”القمقم“ السعودية تتربع على عرش المسرح العربي.. وتحصد 4 جوائز في الأردن

حققت المسرحية السعودية ”القمقم“ إنجازاً لافتاً للمسرح السعودي، بعد فوزها بأربع جوائز رئيسية في الدورة الثامنة عشرة من مهرجان ”عشيات طقوس“ المسرحي في المملكة الأردنية الهاشمية.
وتُوّج العمل بجوائز أفضل عرض متكامل، وأفضل إخراج، وأفضل نص، وأفضل سينوغرافيا، ليؤكد بذلك على النضج الفني الذي وصلت إليه التجربة المسرحية في المملكة وقدرتها على المنافسة بقوة في المحافل العربية.
العرض، الذي جاء بدعم من هيئة المسرح والفنون الأدائية، قدّم رؤية فنية عميقة تمزج بين التراجيديا والعبث، حيث استعرض قصة السجين العجوز ”الحوت“ الذي أمضى عشر سنوات خلف القضبان ظلماً.
وأوضح مخرج العمل سلام السنان، عبر معالجته البصرية، أن السجن ليس مجرد مكان، بل هو رمز للقيود الاجتماعية والوجودية التي تكبّل الروح الإنسانية، وهو ما تجلّى في تحوّل القضبان إلى جدران متحركة تطارد الشخصيات وتضيق عليها الخناق.
وقدّم كاتب النص عبد العزيز اليوسف شخصيات متنوعة عكست بسخرية مريرة قسوة الواقع، من بينها شخصية الأبكم الذي يتواصل بلغة مبتورة، واللص المحتال الذي يستغل العالم الافتراضي لخداع ضحاياه.
إلا أن ذروة المأساة تمثلت في شخصية ”الحوت“، الذي يكتشف بعد حصوله على البراءة أن العدالة المتأخرة لا تأتي بالخلاص، بل تتحول إلى عبء جديد يضاف إلى سنوات عمره الضائعة.
واعتمدت المسرحية على الأداء الجماعي المتميز لفريق العمل الذي ضم حسين يوسف، وناصر عبد الواحد، وقاسم حجر، ومحمد الحمود، وقاسم المرهون، وفياض منير، وعادل الخاطر، والذين نجحوا في تجسيد اللوحة المسرحية التي تجمع بين الكوميديا السوداء والتراجيديا المؤلمة.
وتعززت هذه الرؤية بالإضاءة التي صاغها عادل القطان والإشراف العام لمجيد العبيدي، مما خلق تجربة بصرية متكاملة حازت على إعجاب لجنة التحكيم والجمهور.
ويُعد هذا التتويج دليلاً على أن المسرح السعودي لم يعد مجرد حضور رمزي، بل أصبح مشروعاً فنياً متكاملاً يطرح قضايا إنسانية عابرة للحدود، ويقدم لغة جمالية خاصة تعزز مكانته على الخارطة الإبداعية الإقليمية.