آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

حواجز جيولوجية وتوثيق المسار.. ضوابط جديدة للتخلص من نفايات الهدم والبناء

جهات الإخبارية

طرح المركز الوطني لإدارة النفايات ”موان“ الضوابط والأدلة الفنية الخاصة بإدارة نفايات البناء والهدم - التخلص النهائي، وذلك عبر منصة ”استطلاع“، بهدف إشراك الجهات المعنية والمختصين والمهتمين في مناقشتها وإبداء آرائهم قبل اعتمادها بشكل نهائي.

وتُعد هذه الضوابط والأدلة الفنية إحدى الركائز التنظيمية والفنية الأبرز في قطاع إدارة النفايات، إذ توفر تفصيلاً دقيقاً للحد الأدنى من الاشتراطات والمعايير التي تحكم أنشطة التخلص من نفايات البناء والهدم، بما يضمن الامتثال الكامل لأنظمة إدارة النفايات ولائحتها التنفيذية، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء البيئي والاقتصادي على حد سواء.

نظام إدارة النفايات ”WML“

يشكّل نظام إدارة النفايات المرجعية القانونية الأهم في هذا المجال، حيث ينص بشكل واضح على أن أي نشاط متعلق بإدارة النفايات لا يمكن ممارسته إلا بعد الحصول على رخصة أو تصريح من المركز.

كما يُلزم النظام مقدمي الخدمات بتحقيق أفضل النتائج البيئية والاقتصادية وفق ترتيب محدد للأولويات: التدوير أولاً، ثم استرداد الموارد، وأخيراً التخلص الآمن.

ويمنع النظام بشكل قاطع ترك النفايات أو دفنها أو حرقها أو إغراقها في غير الأماكن المخصصة، فيما يحدد واجبات مقدمي الخدمات بالتفصيل، بما يشمل الالتزام بالوثائق الرسمية المتعلقة بالنقل والمعالجة، وتقديم تقارير دورية للمركز، وقبول جميع أنواع النفايات الداخلة ضمن اختصاصهم المرخص.

اللائحة التنفيذية ”IR“: تفاصيل دقيقة

اللائحة التنفيذية لنظام إدارة النفايات جاءت لتفصّل سلسلة القيمة الكاملة للقطاع، من الجمع وحتى التخلص النهائي. وقد شددت على حظر أي نشاط يتعلق بالنفايات دون الحصول على التصاريح اللازمة، ووضعت معايير واضحة لتصنيف مواقع التخلص، سواء كانت للنفايات الخطرة، أو غير الخطرة، أو النفايات الخاملة.

تفرض الاشتراطات المنظمة لمواقع التخلص من النفايات معايير صارمة تضمن سلامة البيئة وصحة المجتمع، حيث تشدد على تصميم هذه المواقع بما يحول دون أي تلوث للتربة أو تسرب إلى مصادر المياه الجوفية والسطحية.

ويُلزم المشغلون باستخدام حواجز جيولوجية طبيعية أو صناعية مطابقة للمواصفات الدقيقة لمنع أي تسرب محتمل، إلى جانب تجهيز المواقع بأنظمة متطورة لجمع الرشح والغازات الناتجة عن تحلل النفايات، مع معالجتها أو استثمارها في إنتاج الطاقة، أو التخلص منها بطرق آمنة بعد موافقة الجهات المختصة.

وتفرض الاشتراطات وضع أنظمة للرصد البيئي والفحص الدوري للمعدات، بما يضمن جودة العوامل البيئية واستدامة التشغيل وفق أعلى المعايير.

معايير السلامة والرقابة

ألزمت اللائحة مشغلي المواقع باتخاذ تدابير صارمة لمكافحة المخاطر المحتملة مثل الروائح، الغبار، الضوضاء، الحشرات، والحرائق والانهيارات الأرضية، كما شددت على ضرورة تسوير المواقع وحراستها لمنع الدخول غير المصرح به، وضمان عدم انتشار المخلفات في المناطق المجاورة.

اشتراطات البلديات

من جانبها، وضعت وزارة البلديات والإسكان وثيقة مفصلة بعنوان ”اشتراطات التخلص من نفايات البناء والهدم والترميم“، والتي تضمنت أدواراً ومسؤوليات دقيقة لكل من طالب الترخيص، والمكتب الهندسي المصمم، والمكتب الهندسي المشرف، إضافة إلى مقاول البناء.

تتضمن المتطلبات التنظيمية الخاصة بإدارة نفايات البناء والهدم سلسلة من الإجراءات الملزمة لضمان الرقابة والتخلص الآمن، حيث يُلزم طالب الترخيص بالتعاقد مع ناقل معتمد يتولى نقل جميع المخلفات إلى المواقع المحددة من قِبل الأمانة، مع متابعة دقيقة لمسار النفايات.

تُلزم المكاتب الهندسية بحساب الكميات التقديرية للمخلفات منذ مرحلة استخراج الرخصة وإدخالها عبر منصة ”بلدي“، بما يضمن الشفافية ودقة البيانات.

ويُشترط كذلك استخدام نموذج رسمي لتوثيق استلام النفايات، بهدف تسجيل الكميات المنقولة إلى المرادم بشكل معتمد، وصولاً إلى تقديم وثيقة نهائية تثبت اكتمال عملية التخلص من المخلفات عند انتهاء المشروع، وهو ما يعزز الموثوقية والالتزام في إدارة هذه النفايات.

نظام حماية البيئة ”EPL“: صمام أمان

إلى جانب أنظمة إدارة النفايات، يشكل نظام حماية البيئة مظلة أوسع، تركز على حماية البيئة واستدامتها في جميع القطاعات.

النظام يشترط الحصول على تراخيص مسبقة لأي نشاط ذي أثر بيئي، ويلزم المرخص لهم بتركيب أجهزة للرصد والقياس وتقديم تقارير دورية للجهات المختصة، إضافة إلى وضع برامج لمراقبة الانبعاثات والملوثات.

ويحظر النظام تماماً ترك النفايات أو دفنها أو حرقها في غير الأماكن المخصصة، ويعتبر ذلك من المخالفات البيئية الجسيمة، خاصة إذا تعلق الأمر بالتخلص من النفايات الخطرة في الأوساط البيئية.

في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز إدارة نفايات البناء والهدم، وضمان التخلص منها بطرق آمنة ومستدامة، تبرز خطط ضمان جودة البناء والتشغيل كأحد الأعمدة الرئيسية للحفاظ على البيئة وصحة الإنسان وسلامة العاملين.

وتأتي هذه الخطط متكاملة مع برامج الصحة والسلامة والإدارة البيئية، لتشكل منظومة متكاملة من الإجراءات والمعايير التي تنظم عمل المرادم وتضمن فعاليتها على المدى الطويل.

ضمان جودة البناء ”CQA“

تبدأ رحلة الجودة من لحظة الإنشاء عبر خطة ضمان جودة البناء ”CQA“، التي تمثل أداة محورية لإثبات التزام مشاريع المرادم بالتصاميم المعتمدة والمعايير التنظيمية. وتكمن أهمية هذه الخطة في أنها لا تقتصر على مجرد التوجيهات النظرية، بل تشمل إجراءات تفصيلية للتأكد من أن كل مرحلة من مراحل البناء قد تم تنفيذها وفق أعلى معايير الدقة والأمان.

وتتطلب الخطة أن يتم تعيين مهندس ضمان جودة مستقل من طرف ثالث، تكون مهمته الإشراف الكامل على أعمال الإنشاء، والتحقق من مطابقة المواد والطرق المستخدمة لمتطلبات التصميم. وتشمل آلية التنفيذ سلسلة من الاختبارات الميدانية والمخبرية، إضافة إلى توثيق دقيق لجميع الإجراءات، وتوفير خطة طوارئ شاملة لأي مستجدات.

وتغطي خطة CQA جميع عناصر المردم، بدءاً من نظام البطانة الأساسية، مروراً بأنظمة التغطية وتصريف المياه، وصولاً إلى البنية التحتية والمعدات المساندة.

وبعد الانتهاء من التنفيذ، يتم إعداد تقرير تحقق مفصل يُرفع إلى الجهة المختصة مثل المركز الوطني لإدارة النفايات ”MWAN“، يتضمن نتائج الاختبارات، ومبررات أي انحرافات عن الخطة، إضافة إلى رسومات ”كما نُفّذ“ ”As-built“ ونسخ من السجلات اليومية لمهندس الموقع.

لا تقتصر عملية ضمان الجودة على الرقابة المحلية فحسب، بل تُلزم المشاريع باتباع أحدث المعايير الدولية مثل ASTM وISO, إضافة إلى مواصفات معهد أبحاث المواد الجيوصناعية ”GRI“، بما يضمن توافق الإنشاءات مع أفضل الممارسات العالمية. وتوثّق هذه المعايير ضمن المواصفات الفنية وخطة CQA المعدة من قبل مهندسين متخصصين، لضمان مواءمة المشروع مع المتطلبات البيئية والهندسية.

ضمان الجودة التشغيلية

ومع الانتقال من مرحلة الإنشاء إلى مرحلة التشغيل، تبرز أهمية ضمان الجودة التشغيلية، الذي يمثل صمام الأمان لاستدامة الأداء. فإدارة الجودة في مواقع الردم لا تهدف فقط إلى رفع كفاءة العمليات، بل تمتد لتقليل الأثر البيئي، وتعزيز سلامة العاملين، وحماية المجتمعات المحيطة.

وتتضمن هذه المرحلة إجراءات صارمة، منها تحديد معايير واضحة لقبول النفايات، وإجراء التحقق في الموقع عند وصول الشحنات، إضافة إلى مراقبة بيئية دورية تشمل جودة الهواء وفحوصات المياه والتربة، لضمان عدم تسرب أي ملوثات. كما يجري اعتماد نظام توثيق متكامل يتيح تتبع مسار النفايات من لحظة إنتاجها حتى التخلص النهائي منها.

وتعتمد الخطة كذلك على مبدأ التحسين المستمر، حيث يتم تحليل أي مشكلات أو حوادث تقع في الموقع، وتطبيق إجراءات تصحيحية فورية، بما يضمن تعزيز الكفاءة التشغيلية وتقليل المخاطر المستقبلية.

الصحة والسلامة والبيئة ”HSE“

بجانب ضمان الجودة، تأتي اعتبارات الصحة والسلامة والبيئة لتشكل ركناً أساسياً في إدارة نفايات البناء والهدم. فالتعامل مع هذه النفايات ينطوي على مخاطر متعددة، تبدأ من المواد الخطرة مثل الأسبستوس والرصاص، ولا تنتهي عند التحديات التشغيلية في بيئات عمل معقدة وديناميكية.

ولذلك، يتم إعداد خطة شاملة للصحة والسلامة ”H&S“ تشمل إدارة المخاطر الصحية، وسلامة العمال، والسلامة التشغيلية، إضافة إلى خطط الطوارئ والتدريب المستمر.

إدارة المخاطر الصحية

تتضمن إدارة المخاطر الصحية تقييم شامل لجميع التهديدات المرتبطة بالنفايات، سواء كانت كيميائية أو جسدية. ويتم تحديد المواد الخطرة ووضع بروتوكولات صارمة للتعامل معها، تشمل الاحتواء والنقل والتخلص الآمن، مع اعتماد أنظمة للرصد الدوري ومراجعة مستمرة لخطة المخاطر.

سلامة العمال

سلامة العمال تمثل خط الدفاع الأول في أي موقع. ومن هنا، يتم توفير معدات الحماية الشخصية ”PPE“ مثل الخوذ، النظارات، أجهزة التنفس، واقيات الأذن، القفازات، والأحذية الخاصة، إضافة إلى برامج تدريب متخصصة لضمان الاستخدام السليم لهذه المعدات.

السلامة التشغيلية

تشمل السلامة التشغيلية إدارة حركة المرور داخل الموقع عبر مسارات محددة للشاحنات والمشاة، وإجراء فحوصات دورية للمعدات، وتطبيق بروتوكولات القفل/الوسم ”Lockout/Tagout“ عند إجراء الصيانة، إضافة إلى الحفاظ على نظافة الموقع وضمان الإضاءة الكافية في جميع الأوقات.

الاستعداد للطوارئ

ولأن احتمالية وقوع الحوادث قائمة مهما بلغت الإجراءات من صرامة، فإن خطط الاستعداد للطوارئ تُعد جزءاً لا يتجزأ من المنظومة.

وتشمل هذه الخطط وضع سيناريوهات مفصلة لمواجهة الحرائق أو الانسكابات الكيميائية أو الإصابات، مع إجراء تدريبات دورية للعاملين وتوفير أدوات الإسعاف الأولي في كل أنحاء الموقع.

الرفع والمناولة الآمنة

وللحد من الإصابات الناتجة عن المناولة اليدوية، يتم تدريب العمال على تقنيات الرفع الآمن، والتعامل مع الأحمال الثقيلة أو غير المستقرة باستخدام معدات مساعدة، بما يخفف من الإصابات العضلية ويعزز سلامة الأداء.

خطة الإدارة البيئية ”EMP“

إلى جانب الصحة والسلامة، تأتي خطة الإدارة البيئية ”EMP“ لتضمن حماية البيئة المحيطة بالموقع من أي آثار سلبية. وتستند هذه الخطة إلى المادة الثامنة من نظام حماية البيئة، وتُلزم جميع مشغلي المرادم بوضع برامج متكاملة للسيطرة على الملوثات ومراقبة الأداء البيئي.

السيطرة على الغبار والجسيمات المحمولة جواً

الغبار الناتج عن أنشطة الردم يُعد من أبرز المخاطر البيئية والصحية. وللحد منه، يتم اعتماد إجراءات مثل تغطية النفايات، استخدام مثبطات الغبار، إنشاء طرق داخلية مرصوفة، وزراعة الغطاء النباتي في المناطق المكشوفة، إضافة إلى المراقبة اللحظية لمستويات الجسيمات الدقيقة ”PM10“.

التعرض للضوضاء والاهتزازات

بما أن المعدات الثقيلة مصدر رئيسي للضوضاء والاهتزاز، يتم إجراء تقييمات دورية للمستويات الصوتية في الموقع، وتطبيق تدابير وقائية مثل اختيار المعدات منخفضة الاهتزاز وتدوير مهام العاملين لتقليل فترة التعرض.

تلوث التربة

تسرب الملوثات إلى التربة يمثل خطراً طويل الأمد، لذلك، تُفرض بروتوكولات صارمة لمنع وصول المواد الخطرة إلى الأرض، مع إجراء فحوصات منتظمة للتربة والمياه الجوفية المحيطة لرصد أي مؤشرات مبكرة للتلوث واتخاذ التدابير التصحيحية عند الحاجة.

كل هذه الجهود لا تكتمل إلا بوجود نظام للرصد والتقارير الدورية، يشمل جودة الهواء، المياه، مستويات الضوضاء، والالتزام بالمعايير البيئية، وتُرفع هذه التقارير إلى الجهات المختصة لتقييم الأداء وتطبيق أي تعديلات لازمة.

وأخيراً، يمثل التواصل والتنسيق بين جميع الأطراف العاملة في مواقع الردم عاملاً أساسياً لضمان الالتزام ببروتوكولات الصحة والسلامة والبيئة.

ويشمل ذلك عقد اجتماعات يومية قصيرة ”Toolbox Talks“ لمناقشة المخاطر والمهام، وتوفير لافتات واضحة وتعليمات مرئية داخل الموقع، إضافة إلى نشرات دورية للتوعية بأحدث المستجدات والإجراءات.