آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

خزائن الحياة وذكرياتها بحلوها ومرّها

جمال حسن المطوع

فعلاً، لكلّ منا خزائن في هذه الحياة، مليئة بالذكريات، حلوها ومرّها، وبؤسها وفرحها، في سويداء قلوبنا، من ظروف وتقلبات مصيرية، منها ما يدخل السرور على نفوسنا وتُبهج خواطرنا من أحداث عشناها، تركت آثارًا واضحة في رفع معنوياتنا، كانت دافعًا لنا إلى طموحات نهواها وننشدها، لأنها خلقت بالنسبة لنا أجواءً من التفاؤل والأمل في مسار مجريات حياتنا إلى ما هو الأفضل والأحسن، وتحقيق بعض الأمنيات على مستويات كنا نبتغيها ونتمناها على صُعُد شتى في حياتنا العائلية والاجتماعية والعلمية والعملية، أوجدت استقرارًا نوعيًّا من الهدوء والطمأنينة والأمن والأمان المطلوب، وقد تحققت بعض من أحلامنا بفضل من الله ومننه التي لا تُحصى ولا تُعدّ.

قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه:

﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ? إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل - 18]

في مقابل ذلك، هناك خزائن من الذكريات الأليمة والمفزعة، كفقدِ أحباءَ أو أعزاءَ علينا، تركوا وراءهم، وبرحيلهم، غصّات من الألم والحرقة، لا تزال ذكراهم ترفرف علينا همًّا وغمًّا بين آونة وأخرى على أحاسيسنا ووجداننا، ما يزيد الأمر سوءًا عندما تتراكم وتترابط مع أمور أخرى لم نحقق فيها شيئًا من آمالنا المعقودة، فيما كنا نسعى إليه من أهداف معنوية ومادية تنتشلنا من مستنقع اعترض طريقنا، ومعوقات وصعوبات حالت دون إنجاز ما خُطّط له من غايات ومقاصد، والتي كانت حاجزًا وسببًا في خلق حالة من التوتر والقلق وفقدان ما كنا ننتظره في حياتنا من تسهيل بعض الصعاب التي عايشناها وكانت مُرّة وعصيبة، أفقدتنا آمالًا وأمنياتٍ كنا ننتظرها بفارغ الصبر، حيث صدق المثل القائل: ما كل ما يتمنى المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وأصبنا على أثرها بخيبة أمل. ولكن نقول: هذه مشيئة الله في خلقه، فلا تعاسة دائمة، ولا سعادة مطلقة، ولكن أمر بين أمرين. هذه هي خزائن ذكرياتنا في هذه الحياة، ويجب التعامل معها بقبول ورضا وشفافية، مهما كانت نتائجها سلبًا أو إيجابًا، ونركّز على الأخذ بالأسباب والأقدار الربانية، حيث قال الله سبحانه وتعالى:

﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير - 29]

إذًا، لنجعل هذه الخزائن عناوين بارزة لرفع كل معنوياتنا، والتعامل بما هو كائن ومقدّر، كما أمرنا الباري جلّت قدرته بذلك، وما هذه الذكريات في خزائن نفوسنا إلا أقدارًا وأسبابًا كُتبت علينا… والله الموفّق.