الموارد

وأوضح المركز الوطني لإدارة النفايات أن خطة الإدارة البيئية تضع في مقدمة أولوياتها الحد من الأثر البيئي الناتج عن أنشطة البناء والهدم، عبر حزمة من الإجراءات العملية التي تسهم في تعزيز الاستدامة وحماية الموارد.

ويأتي في مقدمة هذه الإجراءات التركيز على تقليل إنتاج النفايات من المصدر ذاته، وذلك من خلال الاعتماد على تقنيات البناء المعياري، وإعادة استخدام المواد القائمة، إلى جانب التوسع في تطبيق المنتجات المستدامة القابلة لإعادة التدوير، بما يحد من الهدر ويرفع من كفاءة الموارد.

وتولي الخطة أهمية خاصة لعمليات الفرز واستعادة الموارد، حيث يتم فصل الخرسانة والمعادن والأخشاب والزجاج والبلاستيك في مراحل مبكرة، وهو ما يسهل إعادة التدوير والاستخدام، ويحول النفايات من عبء بيئي إلى فرصة اقتصادية تسهم في دعم مفهوم الاقتصاد الدائري.

وفي جانب آخر، شدد المركز على ضرورة التحكم في الغبار والجزيئات المحمولة التي تمثل خطرًا على صحة العاملين والبيئة المحيطة، من خلال الاعتماد على أنظمة رش المياه ووسائل الشفط وتحسين التهوية، إضافة إلى توفير معدات الحماية الشخصية، مع إجراء رصد دوري لجودة الهواء للتأكد من مطابقتها لمعايير المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي.

ولم تغفل الخطة عن التحديات المرتبطة بالضوضاء والاهتزازات، حيث يتم إجراء تقييمات دورية لمستوياتها، مع التوجه نحو استخدام معدات منخفضة الضوضاء، وتوزيع المهام بين العمال بالتناوب، فضلاً عن الصيانة المستمرة للمعدات لضمان كفاءة التشغيل وتقليل الأثر.

أما فيما يخص التربة، فقد وضعت الخطة بروتوكولات صارمة لمنع أي تلوث محتمل، تشمل أنظمة احتواء ثانوية للحاويات، ووسوم واضحة للمواد الخطرة، إلى جانب التدخل الفوري لمعالجة أي تسربات، بما يضمن حماية النظم البيئية من أضرار طويلة الأمد.

أوضح المركز الوطني لإدارة النفايات ”موان“ أن نجاح خطة إدارة نفايات البناء والهدم لا يقتصر على تطبيق الضوابط والإجراءات الفنية فحسب، بل يعتمد بدرجة كبيرة على التواصل المستمر والتنسيق الفعّال بين جميع الأطراف العاملة في المشاريع. وأكد أن هذا الجانب يشكل ركيزة أساسية لترسيخ ثقافة السلامة وتعزيز الامتثال داخل مواقع العمل.

وفي هذا السياق، لفت ”موان“ إلى أهمية اجتماعات السلامة اليومية المعروفة باسم Toolbox Talks، والتي تُعقد بشكل منتظم لرفع وعي العاملين بالمخاطر المرتبطة بالمهام الجارية، وتذكيرهم بالإجراءات الواجب اتباعها لتفادي أي حوادث محتملة.

كما شدد المركز على دور اللافتات والرموز التوضيحية داخل المواقع، والتي تضمن وضوح التعليمات للعاملين والزوار على حد سواء، خاصة في بيئات العمل التي تضم أفرادًا من خلفيات متعددة اللغات، مما يسهل إيصال الرسائل الوقائية بشكل مباشر وفعّال.

وأضاف ”موان“ أن النشرات الدورية الأسبوعية أو الشهرية تمثل بدورها إحدى أدوات التواصل المهمة، حيث تنقل أحدث المستجدات المتعلقة بالصحة والسلامة، إلى جانب الدروس المستفادة من الحوادث السابقة، وهو ما يسهم في تعزيز الوعي الجماعي وبناء بيئة عمل قائمة على الوقاية والالتزام.