آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

توزيع الوقت الاجتماعي عبر مراحل الحياة: من الذات إلى المجتمع مع نمط أهل الأحساء

زكي الجوهر *

يُعتبر الوقت الذي يقضيه الإنسان مع من حوله مؤشرًا مهمًا على نمط حياته الاجتماعية والعائلية، كما يعكس توازن الفرد بين احتياجاته الشخصية ومسؤولياته تجاه أسرته ومجتمعه. يختلف هذا التوزيع بشكل كبير بين مراحل العمر المختلفة، ويُظهر اختلاف أولويات الإنسان وتطوره الاجتماعي والنفسي، مع اختلافات ثقافية واضحة في مناطق معينة مثل الأحساء.

1. الطفولة «0 - 12 سنة»:

في الأحساء، يتركز وقت الطفل بشكل كبير على الأسرة الممتدة، حيث يشارك الأطفال في الأنشطة العائلية التقليدية مثل الجلسات في المجالس العائلية، والمناسبات الدينية والاجتماعية. يظل الوالدان والإخوة والإخوات محور الحياة اليومية، بينما يزداد التفاعل مع الجيران والأقارب الموسع ضمن المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والمناسبات الدينية.

2. المراهقة «13 - 19 سنة»:

تبدأ المراهقين بالانفتاح على أصدقائهم وزملائهم في المدارس والأنشطة الخارجية، لكن المجالس العائلية والمحلية ما زالت تلعب دورًا مهمًا في تشكيل السلوكيات والقيم. في الأحساء، يحرص الشباب على المشاركة في الفعاليات الثقافية مثل الأمسيات الشعرية أو مجالس التراث، ويستمر التواصل مع الأهل بشكل يومي أو شبه يومي.

3. الشباب المبكر «20 - 35 سنة»:

تزداد أهمية العلاقات الزوجية والأصدقاء والزملاء، خاصة مع بدء العمل أو تأسيس الأسرة. في الأحساء، يظل التواصل مع العائلة الممتدة والمجالس التقليدية جزءًا من الحياة اليومية، حيث يعتبر الانتماء العائلي والضيافة والتكافل الاجتماعي من أهم القيم. المشاركة في المجتمع المحلي والتطوع يزداد خاصة في المناسبات الدينية والاجتماعية.

4. منتصف العمر «36 - 55 سنة»:

التركيز الأساسي ينصب على الزوجة والأبناء، مع استمرار التواصل مع الوالدين والإخوة والإخوات. أهل الأحساء يخصصون وقتًا جيدًا للمجالس العائلية التي تجمع الأجيال، وتلعب دورًا تربويًا واجتماعيًا مهمًا. الأصدقاء والزملاء يظل لديهم دور اجتماعي ومهني، والمشاركة في المناسبات العامة أو مجالس الخير تكون منتظمة.

5. الشيخوخة المبكرة «56 - 70 سنة»:

يتركز الوقت بشكل أكبر على الأبناء والأحفاد، مع انخفاض الالتزامات المهنية. في الأحساء، تزداد أهمية المجالس العائلية والدينية، حيث يحرص كبار السن على نقل الخبرات والقيم التراثية للأجيال الجديدة. الأصدقاء والجيران يشكلون شبكة دعم أساسية، والمشاركة في الفعاليات الاجتماعية تستمر، لكنها غالبًا أقل نشاطًا من مرحلة الشباب.

6. الشيخوخة المتقدمة «71 سنة فما فوق»:

الوقت يتركز بشكل كبير على العائلة المباشرة، الأبناء والأحفاد، ويعتمد كبار السن على الجيران والمجتمع المحلي كدعم اجتماعي. في الأحساء، يحافظ كبار السن على دورهم الرمزي في المجالس العائلية والاجتماعية، وينقلون التراث الشفوي والعادات الأصيلة، ما يعزز الروابط الاجتماعية ويؤكد أهمية الانتماء الجماعي.

الخلاصة:

تُظهر دراسة توزيع الوقت الاجتماعي أن الإنسان يبدأ حياته مركزًا على الأسرة المباشرة، ثم يتوسع تدريجيًا ليشمل الأصدقاء والزملاء والمجتمع، قبل أن يعود للتركيز على الأسرة في مراحل العمر المتقدمة. في الأحساء، يبرز الطابع العائلي والمجالس التقليدية كمحور رئيسي، حيث تلعب الضيافة والتكافل والدين والتراث الثقافي دورًا أساسيًا في تنظيم الوقت الاجتماعي والحفاظ على هوية المجتمع.