الشيخ آل إبراهيم يواجه انهيار الأسر بـ ”ميثاق أخلاقي للنجاة“

أكد الشيخ صالح آل إبراهيم أن الأصل في تفاقم المشكلات الأسرية وحالات الطلاق يعود بشكل أساسي إلى غياب أو ضعف المنظومة الأخلاقية بين الزوجين.
وأشار إلى أن هذا العامل هو القاسم المشترك بين غالبية الأسباب التي تسردها الدراسات الاجتماعية، ومقدمًا تصورًا عمليًا لمواجهة هذه الظاهرة عبر ما أسماه ”الميثاق الأخلاقي للأسرة“.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها مؤخرًا في الحسينية الحيدرية بسيهات، حيث أوضح أن أبحاثًا أجريت في المجتمعات الخليجية حددت ما لا يقل عن خمسة عشر سببًا رئيسيًا للطلاق، من بينها سوء المعاملة، والعنف، والخيانة الزوجية، والبخل، وضعف الحوار، والإهمال، والانشغال المفرط بوسائل التواصل الاجتماعي.
وشدد آل إبراهيم على أن هذه الأسباب المتعددة، رغم اختلاف ظواهرها، تنبع جميعها من مصدر واحد وهو التدهور الأخلاقي في العلاقة.
وعرّف الميثاق الأخلاقي للأسرة بأنه مجموعة القيم والمبادئ السامية التي يجب أن تحكم التعامل بين الزوجين خاصة، وأفراد الأسرة عامة، مثل الاحترام المتبادل، والتقدير، والصدق، والتعاون، واللطف في المعاملة.
وأوضح أن الالتزام بهذا الميثاق لا يمثل رفاهية، بل ضرورة لبناء حياة زوجية مستقرة وسعيدة، فهو يعزز أواصر الحب والانسجام، ويحد من النزاعات، ويساهم في بناء أسرة متماسكة وقوية.
ولفت إلى أن الأثر الأهم لهذا الميثاق يكمن في قدرته على خلق بيئة صحية ومناسبة لتربية الأبناء تربية سليمة، بعيدًا عن العقد والاضطرابات النفسية التي قد تنشأ في بيئة تسودها السخرية والعنف والإهمال.
واستشهد بما ورد عن أمير المؤمنين بأن ”بحسن الأخلاق يطيب العيش“، وبأن ”حسن الخلق يورث المحبة ويؤكد المودة“، للتأكيد على أن القيم الفاضلة هي أساس السعادة الأسرية.
وقدّم الشيخ آل إبراهيم هيكلًا تفصيليًا للميثاق، مشيرًا إلى أنه يتكون من أحد عشر بُعدًا أساسيًا، يتفرع من كل منها عشرة مبادئ وقواعد أخلاقية تنظم جوانب الحياة الأسرية المختلفة.
وتشمل هذه الأبعاد جوانب حيوية كالعاطفة والحب، والتواصل والحوار، والمسؤوليات، والعلاقة الجنسية، وإدارة الخلافات، والشؤون المالية، والعلاقة مع الأهل، وكيفية التعامل مع الأزمات.
وركز في محاضرته على ثلاثة أبعاد رئيسية، أولها بعد العاطفة والحب، حيث استند إلى دراسة أفادت بأن 80% من حالات الانفصال حدثت بسبب التباعد العاطفي التدريجي وغياب الشعور بالحب والتقدير.
وأكد على أهمية فهم الاحتياجات العاطفية للشريك والعمل على تلبيتها، والتعبير عن الحب بالكلمات والأفعال، مستشهدًا بحديث الرسول ﷺ: ”قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبدًا“.
أما البعد الثاني فكان التواصل والحوار، الذي وصفه بأنه من أقوى العوامل تأثيرًا في العلاقة، فإما أن يبنيها إذا كان إيجابيًا، أو يحطمها إذا كان سلبيًا.
ودعا إلى الالتزام بآداب الحوار، مثل اختيار الوقت والمكان المناسبين، والتحدث بنبرة هادئة ولطيفة، وتجنب الكلمات الجارحة، مع ضرورة الاستماع الجيد للطرف الآخر دون مقاطعة.
وفي البعد الثالث، تناول إدارة الخلافات، مؤكدًا أن وقوع الخلافات أمر طبيعي في كل أسرة، لكن المشكلة ليست في حدوثها، بل في طريقة التعامل معها.
وأوضح أن الأسر التي تنهار عند أول خلاف هي التي تفتقر إلى القواعد الأخلاقية لإدارة النزاع، بينما الأسر الناجحة هي التي تعرف كيف تحتوي الخلاف وتتوصل إلى حلول مرضية. ومن أهم مبادئ إدارة الخلاف الحفاظ على الهدوء، والابتعاد عن الاتهامات، والاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار.
?si=Fuq_cNVAglqAY8Dq