آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

اللص الأنيق

بدرية حمدان

عبارة قاسية تتكرر كثيرًا في مواقف عدّة، قد تكون في مكانها، وأحيانًا أخرى لا تجد لها معنى: «فات الأوان».

ليست كل الفرص ذهبية، وليست كل الأبواب التي تُفتح تستحق العبور. أحيانًا، يكون أعظم ما نفعله هو أن نُدير ظهرنا لفرصة تأخرت كثيرًا، ونُكمل طريقنا بثقة بأن ما مضى لم يعد لنا، وما هو قادم سيكون أجمل إن أحسنّا الاستعداد له.

نعتذر عن حلم طال انتظاره، ضحّينا لأجله بالكثير، لكننا الآن نجده مجرد فتات من الماضي، لا يستحق الالتفات إليه.

قد تتوالى الفرص وتتعدد الأبواب التي تُفتح في مراحل مختلفة من العمر، بعضها يأتي في الوقت المناسب تمامًا، فيُغتنم ويؤتي ثماره، وبعضها الآخر يأتي متأخرًا، بعد أن يكون الزمن قد تغيّر، والظروف قد تبدّلت، والنفوس قد تعبت، فلا تجد تلك الفرص مكانًا لها، ولا تترك أثرًا كما لو كانت قد جاءت في وقتها.

ليست كل فرصة متأخرة بلا قيمة، لكن هناك لحظات معيّنة يفقد فيها الشيء معناه، حتى وإن كان مرغوبًا. لذا لا تكون الفرصة مرفوضة في ذاتها، بل لأن الوقت قد تجاوزها، ولأن الحياة بطبيعتها لا تنتظر أحدًا.

فالمؤلم هنا ليس ضياع الفرصة وفوات الأوان، بل أن تأتيك الفرصة بعد أن توقفت عن انتظارها.

تراها كاملة أمامك كما تمنيتها، لكن في اللحظة الخطأ.

فالفرص ليست دائمًا متعلّقة بجوهرها فقط، بل بتوقيت وصولها. التأخّر لا يُقاس بالساعات أو الأيام فقط، بل يُقاس بما تغيّر فينا: كبرنا، نضجنا أكثر، وأصبحت عندنا رؤية جديدة للأمور، مرتبطون بأولويات، ومسؤوليات أهم، فتفقد تلك الفرصة جاذبيتها.

قد تأتي المصالحة بعد سنوات من الجفاء، الزمن لا يُعيد نفسه، ولا تعود المشاعر.

نحن لا نغلق الأبواب لأنّه فات الأوان، ولا لأننا قساة، بل لأننا تعبنا من الانتظار، فالوقت سرق منّا أجمل لحظات العمر.

أحيانًا، نتشبّث بها فقط لنقنع أنفسنا أننا ما زلنا قادرين على الاختيار، رغم أن السياق قد تغيّر كليًا.