فرز إلزامي من المصدر.. 73 ضابطًا تنظيميًا وفنيًا لإدارة نفايات البناء والهدم

طرح المركز الوطني لإدارة النفايات عن طرح الضوابط والأدلة الفنية الخاصة بإدارة نفايات البناء والهدم - الفرز من المصدر، عبر منصة ”استطلاع“، وذلك لتمكين مختلف أصحاب المصلحة من الاطلاع عليها وإبداء مرئياتهم قبل اعتمادها.
ويأتي هذا التوجه في سياق مساعي المملكة نحو اقتصاد دائري مستدام يقلل من النفايات ويعزز من فرص إعادة التدوير.
وأكد المركز أن هذه الأدلة تمثل أحد أهم الممكنات النظامية والفنية للقطاع، إذ توفر بشكل مفصل الحد الأدنى من الضوابط والاشتراطات لمجموعة واسعة من الأنشطة المرتبطة بنفايات البناء والهدم، بما يتماشى مع نظام إدارة النفايات ولائحته التنفيذية.
وتُعد هذه الأدلة بمثابة أداة رئيسية للدعم والإرشاد الفني لمختلف الجهات المعنية، سواء كانوا منتجين للنفايات، أو مقدمي خدمات النقل والمعالجة، أو المستثمرين في قطاع إعادة التدوير، فضلًا عن الجهات الحكومية والوزارات والقطاعات الخاصة ذات العلاقة.
تتضمن الضوابط المطروحة أساسًا قانونيًا شاملاً يحكم الأنشطة المتعلقة بخطة إدارة نفايات البناء والهدم ”CDW“، وتغطي سلسلة القيمة الكاملة للنفايات ابتداءً من التوليد وحتى التخلص.
وتشمل هذه المتطلبات كل الأطراف المعنية، بما في ذلك أصحاب المشاريع، المقاولين، المكاتب الهندسية المصممة والمشرفة، الناقلين المرخصين، والجهات البلدية المعنية بالمردم.
وفقًا لما جاء في نظام إدارة النفايات ”WML“، يتعين على منتجي النفايات الالتزام بعدة تدابير أساسية، من أبرزها: ترشيد استخدام المواد والموارد الطبيعية، وإعادة استخدام المنتجات متى ما كان ذلك ممكنًا، وتقليل حجم النفايات الناتجة عن عمليات البناء والهدم.
أوجب النظام على المنتجين تخزين النفايات في أماكن مخصصة وملائمة، وفرز النفايات القابلة لإعادة الاستخدام أو التدوير مباشرة من المصدر، وذلك عبر وضعها في حاويات مخصصة تحددها اللوائح.
وبحسب المادة ”12“ من النظام، فإن المجمعات السكنية والتجارية والجهات الحكومية مطالبة بالتعاقد مع مقدم خدمة مرخص، بما يضمن معالجة النفايات وفقًا لاشتراطات المركز.
تأتي اللائحة التنفيذية مكملة للنظام، حيث عالجت القضايا الرئيسية التي تغطي كامل سلسلة القيمة للنفايات.
ففي المادة ”65“، أُلزم منتج النفاية بالالتزام بالضوابط التي يضعها المركز بشأن الفصل من المصدر. أما المادة ”66“، فقد نصّت على وجوب فصل النفايات إلى قابلة لإعادة الاستخدام أو التدوير، ووضعها في أماكن مخصصة تتوافق مع أنظمة الصحة والسلامة.
أما المادة ”67“، فقد حمّلت مقدمي الخدمات - من ناقلين ومعالجين - مسؤولية التأكد من استمرارية الفصل من المصدر خلال جميع مراحل الإدارة، ابتداءً من الجمع والنقل ووصولًا إلى المعالجة والتخلص.
وشددت المادة ”68“ على ضرورة فصل النفايات الخطرة عن غير الخطرة في مواقعها الأصلية، مع اتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن إمكانية تحديدها بدقة، بينما منعت المادة ”69“ مزج أنواع النفايات الخطرة إلا بموافقة مسبقة من المركز.
وفي حال تعذر الفصل من المصدر، ألزمت المادة ”70“ مالك النفاية باتخاذ إجراءات تحول دون تفاعل المواد الخطرة بما يضر بالصحة العامة أو البيئة، مؤكدة ضرورة عدم القيام بأي تصرف يعقد من معالجة النفايات مستقبلًا.
إلى جانب نظام إدارة النفايات، تطرقت الأدلة إلى الضوابط الصادرة عن وزارة الشؤون البلدية والإسكان، والمتعلقة باشتراطات التخلص من نفايات البناء والهدم والترميم.
فقد نصت هذه الاشتراطات على أن طالب الترخيص ملزم بالتعاقد مع ناقل مرخص لنقل جميع النفايات إلى مواقع التخلص التي تحددها الأمانات أو المردم، كما أوكلت للمكاتب الهندسية المصممة مهمة حساب الكميات التقديرية للمخلفات باستخدام معادلات رياضية محددة أثناء إجراءات إصدار رخصة البناء أو الهدم، على أن تضاف هذه البيانات إلى الرخص عبر منصة ”بلدي“.
أما المكاتب الهندسية المشرفة، فقد حملتها الاشتراطات مسؤولية التحقق من وجود عقد مع ناقل مرخص، والتأكد من استخدام المقاول لنماذج استلام النفايات خلال فترة تنفيذ المشروع، كما تلتزم هذه المكاتب بتقديم تقارير مفصلة عند انتهاء المشروع، تتضمن وثائق تؤكد نقل جميع المخلفات إلى المواقع المحددة، بما يضمن إغلاق المشاريع وفق ضوابط واضحة.
إضافة إلى ذلك، شملت الأدلة متطلبات نظام حماية البيئة ”EPL“، الذي يهدف إلى حماية البيئة وتنميتها واستدامتها، وضمان التزام الأنشطة ذات الأثر البيئي بالمعايير الصارمة.
ونصت المادة ”3“ على منع ممارسة أي نشاط بيئي إلا بعد الحصول على التصاريح والتراخيص اللازمة، بينما حمّلت المادة ”8“ المصرح لهم مسؤوليات متعددة، من بينها: الالتزام بالاشتراطات والمعايير البيئية،، واتخاذ الإجراءات اللازمة عند الاقتراب من تجاوز المقاييس، ووضع برامج للرصد والقياس والرقابة البيئية،
وتتضمن أيضًا تقديم تقارير دورية للجهة المختصة عن الانبعاثات والملوثات، وتنفيذ دراسات تدقيق بيئي دورية، وإعادة الأوساط البيئية المتأثرة إلى وضعها الطبيعي، ودعم الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الدائري
ويرى متخصصون في مجال إدارة النفايات أن هذه الضوابط والأدلة ستسهم في تعزيز الاستثمارات في قطاع إعادة التدوير، من خلال تشجيع المنتجين والمقاولين على الالتزام بالفرز من المصدر، ما يقلل من حجم النفايات المهدرة، ويرفع نسب المواد المعاد تدويرها.
إلى جانب الضوابط التنظيمية والأدلة الفنية التي طرحها المركز الوطني لإدارة النفايات يبرز جانب محوري يعلق باعتبارات الصحة والسلامة والبيئة ”HSE“ إذ إن التعامل مع نفايات البناء والهدم ينطوي على مخاطر متعددة، تبدأ من التهديدات الصحية للعاملين، وتمتد إلى الجوانب البيئية التي تمس المجتمعات المحيطة، ومن ثم، فإن معالجة هذه المخاطر بشكل استباقي يعد شرطًا أساسيًا لضمان نجاح خطط الفرز من المصدر وتحقيق أهداف الاقتصاد الدائري.
تشير الدراسات إلى أن بعض مكونات نفايات البناء والهدم قد تحتوي على مواد خطرة مثل الأسبستوس والرصاص والكيماويات، وهي عناصر يمكن أن تشكّل تهديدًا جسيمًا على صحة الإنسان إذا لم تتم إدارتها وفق المعايير المعتمدة.
وفي جانب آخر، تمثل مواقع البناء والهدم بيئات ديناميكية معقدة، حيث تتداخل المخاطر المرتبطة بسلامة العاملين مع احتمالية التلوث البيئي، وهنا تأتي أهمية الإدارة السليمة للنفايات، التي يمكن أن تسهم في تقليل حجم المخلفات المرسلة إلى المرادم، بما يحافظ على الموارد الطبيعية، ويحد من التلوث، ويدعم الممارسات المستدامة.
وضعت الأدلة خطة متكاملة للصحة والسلامة ”H&S“ تبدأ بـ تقييم شامل للمخاطر، عبر تحديد جميع التهديدات المرتبطة بفرز نفايات البناء والهدم من المصدر، ثم تصنيفها بحسب احتمالية وقوعها وخطورة نتائجها، ويسمح ذلك بوضع مصفوفة مخاطر واضحة تساعد في ترتيب الأولويات وصياغة خطة للتخفيف من آثارها.
كما شددت الخطة على أهمية المراجعة الدورية لخطة المخاطر، بما يضمن التكيّف مع التغيرات في بيئة العمل أو في التشريعات التنظيمية.
اعتبرت الأدلة أن معدات الحماية الشخصية ”PPE“ تمثل خط الدفاع الأول للعاملين في مواقع الفرز. وتشمل الخوذ الواقية لحماية الرأس من سقوط الأجسام، والنظارات الواقية لحماية العينين من الغبار والشظايا، وأجهزة التنفس لمنع استنشاق الغازات أو الأبخرة السامة.
وأوصت باستخدام سدادات الأذن أو واقيات السمع في المواقع ذات الضوضاء العالية، والقفازات والأحذية المانعة للانزلاق لضمان الحماية من الإصابات المباشرة.
أكدت الأدلة أن التعامل مع النفايات الخطرة يتطلب بروتوكولات صارمة تبدأ بـ التصنيف والتحديد الواضح للمواد مثل الأسبستوس والرصاص.
وأوصت بضرورة تدريب العاملين على التعرف على هذه المواد وفهم مخاطرها، مع تمييز الحاويات المخصصة لها بملصقات واضحة لتفادي الأخطاء.
ودعت إلى استخدام أنظمة احتواء تمنع الانسكابات، خاصة عند التعامل مع النفايات السائلة، مع الالتزام الكامل بالتشريعات المحلية الخاصة بالتخزين والنقل والتخلص الآمن، وأشارت إلى أهمية التدريب المستمر للعاملين في هذا المجال لتعزيز ثقافة السلامة والمسؤولية البيئية.
سلّطت الأدلة الضوء على ضرورة تطبيق تقنيات الرفع اليدوي الآمن لحماية العاملين من الإصابات العضلية فيما أوصت بتدريبهم على طرق الرفع الصحيحة باستخدام الأرجل بدلًا من الظهر، وحمل الأحمال بالقرب من الجسم، وطلب المساعدة أو الاستعانة بالوسائل الميكانيكية في حال ثقل المواد أو عدم توازنها.
شددت الأدلة على ضرورة إعداد خطة استجابة للطوارئ ”ERP“ تشمل جميع السيناريوهات المحتملة مثل تسرب المواد الكيميائية، مخاطر الحريق، أو انهيارات المواقع.
وتوصي الخطة بتشكيل فرق متخصصة للاستجابة، وتدريبها على بروتوكولات الإخلاء، ووسائل الاحتواء، والإسعافات الأولية، إلى جانب تنظيم تدريبات دورية لتعزيز الجاهزية والاستعداد.
أوصت الأدلة بإنشاء نظام يتيح للعاملين الإبلاغ عن الحوادث أو المخاوف المتعلقة بالسلامة دون الخوف من أي تبعات، مع استخدام هذه البيانات في تحليل الاتجاهات وتحسين الممارسات. ويُعتبر هذا النظام وسيلة لتعزيز الشفافية وبناء ثقافة وقائية داخل المواقع.
إلى جانب الاعتبارات الصحية والوقائية، تناولت الأدلة خطة الإدارة البيئية ”EMP“ التي تستند إلى دراسات تقييم الأثر البيئي والاجتماعي.
وتشمل هذه الخطة: التحكم في الغبار والجزيئات المحمولة جوا، والتقليل من الضوضاء والاهتزازات ومنع تلوث التربة والرصد والتقارير الدورية
شددت الأدلة على أن نجاح بروتوكولات الصحة والسلامة والبيئة يتوقف على التواصل الفعّال بين جميع الأطراف في مواقع البناء والهدم.
وأوصت بعقد اجتماعات يومية قصيرة ”Toolbox Talks“ لمناقشة المخاطر الحالية، إلى جانب استخدام اللافتات المرئية والرموز التوضيحية متعددة اللغات لتفادي أي سوء فهم.
وأوصت بإصدار نشرات دورية تتضمن تحديثات السلامة والدروس المستفادة من الحوادث السابقة، بما يضمن استمرار توعية العاملين وتعزيز ثقافة الالتزام.